مصطفى أكيول - حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس
بدأت عملية تحرير الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية من تنظيم الدولة "داعش". يقود هذه العملية الجيش العراقي والميليشيات الشيعية وقوات البيشمركة الكردية، وبعض القوى السنية التي دربتها تركيا، وبطبيعة الحال الولايات المتحدة التي تتولى تنسيق الجهود. لكن تركيا غاضبة إلى حد ما مما يجري. لماذا؟ ما الذي يحدث في الواقع؟
قبل أن أُقدم الجواب، لا بد من التأكيد على بعض الحقائق التي تتعارض مع الروايات الشائعة حول تركيا في الإعلام الغربي.
تقول إحدى هذه الروايات إن تركيا تتساهل إلى حد مع داعش أو حتى داعمة لهذه القوة الإرهابية التي تعد أكثر الجماعات التي شهدها العالم وحشية. لكن هذا ليس صحيحا، حيث بإمكانكم أن تروا الحملة العسكرية التي تقودها تركيا في البلد المجاور سوريا. منذ شهر أغسطس/ آب الماضي تقاتل تركيا بفعالية تنظيم داعش بتوغلها العسكري في شمال سوريا. في نهاية الأسبوع الماضي حررت القوات السنية المدعومة من تركيا بلدة دابق التي لها أهمية دينية كبيرة بالنسبة لداعش.
وفي العراق أيضا تشارك تركيا في الحملة على داعش، ولا تريد سوى أن تكون مشاركتها في الحملة أكثر عمقا. الشئ الوحيد الذي يقلق تركيا هو "المعقل السني" الذي تديره داعش. (تركيا اليوم دون شك دولة سنية) وفي الموصل تخشى أنقرة من أن تتورط الميليشيات الشيعية الحريصة على السيطرة على المدينة في عمليات انتقام وترويع للسكان. ونظرا للوحشية الواضحة التي تتعامل بها بعض الميليشيات الشيعية (تحقق من ذلك عبر اليوتيوب، إذا لم تكن تتجنب مشاهدة المشاهد المروعة) فإن القلق التركي له أساس من الصحة.
الحقيقة الأخرى التي يجب أن أؤكد عليها هي الطبيعة المعقدة التي تنظر أنقرة من خلالها إلى الأكراد.إذا كنت تقرأ وسائل الإعلام الغربية، فسترى أن الأكراد غالبا ما يشار إليهم على أنهم قوة موحدة في العراق وسوريا. ومع ذلك فهناك فارق كبير، على الأقل من وجهة النظر التركية.
في سوريا يهيمن حزب الاتحاد الديمقراطي "بي واي دي" على القوى الكردية، وهذا الحزب امتداد لحزب العمال الكردستاني العدو الإرهابي الرئيس لتركيا منذ أوائل الثمانينيات. أما في العراق فإن القوة الكردية الرئيسة هي البيشمركة، وهي وحدات مسلحة تابعة لحكومة كردستان، وتعدها أنقرة حليفا قويا.
لمسعود البرازاني، رئيس إقليم كردستان العراق، علاقة جيدة مع تركيا. وفي الواقع فإن الوجود العسكري التركي في معسكر بعشيقة المتنازع عليه في شمال العراق حدث بفضل البرزاني.
وجوهر المسألة أن أنقرة ليست مخطئة في قلقها حول عملية الموصل، أو مخطئة في رغبتها في المشاركة فيها، من أجل حماية السكان السنة. وبالنتيجة، إذا تحولت الحاجة الجامحة لتدمير داعش المسيطر على المدينة إلى خوف شديد من هيمنة الميليشيات الشيعية، فإن أهل الموصل السنة لن يجدوا سوى مكان واحد آمن يفرون إليه هو تركيا. وهذا يمكن أن يعني أن يتوجه مليون لاجئ آخر إلى تركيا التي تضيف بالفعل ثلاثة ملايين لاجئ.
ولذلك فإن أنقرة ليست على خطأ في نظرتها إلى الموصل، وتقوم كعادتها بعمل شاق من أجل توضيح ذلك. أوضحت زميلتي، بارتشين ينانتش، المحررة والكاتبة في صحيفة حرييت ذلك توضيحا لطيفا لغاية في مقالها أمس فكتبت" بعq المواقف السياسية التي تبنتها تركيا لها منطقية"
وعلى ذلك فإن على الحكومات الغربية أن تنحي جانبا عامل أردوغان كمحور استقطاب عالمي، وأن تحاول بدلا من ذلك معرفة موقف تركيا في الموصل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس