كوميرسانت - ترجمة وتحرير ترك برس
تكبد الجيش التركي خسائر فادحة أكثر من أي وقت مضى خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، منذ تدخله في الصراع الدائر شمال سوريا.
وفي معركة مع قوات تنظيم الدولة في محيط مدينة الباب السورية قتل 16 جنديا وأصيب 33 جنديا تركيا بجروح بالغة يوم أمس نتيجة عملية انتحارية نفذها عناصر من تنظيم الدولة.
ورغم أن القوات التركية تمكنت من تحقيق انتصارات وتطورات إلا أن بعض المخاطر لا زالت تهدد القيادة العسكرية التركية.
خلال عملية "درع الفرات" التي بدأت بتاريخ ال24 أغسطس/ آب 2016 وقعت أعنف الاشتباكات على مشارف مدينة الباب السورية في مواجهة مع قوات تنظيم الدولة، وقد واجهت القوات التركية وقوات المعارضة السورية مقاومة شرسة من مقاتلي تنظيم الدولة، من خلال استخدامهم للهجمات الانتحارية التي تسببت للقوات التركية في أفدح الخسائر منذ بداية العملية.
ووفقا للأركان العامة التركية فقد فقدت القوات المسلحة التركية 16 جنديا وأصيب أكثر من 30 آخرين بجروح في محيط مدينة الباب السورية، إلا أن البرلمان التركي، وبرغم الخسائر البشرية، قدم تقريرا يبيّن التقدم الذي أحرزته القوات العسكرية التركية الذي مكنّها من تطهير مساحات هامة وتدمير الآلاف من الجماعات المسلحة الإرهابية.
وجاء على لسان وزير الدفاع التركي: "العملية في مدينة الباب السورية وصلت إلى مرحلة متقدمة جدا فيما يخص تطهيرها من تنظيم الدولة"، وفي نفس السياق قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: "إن تنظيم الدولة يعيش آخر مراحله في مدينة الباب".
غير أن التقارير الأخيرة من ساحة العمليات العسكرية في مدينة الباب السورية لا تشير إلى اقتراب انتهاء تنظيم الدولة في شمال سوريا وتحديدا مدينة الباب، إذ أن مسلحي تنظيم الدولة تمكنوا من تنفيذ هجمات مضادة ومباغتة ضد القوات التركية، ما تسبب في تعثر تقدم عملية القوات العسكرية التركية على مشارف مدينة الباب، وهو ما يؤكد أن لا شيء يشير إلى تحقيق نصر قريب لتركيا، مما يعني أن تحرير مدينة الباب سيكلف القوات التركية المزيد من الوقت والخسائر لتطهير المدينة من تنظيم الدولة بصفة نهائية.
وبحسب الخبير العسكري والسياسي الروسي ألكسندر فاسيليف فقد "تمكنت القوات التركية في عملية درع الفرات في بداية العملية خاصة من تحقيق نجاح كبير ومن اجتثاث عناصر من تنظيم الدولة من عمق الأراضي السورية، إلا أن القوة العسكرية التركية كغيرها من القوى تمر بمراحل قوة وضعف".
ووفقا له "تعد المعركة من أجل تحرير مدينة الباب من تحت سيطرة الإرهاب، اختبارا جديا للجيش التركي، فالسيطرة على المدينة المحصنة بشكل جيد جدا من طرف المسلحين الإرهابيين يعد عملية صعبة جدا، خاصة وأن الإرهابيين على استعداد دائم لاستخدام الانتحاريين ولخوض حرب الألغام والغارات".
وأضاف الخبير أنه على الرغم من الخسائر الفادحة التي تكبدتها القوات التركية إلا أنها لا زالت قادرة على الحفاظ على قدرتها القتالية، وأكد أنه يتوقع أن تركيا ستثابر أكثر على مواصلة تصديها لتنظيم الدولة، وهو ما يؤكد أن القوات العسكرية التركية تتميز على نظيرتها الأوروبية بأنها أقل حساسية في مواجهة الخسائر وهي مستعدة أكثر للقتال حتى في بيئة غير مريحة.
وأكد الخبير إن الغرض الرئيسي لأنقرة عند اتخاذها قرار إرسال قواتها العسكرية إلى جارتها السورية لا يقتصر على دعمها محاربة الإرهاب وتطهير الأراضي السورية منه، رغم أن تطهير المنطقة يعد من أحد أبرز أولياتها، وإنما يتمثل في الرغبة الرئيسية في حماية الحدود التركية مع سوريا التي تعج بالفوضى وتؤذن بالمزيد من التوترات التي من الممكن بلوغها إلى عمق الأراضي التركية.
وهكذا فإن ضمان أمن ونظام الحدود التركية يعد الخطوة الأولى والأساسية التي تستحق كل هذه التضحية وهذا الحجم من الخسائر التي تتكبدها القوات التركية منذ تدخلها العسكري على الأراضي السورية، فرغم أن هذه الخسائر والهجمات التي تواجهها القوات العسكرية التركية تتسم بالعنف والوحشية إلا أن هذا لا يثني أبدا عزيمة تركيا للنظر في مستقبل أراضيها وحدودها التي من الممكن أن تتعرض إلى التهديد في ظل بقاء تنظيم الدولة مجاورا لحدودها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!