بريل ديده أوغلو - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
تستمر المفاوضات والمناقشات حول إعلان وقف إطلاق نار في سوريا، في الوقت الذي ننتظر فيه معرفة مدى التزام الأطراف بوعودهم، لأنّ وقف إطلاق النار سيكون بين الدول، وهذا سيوفق بينهم أكثر، لكن الأطراف المتقاتلة على الأرض في سوريا ليست الدول.
المتقاتلون في سوريا بصورة رسمية، هما النظام السوري والمعارضة، ولا نستطيع معرفة موقع داعش من هذه المعادلة، لأنّ الجميع يدعي محاربة ومكافحة داعش، سواء النظام أو المعارضة، ولذلك من الصعب وضع داعش ضمن محور المعارضة. وموقف تركيا معقد أيضا، فهي من جهة تسعى لوضع حد للنظام السوري، ولتنظيم داعش، وتحارب في نفس الوقت وحدات حماية الشعب، وهي أيضا بدورها تحارب داعش. كما يتواجد على الأرض ميليشيات شيعية مرتبطة ارتباطا عضويا بإيران، وهذه تحارب داعش وتحارب المعارضة، وتحارب تركيا التي تحارب داعش.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أنّ تعقيدات المشهد في سوريا، تزداد غموضا أكثر حسب كل مدينة وكل محافظة، فالتحالفات تختلف حسب المنطقة. كما أنّ هذا الأمر ليس محصورا على سوريا بل يمتد إلى العراق، ولذلك فإنّ الأوضاع والظروف المتوفرة في حلب، ليست كالتي في الموصل، والأوضاع في الموصل لا تشبه الأوضاع في الرقة، ولا تشبه الأوضاع في الباب.
تـركيا وإقنـاع إيـران
الظروف الحالية في المنطقة، لا تشير بإمكانية تطبيق وقف إطلاق نار في عموم سوريا، وهذا يقود إلى إمكانية تطبيق وقف إطلاق نار في مناطق محددة، ولتحقيق هذا في المناطق المحددة، يتوجب اتفاق تركيا وروسيا وإيران، واقتناعهم جميعا بوقف إطلاق النار، وإيجاد ضمانات لالتزام كل طرف.
لا تريد إيران وقف تمدد نطاق نفوذها، ولا تريد وقف سيطرتها ونفوذها في سوريا والعراق عبر الأنظمة القائمة فيهما، وهذا يعني بصورة أخرى، هو أنها لا تريد الخروج من مناطق قد تدخلها تركيا. وروسيا منزعجة من الأسلوب الخشن والصلب لإيران في مناطق سيطرتها، وهذا يزيد من احتمالية قدرة روسيا على إقناع إيران.
لا يُمكن تحقيق وقف إطلاق نار، إذا لم تنسحب إيران من بعض المناطق، ولهذا فإنّ الأطراف مطالبون بإقناع إيران للانسحاب، وربما روسيا تعتقد بأنّ استمرار وجود إيران في المنطقة، سيقود إلى استمرار وجود جماعات وتنظيمات رافضة للوجود الإيراني، والتي تحظى بدعم من تراه إيران منافسة لها وهي السعودية، ولذلك تعمل روسيا على إقناع إيران بأنّ وجود تركيا بدلا من وجود التأثير السعودي سيكون افضل للتوصل إلى اتفاق.
دعـوة أمريكـا
كما أنّ هناك مواضيع تسعى روسيا لإقناع تركيا من خلالها، لعل أبرزها تطوير العلاقات الاقتصادية الثنائية، والتفاوض بموضوع بشار الأسد، حيث وعدت روسيا بأنها ستمسك بخيط موضوع الأسد بدلا من إيران، وقد تكون هنا تحدثت أيضا عن أنها لن تدعم وحدات حماية الشعب.
ومع ذلك لن يكون من السهل على روسيا لوحدها أن تقنع تركيا، خصوصا وأنّ الأخيرة في حلف الناتو، ولن تكون القوة الروسية كافية لإقناع جميع الأطراف، فهي بحاجة إلى شريط آخر.
وعلى ما يبدو فإنّ هذا الشريك سيكون "أمريكا ترامب"، ودعوة أمريكا لطاولة السلام بمشاركة روسيا وإيران وتركيا سيكون مؤشرا على ذلك، واذا دخلت أمريكا إلى هذه اللعبة، فإنها ستضغط على وحدات حماية الشعب، من أجل المساهمة في اقناع تركيا، وحينها سيكون من السهل وضع حد لداعش، كما أنّ روسيا ستعمل على إقناع إيران للانسحاب، وكل هذه الأمور لا يوجد أي سبب لأنْ تعترض أمريكا عليها، وما تريده أمريكا أنْ تكون جميع الأطراف "راضية" عن ذلك.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس