إبراهيم كيراس –صحيفة قرار- ترجمة وتحرير ترك برس
إن اجتماعات أستانة جاءت نتيجة جلوس تركيا مع روسيا وإيران اللتين لم تتفق معهما في وجهات النظر فيما يخص القضية السورية، حول طاولة واحدة، وذلك بغية إيجاد الحل المناسب، ويجلس على الطاولة ذاتها النظام الذي لا شرعية له من وجهة نظر الحكومة التركية.
وأنا بصفتي إعلامي، وبصفتي أشرت في وقت سابق إلى ضرورة جلوس تركيا مع إيران وروسيا بهدف إيجاد حل للأزمة السورية، وبهدف إيقاف إراقة الدماء فيها، لا يمكنني الآن أن اعارض اجتماعات أستانة.
اجتماعات أستانة هي فرصة للحل، وكأضعف إيمان هي فرصة لإيقاف الدماء التي تراق منذ 6 سنوات في سوريا..
ولكن لا يمكننا الآن أن نقول: إن المشهد أمامنا وردي إلى حد كبير، وذلك لعدم وضوح الدور الذي ستتخذه الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج في هذا الصدد، وخصوصا أنّه من غير الواضح حتى الآن إن كانت أمريكا مع الإدارة الجديدة ستغيّر موقفها تجاه القضية السورية، وغير واضح الاتجاه الذي ستغيّر موقفها نحوه في حال تم التغيير.
إن الموقف الذي سيتخذه ترمب قد يسهم في وصول مباحثات أستانة إلى الحل. والأطراف المعارضة التي شاركت في مباحثات أستانة تنظر إلى الاجتماعات على أنها أسهمت في وقف إطلاق النار، إلا أنها ترى أن مباحثات الوصول إلى حل نهائي من شأنها أن تحدث في جنيف وليس أستانة، ويبدو موقف الخليج قريبا من هذا الموقف، بل وعلاوة على ذلك أنقرة التي أدت دورا كبيرا في عقد مباحثات أستانة لا تبتعد كثيرا بموقفها عن هذه الرؤية. وهذا يعني أن الوصول إلى حل في القضية السورية من دون إشراك الغرب يبدو أمرا صعب المنال.
وديمستروا ممثل الأمم المتحدة في سوريا بدوره حضر في مباحثات أستانة، وهذا يعني أنّه من الأفضل النظر إلى أستانة ليس كوسيلة تهدف إلى الحل المباشر، وإنما كقاعدة تمهّد الوصول إلى الحل.
إن الحل في سوريا ممكن ولكنه صعب، وذلك لوجود العديد من اللاعبين في الساحة، وكل طرف من الأطراف التي تتواجد في الداخل السوري يبدو ممثلا لقوة عالمية وإقليمية، وذلك لكون كل طرف من تلك الأطراف بحاجة إلى دعم خارجي، ولكون تلك الأطراف غير قادرة على الاستمرار بالاعتماد على قوتها الذاتية.
وهذا يعكس البعد العاملي للحرب السورية، ولذلك من الضروري بمكان اليوم أن يصل اللاعبون في الساحة الخارجية إلى مصالحة من أجل التمكن من تحقيق حل محتمل، قبيل أن يسعى اللاعبون في الساحة الداخلية من سوريا إلى تحقيق مصالحة فيما بينهم، ومن هنا جلوس تركيا وروسيا وإيران حول طاولة واحدة، ودعوة الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج إلى الجلوس حول تلك الطاولة بات ضرورة ملحة.
ولكن عندما تنظرون من وجهة نظر إيران وروسيا وسوريا، فإن الأمر يزداد تعقيدا من جديد، ذلك لأنهم يرون أنفسهم أصحاب الحق في قول كلمة الفصل، لأنهم يصنّفون أنفسهم على أنهم الطرف المنتصر في الحرب. يجب الإيمان بأن الخلافات السورية ستنتهي، ولو لم يكن الأمر خلال المدى القصير، إلا أنّه من الضروري حاليا وقف إطلاق النار، بعبارة أخرى من الضروري حاليا الحيلولة دون سفك المزيد من الدماء في الساحة السورية.
وضع الأكراد في السياسة السورية يعد من الأمور التي تحمل أهمية كبيرة بالنسبة إلى تركيا، وليس من الخطأ ان نقول: "إن حسابات السياسات الخاصة بمنطقة روجافا هي التي تقف خلف ازدياد الاعمال الإرهابية من قبل تنظيم بي كي كي، الذي خرق اتفاقية الحل منذ سنتين تقريبا.
للأسف لا توجد عندنا الإمكانية الكافية التي تؤهلنا لعدم إعارة أي اهتمام بالحقيقة التي تسمى "الجيوسياسة"، ولا نستطيع أن نحل هذه المشكلة من خلال منع حزب الاتحاد الديمقراطي من المشاركة في مباحثات أستانة، تارة بالتقارب من روسيا وتارة أخرى من خلال التقارب من أمريكا.
من الضروري إنتاج سياسة تخدم المصالح القومية لتركيا، وذلك من خلال اتخاذ خطوة جريئة كالخطوة التي اتخذت فيما يخص إنشاء طاولة حوار في أستانة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس