فيردا أوزير – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس
كان لخبر الصفقة المبرمة مع تنظيم داعش في الرقة وقع الصاعقة في الإعلام العالمي. فقد أعلنت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن 250 مقاتلًا من داعش خرجوا من الرقة بموجب اتفاق مع وحدات حماية الشعب المرتبطة بحزب العمال الكردستاني.
رغم أن الخبر أثار زوبعة إلا أنه ليس جديدًا. فخبر الصفقة تسرب إلى الإعلام في مايو الماضي، بيد أن الجديد في خبر "بي بي سي" هو إجلاء عدد كبير من عناصر التنظيم، بلغ عددهم مع أسرهم 4 آلاف، ولا يُعرف بالضبط عدد المقاتلين بينهم.
عندما انتشر الخبر في مايو لم ينفِه المبعوث الأمريكي إلى التحالف الدولي لمكافحة داعش بريت ماكغورك بيد أنه قال ما معناه "سنقتل جميع عناصر التنظيم". أما البنتاغون فتقول اليوم "نحترم الاتفاق".
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، حيث تبين أن الجيش اللبناني اتفق مع داعش على إخلاء سبيل مئات من عناصر التنظيم مقابل استعادة جثامين جنود له قتلوا في سوريا.
فما الذي حدث حتى وافقت الولايات المتحدة اليوم صراحة على إخلاء سبيل مقاتلي داعش بعد أن كانت تعارضه رسميًّا في الماضي؟ ما الذي تغير؟
أولًا، تدعي واشنطن أن المقاتلين العرب داخل قوات سوريا الديمقراطية، المكونه في معظمها من وحدات حماية الشعب، لا يريدون قتل عناصر داعش في الرقة. ولهذا تقول إنها قبلت عملية الإجلاء.
لكن الحقيقة هي أن الولايات المتحدة لا تريد أن تتعرض وحدات حماية الشعب للمزيد من الخسائر، والسبب في ذلك أنها تريد من الوحدات أن تتوجه إلى الشرق عوضًا عن الرقة، وتسيطر على حقول النفط.
لأن واشنطن تسعى، عن طريق وحدات حماية الشعب، للسيطرة حقول النفط، وبالتالي بسط نفوذ أكبر لها في البلاد، وفعليًّا هي تسيطر على أكثر من 50% من حقول النفط في سوريا.
ثانيًا، قطع الطريق أمام تمدد ميليشيات الحشد الشعبي الموالي لإيران، التي تتقدم بسرعة في شمال الحدود السورية- العراقية، نحو البحر المتوسط.
وعلاوة على ذلك، تكشف الولايات المتحدة بصراحة عن استراتيجيتها من خلال القبول بالصفقة مع داعش، رغم تصريحها حتى اليوم أنها موجودة في سوريا من أجل القضاء على التنظيم.
وهذا ما أشار إليه وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس بقوله الاثنين الماضي: "لن نخرج من سوريا قبل التوصل إلى النتيجة المنشودة في مفاوضات جنيف".
وقبل يومين من ذلك ألمح الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب إلى ذلك بالقول إنهما يعتقدان بعدم وجود حل عسكري في سوريا. وعليه فإن من السذاجة الاعتقاد بأن روسيا لا تعلم شيئًا عن الصفقة.
وبالنتيجو فإن الولايات المتحدة وروسيا لا تشعران بالحاجة إلى إخفاء نيتهما البقاء في سوريا إلى حين ضمان مصالحهما على المدى الطويل، وهو ما قد يستغرق سنوات طويلة.
تتطابق مصالح تركيا مع مصالح نظام الأسد المنزعج مثلها على الأقل من كل هذه التطورات، إضافة إلى صفقة داعش- وحدات حماية الشعب.
وبحسب مصادري في سوريا فإن دمشق تريد عقد اتفاق مع أنقرة، فهل تتمكن من ذلك؟ هذا ما سنتناوله في المقالة القادمة..
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس