سعيد الحاج - الجزيرة نت
أجّل محرم إنجه (مرشح حزب الشعب الجمهوري السابق للانتخابات الرئاسية التركية) معركته على رئاسة الحزب مع كمال كليتشدار أوغلو، أما حزب الحركة القومية والحزب الجيد فأخفيا أيضا أوراق الصراع على رئاسة الحزبين لما بعد انتخابات البلديات.
وفي الطرف الآخر، يتوقع مراقبون أن يبادر عدد من القادة السابقين في حزب العدالة والتنمية الحاكم لتأسيس حزب جديد، ولكن بعد الانتخابات أيضا.
وباتت معركة الصناديق -التي تشهدها تركيا غدا الأحد بانتخابات البلديات- محتدمة إلى حد لا يقدر معه أي طرف على تحمل دفع فاتورة خسارتها، الأمر الذي دفع قادة الأحزاب لتأجيل “التدافع الداخلي”.
صور التحرك
ولم تحجب صورة كليتشدار أوغلو الكبيرة ولا وضعها إلى جانب صورة مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك غيوم الشك التي تخيم على الأنصار حيال فرص “الشعب الجمهوري” بالعودة لتوجيه دفة الحياة السياسية من بوابة البلديات.
وبين المئات من المجتمعين الداعمين لمرشح الحزب لرئاسة بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، هناك عدد كبير يرى الكثير من الفوارق بين الكماليْن (كليتشدار وأتاتورك).
وقال أحد المشاركين بالتجمع الانتخابي لكادر الحزب في منطقة “يشيل كوي” بإسطنبول إنه من غير المنصف أبدا ربط مصير قيادة “الشعب الجمهوري” بما ستؤول إليه نتائج الانتخابات الأخيرة، لكنه في ذات الوقت لم يستبعد أن تتسبب خسارة قاسية للحزب بالانتخابات في إحداث تغييرات عميقة في بنيته الإدارية.
وأوضح الناشط للجزيرة نت أن هناك مراكز قوة لا يمكن إغفالها باتت تتدافع داخل الحزب يمثل أقواها إنجه الذي فاجأ الجميع بحصوله على 30% من أصوات الناخبين يوم ترشح في مواجهة الرئيس رجب طيب أردوغان بالانتخابات الرئاسية في الـ 24 من يونيو/حزيران الماضي.
في المقابل، يبدو الحزب الحاكم في حالة أفضل ولكن نسبيا، فأصوات الملايين التي حضرت الميادين لمؤازرة أردوغان لم تخف قلق الحزب من فقدان سيطرته على بلدية أنقرة عاصمة البلاد ورمزها السيادي.
الدوافع
واستنادا لمراقبين ومحللين سياسيين أتراك، فإن نتائج انتخابات البلديات لا ترتبط من حيث المبدأ مع الترتيبات التنظيمية الداخلية للأحزاب لأن هذه النتائج لا تعكس بالضرورة أوزانها بالشارع كما هو حال الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية.
أما من الناحية العملية، فيؤكد الباحث في الشأن التركي سعيد الحاج أن هناك ارتباطا كبيرا بين الانتخابات والأحزاب، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأحزاب الكبرى التي تتحرك داخلها تيارات متدافعة من الأساس، كما هو الحال في حزبي “العدالة والتنمية” والشعب الجمهوري، وبالتالي فقد تسهم نتائج الانتخابات في تجديد تحرك هذه التيارات.
ويوضح الحاج للجزيرة نت أن نتيجة الانتخابات بذاتها ليست محركة لتيارات المعارضة الداخلية بالأحزاب، لكن توقيت هذا التحرك وأسلوبه والشخصيات المنفذة له قد تستند إلى نتائج هذه الانتخابات.
ويستشهد على قراءته للمشهد بالتذكير بأن فكرة تأسيس حزب جديد من قبل قيادات قديمة في حزب العدالة والتنمية قد أثيرت منذ وقت طويل، لكن نتائج الانتخابات قد تسرع بتشكيل هذا الحزب، وقد يجد إنجه في الطرف المقابل في خسارة حزبه المعارض فرصة لتصعيد دعواته لعقد مؤتمر استثنائي يبايعه رئيسا.
تراجع كبير
ويعتقد الحاج أن تصعيد التيارات المعارضة داخل الأحزاب يرتبط جوهريا بتحقيق نتائج صادمة كالخسارة الكبيرة على مستوى الأصوات، أو عدد البلديات أو المعاقل الرئيسية أو التراجع الكبير عن نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة.
وتستثمر تيارات المعارضة الداخلية في كل حزب -يقول الحاج- في النتائج الصادمة والتراجع الذي قد يلحق بأحزابها مستندة إلى أن الانتخابات البلدية تمثل محطة تبشر بسيطرة الأحزاب التي تحصل على تأييد الناخبين فيها بفوزهم بالانتخابات البرلمانية التي تليها.
ويقول المحلل السياسي “هذا حصل منذ الستينيات ومع حزب الرفاه وسيطرة العدالة والتنمية بدأت من البلديات، والعكس صحيح فالحزب الذي يتراجع في البلديات يتراجع في انتخابات البرلمان”.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس