ترك برس
قال المحلل الأمريكي، أندريه كوريبكو إن سياسة الولايات المتحدة الإقليمية المتهورة هي التي دفعت تركيا إلى التقارب روسيا، مشيرا إلى أن العلاقات التركية الأمريكية لن تعود إلى ما كانت عليه إلا بتغيير أردوغان وحزب العدالة والتنمية، وقدوم سلطة مؤيدة للولايات المتحدة.
وأوضح كوريبكو في تحليل نشره "موقع إنفو روس" أن العلاقات التركية الأمريكية توترت على نحو خطير خلال السنوات القليلة الماضية منذ أن بدأت الولايات المتحدة في تسليح تنظيم "ي ب ك"، علاوة على ما تردد بقوة من أن واشنطن كان لها يد في محاولة الانقلاب الفاشل في صيف عام 2016 ضد الرئيس أردوغان.
وأضاف أنه ليس من المستغرب أن تبدأ تركيا في إعادة توجيه نفسها شرقًا نحو روسيا وتعتزم شراء صواريخ إس 400، وترى كيف يمكن لهذه المنظومة أن تحيد أي تهديد محتمل ينشأ إما من القوات الجوية الأمريكية أو حتى من تهديد آخر تدعمه الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا.
ووفقا لكوريبكو فإن "دبلوماسية روسيا العسكرية" "تسعى إلى الحفاظ على توازن القوى في كل مكان في العالم من أجل تسهيل الحلول الدبلوماسية للنزاعات المستعصية، وترى في هذا السياق أن تركيا تعمل على تحسين دفاعاتها إلى حد تعزيز قوتها التفاوضية مع الولايات المتحدة حول الانقلاب والقضايا الكردية."
وأضاف أن موسكو تدرك أيضا أن بيع أسحة متطورة مثل صواريخ إس 400 يسبق إقامة شراكات طويلة الأمد بين الجيشين التركي والروسي، ويمكن أن يسهل تبني تركيا للتعددية القطبية في الوقت الذي تسعى فيه إلى الابتعاد عن الولايات المتحدة ورقابتها.
لكنه لفت إلى أن هذا التحول قد يستغرق بعض الوقت لأسباب لوجستية وغيرها، لكن العملية قد تتسارع في الحالة التركية بعد أن هددت الولايات المتحدة باستبعاد شريكها الاسمي في حلف شمال الأطلسي من برنامج F-35، مما دفع بدوره المسؤولين الأتراك إلى القول بأن بلادهم ستبحث عن البديل لدى روسيا.
ورأى كوريبكو أن دبلوماسية روسيا العسكرية لم تكن تهدف إلى المضي قدما في هذه الخطة الرئيسية أي إبعاد تركيا عن الناتو، ولكن لولا الدعم الأمريكي لتنظيم "ي ب ك" ودورها في محاولة الانقلاب الفاشل، لما تدهورت ثقة تركيا بشريكها إلى درجة شعرت فيها أنقرة بأنها مجبرة على التواصل مع خصوم واشنطن في موسكو من أجل ضمان احتياجات الأمن القومي.
وقال كوريبكو إن تركيا تعمل على تطوير شراكتها الاستراتيجية ذات المنفعة المتبادلة مع روسيا، حيث أدت هذه العلاقة التركية الروسية الجديدة إلى استقرار الوضع العسكري في سوريا إلى حد كبير، وحصلت روسيا على شريك موثوق به مع إمكانات هائلة في السوق التجارية، بينما تتلقى تركيا إمدادات طاقة موثوقة من بلد يتمتع بقدرات تقنية عسكرية متطورة.
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن خساراتها مضاعفة، لأن أحد خصومها الجيوستراتيجيين الرئيسيين قد نجح في "سرقة" أحد أكبر حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط نتيجة لسياسات أمريكا الإقليمية المتهورة التي أوقعتها في هذه الفوضى في المقام الأول.
ومع ذلك أشار كوريبكو إلى أن تركيا والولايات المتحدة ستحاولان الحفاظ على درجة ما من العلاقات العملية حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، لكن الشراكة لن تعود إلى ما كانت عليه، ما لم يتغير الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم وتأتي سلطة مؤيدة للولايات المتحدة، وهو ما يبدو غير مرجح في الوقت الحالي ولكن لا يمكن استبعاده.
وتوقع كوريبكو ألا يتم إبعاد تركيا رسميا من حلف الناتو لأنه لا توجد مثل هذه الآلية، ولكن المرجح أن يتم عزل أنقرة عن معظم أنشطة عمل الحلف، وخاصة تلك المتعلقة بتبادل المعلومات الاستخباراتية والتدريبات العسكرية المشتركة.
وخلص إلى أنه لا يمكن للولايات المتحدة المجازفة بتفكيك التحالف العسكري الذي يعتمد عليه الكثير من نفوذها الأوروبي، ولذلك فإن منح تركيا "مهلة" إلى أجل غير مسمى هو الخيار الأكثر واقعية لتخفيف تداعيات تحول أنقرة الاستراتيجي تجاه موسكو.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!