ترك برس
خلال ندوة في البرلمان العربي الشهر الماضي، اتهم الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط كلا من تركيا وإيران بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والسعي إلى نشر نفوذها، معتبرا أن تركيا "تدفع بمشروع يعتنق الإسلام السياسي، في ثوب من العثمانية الجديدة ويسعى إلى الترويج لمنطلقاته الأيديولوجية."
ولم تكن هذه المرة الأولى التي ينتقد فيها أبو الغيط تركيا وإيران، فخلال القمة العربية الأوروبية في شهر شباط/ فبراير الماضي، اتهم أبو الغليط البلدين بإثارة الأزمات في المنطقة، وهو ما يثير تساؤلات حول دوافع وأسباب تكرار الهجوم على البلدين من قبل الجامعة العربية.
ويرى المحلل السياسي أحمد هاشمي من قسم الدفاع والدراسات الاستراتيجية في جامعة ميزوري الأمريكية، أن تركيا وإيران هما الفاعلان الرئيسيان في الشرق الأوسط في الوقت الحالي، مضيفًا أنهما يتحدثان عن ضرورة تغيير الوضع الحالي في المنطقة وانسحاب القوات الأجنبية من الخليج العربي وسوريا ودول عربية أخرى، ولذلك تستهدف جامعة الدول العربية الأتراك والإيرانيين.
وأضاف هاشمي في مقابلة مع موقع "United World International" أن بعض الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية واسرائيل تعتقد أن الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة هو حليفهم الرئيسي ووجوده في الشرق الأوسط مسألة ذات أهمية قصوى. ومن ثم فإن أي خطوة تتخذها تركيا أو إيران تبدو مزعجة بالنسبة إليهم.
بدوره يرى المحلل السياسي الإيراني وعضو مجلس إدارة معهد الدراسات السياسية والدولية (IrThinktank) الدكتور ماني مهرابي، أن موقف أنقرة الواضح من مشكلة وجود داعش في العراق وسوريا أحدث أول زيادة من عدم الثقة والعداء تجاه تركيا من جانب الجامعة العربية.
واوضح أن موقف تركيا من تسوية الأزمة السورية والحرب على داعش هو الذي لعب دور الرافعة الرئيسية التي ساعدت على تغيير الأوضاع في سوريا. وهذه الحقيقة أغضبت بعض القوى التي مولت داعش ودعمته.
وأشار مهرابي إلى أن تركيا تمكنت من التأثير في الرأي العام في عدد من الدول العربية بموقف من هذا النوع.
وقال مهرابي: "إن النفوذ التركي يمكن مقارنته بالتأثير الذي تتمتع به إيران بين السكان الشيعة في البلدان العربية في الشرق الأوسط، وهذا ما يثير استياء وغضب بعض دول الجامعة العربية، فبدأت في توجيه الاتهامات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول رغبته المزعومة في إحياء الإمبراطورية العثمانية."
ويشير الدكتور مهرابي إلى أن تركيا لا تزال اللاعب الأخير والأكثر نفوذًا الذي يدعم حركة الإخوان المسلمين اليوم.
ووفقا للمحلل الإيراني، فإن موقف تركيا من الإخوان المسلمين وعزمها على أن تكون على علاقات ودية مع إيران الشيعية أمر لا تنظر إليه بعض الدول العربية بعين الرضا.
ويتفق الباحث أحمد هاشمي على أن دور تركيا الرئيسي في دعم الإخوان المسلمين هو أحد الأسباب الكثيرة التي تجعل الجامعة العربية تنظر إليها كعدو.
وقال إن "بعض الدول العربية وفي مقدمتها مصر والإمارات ذات النفوذ داخل الجامعة العربية صنفت جماعة الإخوان المسلمين على أنها منظمة إرهابية، بينما تكتسب أفكار جماعة الإخوان المسلمين شعبية قوية في كثير من الدول العربية الأخرى".
ويلفت هاشمي إلى الاستطلاع الذي أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) أخيرا في بعض الدول العربية وكشف أن الرئيس اردوغان أكثر السياسيين الأجانب شعبية بين مواطني الدول العربية، وهو أمر يثير حفيظة بعض القادة العرب.
ويؤكد هاشمي حقيقة أخرى تثير غضب جامعة الدول العربية، فيقول إن السياسة المعتدلة التي تتبعها أنقرة في المجال الديني تمكنها ، إلى حد ما ، من أن تصبح رائدة في المجتمع العالمي للمسلمين السنة.
ويضيف أن تركيا استطاعت الفوز بقلوب ملايين الناس في العالم العربي، بفضل سياسة القوة الناعمة، ولا سيما في قطاعات التلفزيون والثقافة والتعليم.
وأخيرا يرى هاشمي أن موقف تركيا من فلسطين وخاصة علاقاتها الجيدة مع قادة فتح وحماس يغضب قادة بعض الدول العربية الراغبة في عقد تسوية مع إسرائيل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!