ترك برس
استعرض تقرير لوكالة الأناضول التركية قراءة في قرارات مؤتمر السلام حول ليبيا الذي استضافته العاصمة الألمانية برلين، يوم الأحد، بحضور قادة عدد من الدول.
لم تمضِ فترة طويلة على صدور بيان مؤتمر برلين، مساء الأحد، حتى جاء رد مليشيات خليفة حفتر، عليه، بخرق وقف إطلاق النار، والذي يُعد أهم بند اتفق بشأنه زعماء 12 دولة وأربع منظمات دولية. وفق الأناضول.
ويشير التقرير إلى أنه رغم أن بيان مؤتمر برلين، دعا مجلس الأمن الدولي، إلى فرض "عقوبات مناسبة على الذين يثبت انتهاكهم لإجراءات وقف إطلاق النار"، وضمان تطبيق تلك العقوبات، إلا أنه ليس من المؤكد أن يفرض مجلس الأمن عقوبات على مليشيات حفتر.
ففي تجارب سابقة ارتكبت مليشيات حفتر مجازر مروعة في ليبيا دون أن يتمكن مجلس الأمن من إصدار بيان إدانة، ناهيك عن فرض عقوبات، بالنظر إلى الغطاء الدبلوماسي الذي توفره روسيا وفرنسا على وجه الخصوص.
ورغم أن جميع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وقّعت على بيان مؤتمر برلين، لكن التحدي الأكبر يكمن في مدى استعداد هذه الدول للالتزام بما وقعته بحيادية رغم اختلافات وجهات نظرها بشأن حل الأزمة الليبية، حتى لا يتم استنساخ تجارب فاشلة على غرار تفاهمات باريس وباليرمو وأبو ظبي، التي لعب الجنرال المتمرد دورا رئيسيا في نسفها.
وتابع التقرير: من حيث المبدأ، أكد مؤتمر برلين على نقطة جوهرية؛ "لا يوجد حل عسكري للصراع في ليبيا" وضرورة "العودة إلى المسار السياسي لحل النزاع"، وهو ما ينسف سعي حفتر للسيطرة على ليبيا بقوة السلاح، تحت شعار مكافحة الإرهاب، وتطهير البلاد من المليشيات.
كما دعم المؤتمر، فكرة مدنية الدولة في مواجهة مشروع الحكم العسكري الذي يتبناه حفتر، حيث دعا لـ"تأسيس منظومة أمن وطنية موحدة في ليبيا، تحت سيطرة السلطة المركزية والمدنية"، حيث أن أحد أسباب فشل الحوار بين رئيس حكومة الوفاق فايز السراج وحفتر، رفض الأخير خضوع المؤسسة العسكرية لسلطة مدنية.
وسيكون حفتر أكثر المتضررين من حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، على اعتبار أن عدة دول وعلى رأسها مصر والإمارات وفرنسا تزوده بالأسلحة، ولم توقف دعمه بالسلاح رغم وجود قرار أممي (رقم 1970) صادر في عام 2011، يحظر تصدير السلاح إلى ليبيا.
وسبق لمصر والإمارات أن أخفقتا في يناير/كانون الثاني 2015، في إصدار قرار باسم الجامعة العربية يدعو لتسليح مليشيات حفتر، بعد أن أجهضت الجزائر هذا القرار، ومع ذلك واصلتا تسليح هذه المليشيات دون غطاء دولي أو عربي، وهذا ما أكدته الأمم المتحدة في أحد تقاريرها، لذلك فأكبر تحدي لمؤتمر برلين هو التزام أعضائه بما اتفقوا عليه.
وتجدر الإشارة إلى أن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ذكرت، الإثنين، أن زعماء العالم المجتمعين في برلين لم يبحثوا "إمكانية فرض عقوبات في حال انتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا".
إحدى النقاط الخلافية خلال المؤتمر، يتعلق بإرسال قوات سلام دولية إلى ليبيا، وهو مقترح أوروبي رحب به فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، وتحفظت بشأنه روسيا.
وتم تجاوز هذه النقطة الخلافية من خلال ديباجة هلامية، عبر التوصية بـ"إنشاء لجنة مراقبة دولية (لوقف إطلاق النار)، برعاية الأمم المتحدة، لمواصلة التنسيق بين كافة الأطراف".
وفي هذا الصد، قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، الإثنين، إن "وقف إطلاق النار يتطلب المحافظة عليه. لا يمكنك أن تكتفي بقول (هذا وقف إطلاق النار) وتمضي.. يجب أن يراقبه أحد ما للمحافظة عليه".
وهي إشارة واضحة لرغبة الاتحاد الأوروبي في إرسال قوات "سلام" إلى ليبيا، لموازنة حضور موسكو وأنقرة العسكري على الأرض، وهو ما تصدى له الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عندما أوضح في تغريدة له، الإثنين، "تركيا وقفت ضد مقترح أن يشارك الاتحاد الأوروبي في مسار دعم السلام بليبيا بصفة منسق، عوضا عن الأمم المتحدة".
كما أن روسيا كان لها هي الأخرى تحفظاتها بشأن قوة الحماية الدولية، التي رحب بها السراج، حيث قال ميخائيل بوغدانوف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، "أعتقد أنه ينبغي مناقشة هذه المسألة بتوافق الآراء. لا يعتمد حل هذه المشكلة على السراج فقط".
ملف المرتزقة كان إحدى النقاط المثيرة للنقاش، ولكن البيان تناوله باقتضاب عندما دعا "جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي أنشطة تؤدي إلى تفاقم النزاع أو تتعارض مع حظر الأسلحة الأممي أو وقف إطلاق النار، بما في ذلك تمويل القدرات العسكرية أو تجنيد المرتزقة".
مع الإشارة إلى أن حفتر جنّد منذ 2014، آلاف المرتزقة من مختلف الأجناس والإيديولوجيات على غرار مرتزقة المعارضة التشادية والسودانية والنيجر والجنجويد، وشركة فاغنر الروسية.
سياسيا اكتفى البيان بالتأكيد على "ضرورة حل الأزمة الليبية بواسطة الليبيين أنفسهم من دون تدخل خارجي"، ودعم تشكيل "حكومة موحدة وشاملة وفعالة، تحظى بمصادقة مجلس النواب"، ولكن دون وضع آليات محددة.
واكتفت الوثيقة بدعوة جميع الأطراف الليبية إلى إنهاء المرحلة الانتقالية بانتخابات حرة وشاملة وعادلة، دون تحديد جدول زمني للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، مثلما حدث في مؤتمري باريس وباليرمو.
لكن سيرجي لافروف، القائم بأعمال وزير الخارجية الروسي، لفت إلى أن "طرفا الصراع في ليبيا حققا تقدما بسيطا عن الاجتماع الذي جرى في موسكو في 13 يناير. اتفقا على أن يشارك كل طرف بخمسة ممثلين في لجنة عسكرية، يتم تشكيلها بموجب مبادرة للأمم المتحدة"، لمتابعة وقف إطلاق النار.
وعموما وضع مؤتمر برلين المبادئ العامة لحل الأزمة الليبية، لكن تفعيل ذلك وفق آليات محددة، هو الرهان الحقيقي للحكم بنجاح أو فشل مؤتمر برلين، رغم أن الحكومة الألمانية نفسها اعترفت أن هذا المؤتمر "ليس نقطة النهاية، إنما يُعد بداية عملية سياسية بقيادة الأمم المتحدة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!