محمد تشليك - ديلي صباح
استحوذ إعلان الرئيس أردوغان عن مجلس الوزراء، بعد حفل تنصيب تاريخي حضره عدد كبير من قادة العالم والمسؤولين الأجانب رفيعي المستوى، على اهتمام وسائل الإعلام المحلية والدولية.
كما أشعلت مداولات أردوغان لتشكيل "فريقه" المتمرس، كقائد يتمتع ببراعة سياسية عميقة، موجة من الآراء والتعليقات المتضاربة، لا سيما فيما يتعلق بشخصين متميزين هما وزير الاقتصاد السابق محمد شيمشك ورئيس المخابرات التركية هاكان فيدان بسبب الدور المحوري الذي سيلعبه كل من الاقتصاد والدبلوماسية في أجندة الحكومة الجديدة.
وأدت لقاءات أردوغان العديدة مع شيمشك في الفترة التي سبقت الانتخابات إلى تخمينٍ واسع النطاق حول تعيينه وزيراً للاقتصاد، وهو القطاع الذي يركز عليه الرئيس بشدة وسط مخاوف متزايدة من التضخم. وبينما تسعى تركيا جاهدة للتعافي من الزلازل المدمرة التي اجتاحت المنطقة الجنوبية الشرقية للبلاد أوائل فبراير/شباط، عليها أيضاً مواجهة التحديات الأوسع المتمثلة في الانكماش الاقتصادي العالمي وتداعياته، والتحديات المشتركة بين الدول في جميع أنحاء العالم.
ويرى المستثمرون أن شيمشك البالغ 56 عاماً كان شخصيةً مرموقة للغاية فترة توليه منصب وزير المالية ونائب رئيس الوزراء من 2009 إلى 2018.
وقد أكد الوزير على ضرورة قيام تركيا بإعادة ترسيخ نفسها على "أرضية عقلانية" لضمان القدرة على التنبؤ الاقتصادي في خطابه في حفل التسليم في أنقرة، إلى جانب سلفه نور الدين نباتي. وأوضح أن الهدف الأساسي للحكومة الجديدة هو تعزيز الرفاهية الاجتماعية. واستناداً إلى مبادئ الشفافية والاتساق والقدرة على التنبؤ والالتزام بالمعايير الدولية، أكد شيمشك أن الاقتصاد التركي المبني على القواعد والذي يمكن التنبؤ به، سيكون حجر الزاوية لتحقيق الازدهار المنشود.
ويصنف الاقتصاد على رأس أولويات الحكومة الجديدة، وقد عين أردوغان جودت يلماز الخبير الاقتصادي المخضرم، نائباً للرئيس.
يلماز البالغ من العمر 56 عاماً وقد شغل سابقاً مناصب متنوعة كوزير للتنمية ونائب رئيس لجنة التخطيط والميزانية في البرلمان ورئيس الشؤون الاقتصادية في حزب العدالة والتنمية الحاكم ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، سيجلب ثروة من الخبرات إلى منصبه الجديد خصوصاً أنه منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020، يرأس لجنة التخطيط والميزانية في البرلمان التركي أيضاً.
رئيس المخابرات العليا يتولى منصب وزير الخارجية
موضوع آخر من التكهنات الشديدة يتعلق باستبدال مولود تشاوش أوغلو، وزير الخارجية السابق الذي أصبح نائباً عن مسقط رأسه أنطاليا، بهاكان فيدان المشهود له بحياته المهنية الرائعة بصفته ناشط المخابرات الأول في تركيا.
ويمتد تأثير فيدان إلى ما هو أبعد من المسائل الاستخباراتية والأمنية، ليشمل دوره كشخصية تحويلية في السياسة الخارجية والشؤون الدبلوماسية، لا سيما في تدخل تركيا في سوريا وليبيا وغيرهما من المجالات الجيوسياسية.
وفي حديثه في حفل التسليم في أنقرة، أكد فيدان التزامه الراسخ برؤية تركيا للسياسة الخارجية الوطنية المتجذرة في استقلال البلاد عن التأثيرات الخارجية والمتأصلة في إرادة سيادة الأمة. وأقر فيدان بالمسؤوليات الثقيلة التي تحملها في السابق خلال فترة عمله التي استمرت 13 عاماً في جهاز المخابرات الوطنية، معرباً عن امتنانه لتعيينه وزيراً للخارجية.
وتؤكد رسائل التهنئة التي تتدفق من وزراء الخارجية في جميع أنحاء العالم، الاعتراف الدولي بفيدان.
شغل فيدان منصب رئيس جهاز المخابرات الوطنية منذ عام 2010 حين عينه رئيس الوزراء آنذاك أردوغان. وقبل تعيينه في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، عمل فيدان في مكتب أردوغان نائب وكيل وزارة.
وجاء تعيين شيمشك وفيدان، إلى جانب الوزراء البارعين الآخرين الذين حظوا بتقدير كبير لإنجازاتهم الماضية، مؤكداً بشكل لا لبس فيه على تصميم الحكومة الجديدة الحازم على إعطاء الأولوية للعمل. وبينما تقترب تركيا من الذكرى المئوية الجديدة لتأسيسها، سيتخذ الوزراء خطوات جريئة نحو تحقيق أجندة أردوغان التصورية لما بعد عام 2023، التي تتجسد في الإطار الطموح لـ "قرن تركيا".
كما أن الاقتصاد القوي الذي يخفف من أعباء التضخم والبراعة الدبلوماسية المتزايدة سيرفعان من مكانة تركيا الدولية. وبينما تعزز خبرة شيمشك الصورة الاقتصادية لتركيا، فإن محفظة فيدان متعددة الأوجه والتي تشمل الأمن والاستخبارات والدبلوماسية، ستلعب دوراً محورياً في تعزيز المساعي الدبلوماسية التركية المؤثرة في كل من المجالات الإقليمية والدولية. وفي الوقت الذي يعالج فيه شيمشك التضخم واستقرار الأسعار، قد تشمل أولويات فيدان الوشيكة شق طريق نحو التطبيع مع سوريا.
وبطبيعة الحال، ستواجه كل وزارة في مجلس الوزراء أجندة شاملة تتراوح من الزراعة والطاقة إلى التجارة والرياضة وذلك بسبب التوقعات العالية التي تتطلب نتائج ناجحة في الأشهر التالية. وستشكل الجهود الجماعية لهؤلاء الوزراء الجدد مسار تركيا وهي تتنقل في مشهد عالمي معقد ومتطور باستمرار.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس