محمد عاكف صويصال - يني شفق
كانت زيارة الرئيس أردوغان إلى الخليج هي الأكثر أهمية من نوعها على ساحة السياسة العالمية في الفترة الأخيرة، حيث يسعى أردوغان مع توقف عملية العولمة وزيادة أهمية التعاون الإقليمي إلى فهم واستغلال هذه المرحلة جيدًا والتقدم بخطوات مدروسة لنقل تركيا إلى الصدارة في مجال التعاون الإقليمي.
الاستثمار المباشر على الصعيد العالمي
بداية لابد من النظر إلى الصورة كاملةً لفهم وضع الاستثمار المباشر جيدًا فعلى الصعيد العالمي تم تحقيق استثمارات أجنبية بقيمة 1.6 تريليون دولار عام 2021، وبقيمة 1.2 تريليون دولار عام 2022، وكانت كل من أمريكا والصين والبرازيل في صدارة أكثر الدول جذبًا للاستثمار الأجنبي. أما عن تركيا فقد استطاعت في العشرين عامًا الماضية تحقيق نجاح ملحوظ وجذب مستثمرين من كل أنحاء العالم وذلك بفضل الجهود الكبيرة المبذولة في هذا المجال، حيث ارتفعت نسبة الاستثمارات المباشرة التي كانت تصل إلى نحو مليار دولار سنويًا حتى العشرين عامًا الماضية، ارتفعت لتصل إلى 22 مليار دولار سنويًا بتأثير سياسة الخصخصة المتبعة في عهد أردوغان، ثم عادت لتنخفض إلى 5-6 مليارات دولار سنويًا بعد أحداث مؤامرة "غيزي". وعلى الرغم من زيادة الاستثمارات المباشرة في عهد أردوغان إلا أنه لا تزال هناك فجوة استثمارية كبيرة في تركيا.
وبفضل الموقع الجغرافي المميز الذي تتمتع به تركيا والبنية التحتية اللوجستية والتكنولوجية والنظام البيئي الصناعي الذي طورته فقد حقق كل مشروع استثماري أجنبي في تركيا أرباحًا كبيرة ونجاحًا على مستوى الأسواق المحلية والعالمية.
هل استثمارات الخليج في مأمن لدى الغرب ؟
على الرغم من محاولات الغرب العديدة وضع العقبات في طريق تركيا إلا أن تركيا وبقيادة أردوغان أثبتت مرارًا وتكرارًا أنها مركز آمن للاستثمار، وبفوز أردوغان في الانتخابات الأخيرة أثبتت تركيا مرة أخرى أنها ستكون في الفترة المقبلة أيضًا مركز استثمار آمن ووفير، وقد مُني الغرب الذي تحالف مع المعارضة بفشل ذريع.
وتبين في الأحداث الأخيرة التي تطورت مع الحرب الروسية الأوكرانية مدى كذب الغرب في وعوده تجاه المستثمرين الأجانب فيما يتعلق بضمان رأس المال والحق في التملك، حيث قام في أول مشكلة واجهته بإعطاء نفسه الحق بمصادرة ممتلكات روسيا وأغنيائها كما حاول الاستيلاء على ممتلكات كانت تبحر في المياه الدولية وأثبت بذلك أنه لم يعد جديرًا بالثقة.
وبعد أن ظهر الغرب على حقيقته هل يمكن ضمان ألا يتكرر نفس السيناريو مع دول الخليج يومًا ما؟ وإلى أي مدى يمكن الوثوق بحسابات مصرفية تُرى صورها على أجهزة الكمبيوتر فقط؟ ومن يستطيع ضمان رؤوس أموال المسلمين في الغرب الذي دائمًا ما يضطهد المسلمين؟ وهل يمكن الاعتقاد بوجود رابط أو على الأقل منفعة مشتركة تجمعنا مع الغرب!
والغرب دائمًا ما يقوم بتهديد الدول بعد أي حادثة تحصل، وكلنا نعلم التهديدات التي وجهها للدول العربية المسلمة بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول والإجراءات المجحفة التي اتخذها بحقهم ولا تزال مستمرة رغم مرور سنوات عديدة على الحادثة.
وأخيرًا بعد كل ما ذكرناه ما مدى عقلانية تصرف دول الخليج في جعل استثماراتها كلها في مكان واحد مركزه الغرب؟
الحقيقة هي أن الصديق الوحيد لدول الخليج والجغرافيا الإسلامية هو تركيا بقيادة أردوغان والشعب التركي، وقد أثبتت تركيا ذلك بشكل واضح من خلال التعاون القائم على الثقة والصداقة مع قطر وأذربيجان.
وعلينا ألا ننسى أنه في موازين العالم الحديث الاستمرار والقوة يكونان في التعاون الإقليمي فقط، والدولة التي تمتنع عنه فإنها تسعى إلى هلاكها بنفسها، وستضمن كل من تركيا ودول الخليج أمن بقائها وقوتها من خلال التعاون المشترك وتحقيق المنافع المتبادلة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس