محمود سمير الرنتيسي - سيتا
ساهم فوز المعارضة التركية بانتخابات البلدية في أكبر مدينتين من حيث عدد السكان في تركيا في 2019 ضمن عوامل أخرى في توليد زخم كبير بالرغبة في الفوز بالانتخابات العامة الرئاسية والبرلمانية التي جرت في مايو 2023.
ولكن عندما خسرت المعارضة السباق الانتخابي في 2023 قبيل 9 أشهر تقريبا من انتخابات البلدية التي ستجرى في مارس 2024 بدا أن معادلة أخرى بمعطيات جديدة سيتم كتابتها بدلا من المعادلة التي فازت بها المعارضة التركية في انتخابات البلدية في 2019.ولعلنا في السطور القادمة نشير لبعض من هذه المعطيات الجديدة والمهمة والجوهرية في نفس الوقت.
أولا هناك خلاف شديد بين رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو ورئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو حيث عمل إمام أوغلو على إزاحة كليجدار أوغلو عن رئاسة حزب الشعب الجمهوري تحميلا له لمسؤولية الخسارة في الانتخابات الأخيرة وعمل هو على تقديم نفسه كمرشح محتمل لكنه لم يستطع أن يحدث شيئا أمام قوة ونفوذ كليجدار أوغلو داخل الحزب، وأمام قدرة كليجدار أوغلو على تقديم مرشح آخر بديل لإمام أوغلو في الانتخابات البلدية القادمة، لكنه على الأرجح لن يفعل لأنه يريد أن يشغل إمام أوغلو بمعركة البلدية بدلا من معركة الحزب على الأقل خلال المدى القريب. لعل العامل الثاني وربما الأكثر أهمية هو مستقبل تحالف المعارضة نفسه فهناك تساؤلات قد تتضح إجاباتها خلال الأيام والأسابيع المقبلة بعد أن أحدثت الانتخابات العامة زلزالا في تحالف المعارضة وأحزابه يوجد توجه أولي لدى الحزب الثاني في المعارضة وربما أحزاب أصغر بعدم خوض الانتخابات البلدية ضمن التحالف المعارض التقليدي وهذا عامل يؤثر في النتيجة النهائية.
أما العامل الثالث فهو غياب زخم فكرة التغيير إذ إن الناخب أراد التغيير في 2019 بعد أن فاز حزب العدالة والتنمية ببلدية اسطنبول منذ قدومه إلى الحكم ومن قبل ذلك كان أردوغان على رأسها منذ 1994.
أما العامل الرابع فهو الإخفاقات وخيبة الأمل من عدد من الناخبين من أداء البلدية الحالي وخاصة أزمة الثلوج التي كان رئيس البلدية يستمتع فيها بإجازته خارج المدينة.
لعل العامل الخامس هو الدروس التي تعلمها حزب العدالة والتنمية سواء بتقديم مرشح أصغر سنا من مرشحه السابق، والتحالفات الجديدة مع أحزاب صغيرة داخل اسطنبول من خلال إعطاءها بلديات صغرى فيها.
بالنسبة لأكبر حزب معارض ليس لديه بدائل لشخصيات ذات رمزية مثل أكرم إمام أوغلو وتمسكا بأكبر بلدية في تركيا فقد يدعم إمام أوغلو بالرغم من كل ما حدث من خلافات داخلية.
ومن المرجح أن يقبل إمام أوغلو بهذا فهو يدرك أنه إن لم يفز بالبلدية فلا أمل له في الحزب ولا في الترشح للرئاسة في 2028.
لم يكن في مخيلة كليجدار أوغلو يوما أن إمام أوغلو الذي رشحه في يوم ما لرئاسة البلدية قد ينافسه على الترشح للرئاسة قبل الانتخابات الأخيرة وعلى موقعه في رئاسة الحزب بعد خسارته لها. ولكن هذه هي طبيعة السياسة الواقعية.
وفي السياسة أيضا يعد من الخطأ بل من المصيبة خوض المعارك المتكررة بنفس المعادلات دون تحديث المعطيات فهي مثل مباريات كرة القدم لا يعني أنك فزت على ناد رياضي قبل 4 سنوات أنك ستفوز عليه فقد تغير المدرب واللاعبون وطريقة اللعب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس