ترك برس
شهدت ولاية غازي عنتاب، جنوبي تركيا، إطلاق مبادرة لإعادة تأهيل مئات الأطفال السوريين ممن يعانون من مشاكل في السمع.
ولم تكن الطفلة رغد تعلم أن ضجيج الحياة الذي سمعته للمرة الأولى هو الأمل الوحيد الذي كانت تتعلق به والدتها وتتمناه، لتصبح قادرة على السمع بشكل جيد، بعد العمل الجراحي الذي خضعت له لزراعة القوقعة في أذنها.
واستفادت رغد وأقرانها من برنامج التأهيل السمعي، الذي اعتبر الأكبر من نوعه على مستوى العالم، بتنفيذ الجمعية الدولية لرعاية ضحايا الحروب والكوارث "منظمة الأمين" بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت".
ضجيج الحياة
طفت مشاعر مختلفة عند مشاهدة ردة فعل الأطفال عندما تمكنوا من السماع لأول مرة، والتي تنوعت بين الصراخ أو الصمت أو البكاء، لكن ردة فعل ذويهم تشابهت بانهمار دموع الفرح، حيث كانوا ينتظرون هذه اللحظات التي ستفتح باب الحياة لأطفالهم.
ولم تتمالك والدة براء دموعها عندما بدأ طفلها بالبكاء بعد أن أجرى له الأطباء تجربة لقياس سمعه فور خروجه من العملية التي تكللت بالنجاح، وأضافت أن هذه العملية ستنقذ طفلها الذي كان الجميع ينزعج منه أثناء زيارتهم، لأنه عندما كان يلعب بشيء أو يحمله يقوم بكسره لأنه لا يستجيب لطلب تركه.
بل تمنت في المستقبل أن يكون طفلها طبيبا مختصا في جراحة الأذن، ليشارك في علاج من يعانون مثله، ولعله يساعدها في تحسين ظروف حياتها، فهي تتلقى أجر 600 ليرة تركية (18 دولارا تقريبا) أسبوعيا مقابل عملها خارج مقر إقامتها في ريف حلب الشمالي، لا تكفي لتوفير احتياجات الحياة اليومية الأساسية.
جهود البرنامج
وفي حديث خاص للجزيرة نت، أوضح المنسق الطبي لبرنامج التأهيل السمعي الطبيب علاء الخطيب أن جمع بيانات الأطفال بدأ منذ ما يقارب الشهرين في كل من سوريا وتركيا، ومن ثم تم تحليلها، لتتم دعوة الأطفال لمقابلات بعد اعتماد المعايير الطبية لقبولهم، من حيث العمر ودرجة نقص السمع والحس العصبي ومستوى تأهيل النطق السابق.
وأضاف الطبيب أن بداية المشروع كانت بإجراء عمليات لـ30 طفلا تكللت بالنجاح، تم فيها تركيب القطعة الخارجية وإجراء المعايرة الأولية، قبل الانتقال للمرحلة الثانية الحالية، والتي استهدفت 85 طفلا.
وأشار إلى أن برنامج "سمع" السعودي التطوعي الذي أعلنت عنه المنظمة يعد من الأكبر على مستوى العالم للتأهيل السمعي وزراعة القوقعة، وسيتم من خلاله تنفيذ 24 برنامجا طبيا تطوعيا متخصصا في زراعة القوقعة، وسيستمر على مدار عامين كاملين.
ويستهدف البرنامج 940 طفلا، بينهم 690 طفلا من الشمال السوري، و250 طفلا سوريا من المقيمين في تركيا، وسيتم تنفيذه على عدة مراحل لتتم الاستجابة لكل الأطفال المحتاجين لزراعة أجهزة القوقعة.
ونوه الخطيب إلى أن علاج الأطفال لا يتوقف عند تركيب الجهاز الذي يعد الأفضل من نوعه، إنما يستمر ببرنامج لمعالجة النطق وتأهيل الأطفال في مراكز منتشرة بالشمال السوري.
ويتم تنفيذ البرنامج بواسطة فريق كبير من أطباء سعوديين ماهرين، يقدمون خدماتهم بشكل تطوعي، بالإضافة لجراحين وممرضين وأخصائي السمع والنطق، ويشمل البرنامج توزيع 3 آلاف سماعة طبية ذات جودة عالية للأطفال المحتاجين، كما قدرت تكلفة البرنامج بما يقارب 90 مليون دولار.
وتأتي هذه المبادرة بالتزامن مع مبادرة سعودية أخرى، حيث قام المستشار بالديوان الملكي السعودي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة، بزيارة لمدينتي الريحانية وقرقخان بولاية هاتاي في الجمهورية التركية لتفقد البرامج التطوعية المنفذة من المركز لمتضرري الزلزال في سوريا وتركيا.
وقال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في بيان: "قام معالي الدكتور عبدالله الربيعة والوفد المرافق له في بداية الجولة بالاطلاع على سير العمل بأنشطة برنامج "سمع" السعودية التطوعي للتأهيل السمعي لزراعي القوقعة في المستشفى الأمريكي بمدينة الريحانية، واستمع معاليه لشرح عن أهداف البرنامج وخطة سيره والذي أسهم في تخفيف معاناة الأسر المحتاجه ، كما التقى خلال الجولة بالكوادر التطوعية السعودية المشاركة في برنامج زراعة القوقعة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!