ترك برس
تناول تقرير للكاتب والخبير السياسي التركي نيدرت إيرسانال، أبعاد محاولة اغتيال الرئييس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وكيف أنها تتفاعل مع الأوضاع السياسية والاقتصادية العالمية، مع التركيز على التحليل الاستراتيجي والتأثير المحتمل لمثل هذه الأحداث على مستقبل الأمم المتحدة والعالم بأسره.
وقارن الكاتب في تقريره بصحيفة يني شفق بين محاولة اغتيال ترامب وأحداث تاريخية أخرى مماثلة، مثل اغتيال جون كنيدي والرئيس ريغان، وكيف أنها كلها كانت على عتبة تحولات كبيرة في التاريخ الأمريكي والعالمي.
وتطرق إلى التوترات الجيوسياسية والاقتصادية والعسكرية، والآثار المحتملة لمثل هذه الأحداث على السياسة الداخلية للولايات المتحدة وعلى الانتخابات الرئاسية المستقبلية، وكيف أنها قد تؤثر على التوازن العالمي للقوى.
وفيما يلي نص التقرير:
إن نجاة دونالد ترامب من محاولة الاغتيال لم تنقذ الولايات المتحدة من السقوط في الهاوية فحسب بل أراحت العالم الذي كان قلقا من التعقيدات المحتملة للانتخابات الرئاسية التي طال انتظارها وكأنها النهاية.
لكن المخاطر لا تزال قائمة مع إمكانية امتداد تداعياتها لتشمل الكوكب بأسره. مما يعني أن الأمور لا تزال "على حافة الهاوية".
أولا: لفهم محاولة الاغتيال بشكل أفضل يمكن النظر إليها من أربعة جوانب:
أ) الجانب الجنائي والفني.
ب) الولايات المتحدة .
ج) السياق العالمي.
د) العلاقات والارتباطات بين هذه العوامل.
ثانيا: لم يكن الاغتيال مفاجأة كبيرة. فقد كتب العديد من الأشخاص في كل من تركيا والعالم عن احتمال تعرض ترامب للاغتيال. تكمن المفارقة في أن المشكلة لم تكن في ترامب نفسه، بل في حالة الولايات المتحدة والعالم.
ثالثا: كان الهدف هو القتل، فبينما تقدم مثل هذه الأحداث أرضا خصبة لإنشاء سيناريوهات مختلفة، يشير التحليل الجنائي والفني للحادث إلى قرار متعمد بالقضاء على ترامب. وحتى تصريح مكتب التحقيقات الفيدرالي، بعد 24 ساعة فقط من وقوع الحادث، بأن "الجاني تصرف بمفرده" يشير إلى ذلك.
رابعا وبين قوسين: لقد حولت الولايات المتحدة "إطلاق النار على الرئيس" إلى هوس. لا مثيل لهذا في أي مكان بالعالم. لقد جعلته جزءا من ثقافتها السياسية. كما استغلت "الفن والإعلام" كأدوات لتحقيق هذه الغاية. (فيلم "سائق التاكسي" لعام 1976 خير مثال على ذلك.)
خامسا: إذا كان الهدف هو قتل ترامب، فإن السؤال "ماذا لو قُتل؟" قد يقدم لنا خيطا هاما لفهم ما كان سيحدث. لو تحقق ذلك لنتج عنه مشهد "شيطاني".
سادسا: حتى الأمس القريب، كان يقال على سبيل المزاح: إن الانتخابات الرئاسية العالمية الحاسمة ستدور بين "مصاب بالخرف ومجنون" لكن عدم الاستقرار الناتج عن ذلك كان من شأنه أن يخلق دوامة تجتاح البلاد والعالم. منذ هجوم الكونغرس في يناير 2021، تعيش الولايات المتحدة في مثل هذا المناخ، والعالم على شفير "الحرب العالمية الثالثة". بعبارة أخرى، الخيار في الانتخابات هو بين "الشياطين".
سابعا: إن المخاوف من حروب محتملة، والوضع الاقتصادي العام، وتعدد الأقطاب، وحالة المناطق الحيوية مثل غزة وأوكرانيا، بالإضافة إلى ضغوطات سنة الانتخابات على مستوى العالم - ويمكننا توسيع نطاق هذه القائمة - تُبقي العالم في حالة "جاهزة للانحدار نحو الفوضى".
ثامنا: هناك شعور بنمط معين بين أحداث اغتيالات جون كنيدي وريغان وترامب. ففي جميع هذه الحالات، كانت الولايات المتحدة والعالم على عتبة ما، حيث كانت الحروب والاغتيالات أمرا لا مفر منه، كما أنها تشترك جميعا في أوجه تشابه من حيث المنافسة والتحالفات بين دوائر القوى الداخلية الأمريكية ودوائر القوى الخارجية. هذا هو الخطر ولا يزال قائما.
تاسعا: لا يفصح منفذ الاغتيال عن أي معلومات، ولا يمكنه ذلك. "لا يعرف من سحب الزناد". كما أن فحص السلاح لا يجدي نفعا، فهو سلاح عادي لا يحمل أي معلومات.
عاشرا: لا داعي لشرح أخطاء عناصر الخدمة السرية المكلفين بحماية ترامب. فقد كشفت الصحافة الأمريكية عن كل شيء بالفعل؛ تناقلت عناوين الأخبار عبارات مثل "الخدمة السرية رافقت الرئيس السابق عند نزوله من المنصة" أو "كأنه أول يوم عمل" وما إلى ذلك. ولا داعي للاهتمام بتصريحات ترامب التي تبرئ الخدمة السرية، فهو سيسلم نفسه لهم عندما يصبح رئيسا. المسألة هي ما إذا كان هناك رابط بين هذا القدر من عدم الكفاءة وبين الاغتيال. ويلمح ستيف بانون، مستشار الأمن القومي السابق لترامب خلال فترة رئاسته إلى أن "مدير جهاز الخدمة السرية (كيمبرلي شيتل) هو المسؤول الأول عن عملية الاغتيال".
الحادي عشر: في الولايات المتحدة على وجه الخصوص، الرجل الذي كان سيعود البيت الأبيض "للانتقام" تعرض للاغتيال.
الثاني عشر: في الغرب على وجه الخصوص الديمقراطية الأمريكية، وهي الركيزة الأساسية للديمقراطيات، تصارع الموت أمام أعين الجميع.
الثالث عشر: في سياق الانتخابات الرئاسية أعاد الاغتيال تعريف الحملة الانتخابية. لكنه لم يحدد بعد مصير الصندوق الانتخابي.
الرابع عشر: على الصعيد العالمي، يمثل التوتر المتصاعد بين بايدن وترامب، والذي ينظر إليه على أنه سباق انتخابي بحت، قمة جبل جليدي هائل. فالسؤال الجوهري هو: أي دور سيؤديه كل منهما في "النظام العالمي الجديد، العالم متعدد الأقطاب، وإلى أي جانب سينحازان؟ هذا من ناحية يصف الجبهات الداخلية للولايات المتحدة، ومن ناحية أخرى يكشف عن تحالفاتهم وخططهم العالمية.
الخامس عشر: على سبيل المثال، يمكنكم وصف العناصر المتنافسة أو المتقاطعة داخل النظام المؤسسي الأمريكي. تشمل هذه العناصر المحافظين الجدد، والذكاء الاصطناعي، ووزارة الخارجية، والبنتاغون، والقيادة المركزية الأمريكية، والمجموعات الرأسمالية، والمجمع الصناعي العسكري، والعناصر الدينية، والانتماءات الميتافيزيقية، والإنجيليين، والطاقة، والأسلحة، والمحاور الرقمية، وجميع أنواع جماعات الضغط، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية. لكن لا يمكنكم نزع "الحروب" من أيدي أمريكا. فهم يتوحدون ويقتلون. على الرغم من أن هذه الفصائل تبدو متنافسة، إلا أنها تتفق على مجالات رئيسية، أولها المال. إنهم يتنافسون بشراسة على "شكل المال ولونه"، لكنهم يرون ذلك كمسألة داخلية. ولا يسمحون لأحد بالاقتراب من مصدر المال، حيث تستمد منه القوة السياسية.
السادس عشر: دعونا نوضح ذلك أكثر قليلا: لقد حظي "القطاع الخاص" في الولايات المتحدة دائما بامتيازات خاصة، ووصل إلى ذروة تمكينه خلال "العصر الليبرالي". ففي تاريخ البلاد لأول مرة، تمكنت جماعات رأس المال، وبالتحديد تلك المتخصصة في "التكنولوجيا العالية، والرقمنة، والذكاء الاصطناعي"، و"الأجهزة"، من السيطرة على الحكومة، أو على الأقل المطالبة بذلك. ولنذكر هنا تصريح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الذي اعتبر الذكاء الاصطناعي أحد الأسباب الثلاثة المحتملة لحرب عالمية.
السابع عشر: في المقابل، هناك المجموعات الرأسمالية القديمة للنظام الراسخ. تشمل هذه المجموعات التمويل، والخدمات المصرفية، وبنية الدولار، وشراكات الطاقة، وما إلى ذلك. وبينما يحرز الشرق الصاعد تقدما كبيرا في حملة مكافحة الدولرة، فإنه بطبيعة الحال يشكل تحالفا من "العملات المشفرة". وهذا مجرد مثال واحد على الارتباط بين الاغتيال وديناميكيات الولايات المتحدة الداخلية والنظام العالمي الجديد.
هناك نقاش حول نتائج محاولة الاغتيال على السياسة الداخلية للولايات المتحدة والانتخابات الأمريكية. فقد برأ ترامب نفسه من كل ما عرضه على ناخبيه حتى الآن كعدو "غامض" من خلال عبارة "هم". كما سيعزز من توحيد صفوف المتشككين في صفوفه. كما قال ديفيد أكسلرود، الخبير الاستراتيجي السابق لأوباما: "أصبح لدينا الآن المسيح".
التاسع عشر: قد يكون المسيح بشرى سارة للبعض، لكنه إحدى علامات الساعة.
العشرون: بغض النظر عن نتيجة الانتخابات، لن يتغير "السياق العالمي هذا يعني "أنها مجرد بداية".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!