إسماعيل ياشا - عربي21
بحث البرلمان التركي في جلسة مغلقة، أمس الثلاثاء، العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان، كما قدم فيها وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع ياشار غولر، إحاطة إلى النواب بشأن التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط وتدابير أنقرة لحماية الأمن القومي التركي، في ظل احتمال توسع دائرة الحرب في المنطقة.
رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزل، قال بعد خروجه من الجلسة المغلقة، إنهم لم يسمعوا شيئا جديدا، واتهم الحكومة بمحاولة تغيير أجندة البلاد وإبعادها عن مشاكلها الحقيقية من خلال بث الرعب حول الخطر الإسرائيلي، مدعيا بأن إسرائيل لا تشكل خطرا على تركيا ولا ترغب في مهاجمتها، وأن الذين يدافعون عن "الأرض الموعودة" في إسرائيل ليسوا إلا أقلية صغيرة. وبهذه التصريحات، يتعارض رئيس أكبر حزب معارض مع حلفائه من الأحزاب السياسية كحزب السعادة وحزب المستقبل.
رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، يختلف مع رئيس حزب الشعب الجمهوري، ويقول إن هدف إسرائيل هو أنقرة وإسطنبول وليس بيروت وبغداد، ويضيف أن تركيا مسجلة في أجندة الإرهاب الإسرائيلي الخفية. ودعا بهتشلي في كلمته أمام نواب حزبه، إلى استخدام القوة لوقف العدوان الإسرائيلي.
الجلسة المغلقة الأخيرة في البرلمان التركي جاءت بعد أن لفت رئيس الجمهورية التركي، رجب طيب أردوغان، إلى أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، تتحرك من منطلق "هذيان الأرض الموعودة"، وتضع الأراضي التركية نصب عينيها بعد فلسطين ولبنان. وتتفق الأغلبية الساحقة من الأتراك مع أردوغان في هذا الرأي، كما أشارت نتائج استطلاع رأي أجري قبل أيام في عموم البلاد، إلى أن 89,4 في المائة من الأتراك يعتقدون بأن إسرائيل تريد أن تحتل جزءا من الأراضي التركية.
أنقرة ترى أن شهية رئيس الوزراء الإسرائيلي مفتوحة لنشر الحرب وتوسيع الاحتلال، وأنه يسعى إلى ترتيب الشرق الأوسط وتغيير حدود الدول وأنظمتها، كما توعد في تصريحاته، وأن هذه الرغبة العدوانية المبنية على خرافة "الأرض الموعودة" تهدد دول المنطقة كلها بما فيها تركيا. وبالتالي، يجب العمل لوقف الهجمات الإسرائيلية قبل أن تتحول إلى حرب شاملة تأكل الأخضر واليابس.
هناك أسئلة تطرح نفسها في ظل تصريحات المسؤولين المشيرة إلى الخطر المحدق الذي تشكله السياسة الإسرائيلية التوسعية على الأمن القومي التركي، مثل: "هل تستطيع إسرائيل أن تهاجم تركيا عسكريا؟"، و"هل تصل شرارة الحرب إلى الأراضي التركية في حال انتشرت في المنطقة؟"، و"هل يمكن أن تتدخل تركيا عسكريا لوقف العدوان الإسرائيلي قبل أن يتوسع؟". هذه الأسئلة وغيرها يطرحها المواطنون في مجالسهم، ويبحثون لها عن أجوبة، في محاولة لفهم الواقع واستشراف المستقبل.
وزارة الدفاع التركية أكدت قبل حوالي أسبوع أن القوات المسلحة التركية تتابع عن كثب جميع التطورات التي تشهدها المنطقة، وتقوم بتقييمها في إطار إستراتيجية أمنية ذات أبعاد متعددة، وتتخذ كافة التدابير اللازمة، كما أنها مستعدة لتحييد أي خطر أو تهديد يوجّه أو يمكن أن يوجّه إلى تركيا. كما شددت في ذات البيان على أن الهجمات الإسرائيلية غير الإنسانية تضرب بالقانون الدولي عرض الحائط وتهدد الأمن الدولي والاستقرار العالمي والإقليمي.
تركيا تطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته في وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان، واستخدام جميع الوسائل للجم حكومة نتنياهو المتطرفة. وكما جاء في كلمة أردوغان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تدعو أنقرة إلى فرض تدابير قسرية على إسرائيل لحماية الفلسطينيين وتشكيل تحالف دولي ليوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ على غرار تحالف الإنسانية الذي أوقف هتلر قبل سبعين عاما. وتبذل أنقرة جهودا دبلوماسية وقانونية لمعاقبة قادة إسرائيل المتورطين في المجازر، إلا أنه من غير المتوقع أن تتدخل في الحرب ما لم تقم إسرائيل بالهجوم عليها مباشرة.
الرأي السائد في تركيا هو أن إسرائيل لا يمكن أن تتجرأ على استهداف تركيا مباشرة في الظروف الراهنة، ولكنها يمكن أن تستخدم تنظيمات إرهابية أو جماعات موالية لها داخل تركيا لاستهداف أمن البلاد واستقرارها من خلال إثارة الفتن والقلاقل، وهذا ما يجعل رص الصفوف أمرا ضروريا لمواجهة المخاطر والتحديات، في ظل تصاعد التوتر في المنطقة واحتمال اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وإيران.
الساحة السياسية التركية شهدت قبل أيام خطوة رمزية نحو تعزيز الجبهة الداخلية، وهي مبادرة رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، بمصافحة نواب حزب المساواة والديمقراطية للشعوب في البرلمان التركي. ودعا بهتشلي الحزب المتهم بموالاة حزب العمال الكردستاني، إلى نبذ العنف والإرهاب والتحول إلى "حزب تركيا"، بدلا من أن يكون "حزب أقلية أو منطقة" في البلاد، مؤكدا أن ما قام به "دعوة إلى الأخوّة والوحدة الوطنية". ورحب قادة حزب المساواة والديمقراطية للشعوب بهذه المبادرة، وأعلنوا أنهم مستعدون للحوار، ولكنهم أشاروا في ذات الوقت إلى الحاجة لخطوات ملموسة لحل المشاكل وتحقيق الأمن والسلام.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس