د. علي محمد الصلابي - خاص ترك برس
المواطنة هي عقدٌ اجتماعي بين المواطن الفرد والدولة بما تحمله من مؤسسات تشريعية وتنفيذية وقضائية وإدارية، وبذلك تكون العلاقة علاقة مشاركة بين الطرفين بأسلوب حضاري وتنظيمي، فالمواطنة هي علاقة بين الفرد والدولة التي يحددها الدستور بما ينص عليه من حقوق وواجبات للمواطن، ومؤداها حب وإخلاص المواطن لوطنه، وخدمته له في أوقات السلم والحرب، وتشمل المواطنة مفهوم الانتماء، والذي يعني انتساب الفرد لكيان معين يكون مندمجاً من خلاله شاعراً بالأمان في أرضه، محباً له ومعتزاً بهويته، فخوراً بالانتساب له، وفي نفس الوقت منشغلاً بقضاياه، وعاملاً على حل مشكلاته، وملتزماً بقوانينه وقيمه، ومراعياً للصالح العام، ومحافظاً على مصالحه وثرواته، غير متخلٍّ عنه في أوقات الأزمات والمحن.
والمفهوم الحديث للمواطنة يعتمد على الاتفاق الجماعي القائم على أساس التفاهم من أجل تحقيق ضمان الحقوق الفردية والجماعية، كما أن المواطنة في الأساس شعور وجداني من خلال الارتباط بالأرض، وبأفراد المجتمع الآخرين المقيمين على أرض الوطن، وهي لا تتناقض مع الإسلام؛ لأن المواطنة عبارة عن رابطة بين أفراد يعيشون في زمان ومكان معين، أي: جغرافية محددة، والعلاقة الدينية تعزز المواطنة (المواطن والمواطنة، القرضاوي، ص17).
كما أن المفهوم الحديث للمواطنة تطور مع الدولة الحديثة؛ التي تعتبر نفسها السلطة المطلقة داخل حدودها، وأن أوامرها نافذة على كل من يقطن داخل تلك الحدود الجغرافية، ولكن ومن أجل منع استبداد الدولة وسلطاتها، فقد نشأت فكرة المواطن؛ الذي يمتلك الحقوق غير القابلة للأخذ، أو الاعتداء عليها من قبل الدولة، فهذه الحقوق هي حقوق مدنية تتعلق بالمساواة مع الآخرين، وحقوق سياسية تتعلق بالمشاركة في اتخاذ القرار السياسي، وحقوق جماعية ترتبط بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فالمواطنة هي البوتقة التي تنصهر فيها جميع الانتماءات القبلية والجهوية والعرقية... إلخ لصالح انتماء واحد فقط هو الوطن، دون أن يعني ذلك إلغاء الانتماء للدين أو القبيلة أو الأسرة، أو المنطقة أو خلافه، وإنما يعني عدم تعارض هذه الانتماءات للانتماء الأكبر للوطن (المواطنة والوطن، الصلابي، ص23).
المراجع:
المواطن والمواطنة في ضوء الأصول العقدية، يوسف القرضاوي، دار الشروق، مصر، 2010م.
الوطن والمواطنة في الدولة الحديثة المسلمة، على الصلابي، دار ابن كثير، ط1، 2014م.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس