عبد القادر سيلفي - صحيفة يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس
في الفترة السابقة لما كان الخروج من تركيا ممنوعا على دميريل قال "هل سأشكو مشاكل دولتي للأجانب"، واليوم نسمع رئيس الحزب الجمهوري كمال كيلجدار أوغلو يرد على السؤال المتعلق باللاجئين السوريين ويقول “إن تركيا قامت بالمطلوب منها على أكمل وجه"، وينسى تصريحاته السابقة قبل انتخابات 7حزيران/ يونيو الماضي التي قال فيها "سنعيد إخوتنا السوريين الى بلادهم".
لقد أصبحت تركيا أكثر لينا من الماضي؛ ففي الوقت الذي لم تكن تستقبل فيه لاجئين؛ نراها اليوم تستقبل ما يقارب المليوني لاجئ، والغريب هنا أننا لا نلوم الأسد على هذه المأساة؛ وإنما نلوم أردوغان، ونرى كذلك رفض أوروبا لهؤلاء اللاجئين رغم الإمكانيات التي لديها، بينما نرى في المقابل استضافة الأردن ولبنان والعراق وتقاسمهم للخبز معهم رغم ظروفهم الاقتصادية السيئة التي يعيشونها، فلقد أظهرت أوروبا خوفها من بضعة آلاف من اللاجئين لا عشرات او مئات الآلاف.
لقد كانت آمال تركيا في المنطقة تتمثل بتثبيت استقرارها، وقد أظهرت ذلك في كل زمان ومكان أمكنها ذلك، لكن إرادة الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا لم تستجب لها، فهم أرادوا أفغانستان جديد ينقلون إليه معركتهم الخاصة، فكما قال الرئيس الحادي عشر للجمهورية التركية عبد الله غُل "لقد أصبح هناك أفغانستان جديد على شواطئ البحر الأبيض المتوسط"، وكما كان الحال في أفغانستان بوجود القاعدة، كان لا بد من ظهور ولد جديد يعكس تلك الظروف الصعبة التي باتت تعيشها سوريا والعراق، فظهر تنظيم الدولة الإسلامية.
في اجتماع الأمم المتحدة في نيويورك أظهر رئيس الوزراء داود أوغلو الأمل المنشود في حل أزمة اللاجئين السوريين بالمنطقة الواقعة بين جرابلس وعزاز، والمراد من هذا الطرح هو تعزيز تماسك وصمود السوريين في سوريا؛ الأمر الذي سيصبح مثالًا يُحتذى به في كل الأماكن التي من الممكن أن تعيش مثل هذه الأزمة، وتتمثل القضية بطرفين لا ينفكان؛ وهو بناء أماكن تحتضن اللاجئين ومن ثم تعزيز الأمان في تلك الأماكن.
"المنطقة الآمنة" هو الاسم الذي وضع لما تريد تركيا أن تنشئه، وهو يشبه إلى حد بعيد ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية في حرب الخليج عندما وضعت حدود مناطق الأكراد والشيعة في العراق مناطق محظورة جويا؛ فجعلت من تلك المناطق أكثر أمانا؛ الأمر الذي لم يترك مجالا لحصول مشكلة للاجئين مثل التي يعاني منها الشعب السوري اليوم. وتتمثل هذه المنطقة الآمنة حسب ما أوضح رئيس الوزراء بإنشاء ثلاث مدن مليونية في المنطقة بين جرابلس وإعزاز بطول 90كم وعرض 55كم. وفي الحديث عن هذه الثلاث مدن نجد ثلاث نقاط يكثر الوقف عندها وهي:
1- ما بين جرابلس ومنبج.
2- منطقة مارع.
3- منطقة إعزاز المقابلة لأونجوبينار.
بعد بناء هذه المدن الثلاث سيتم نقل اللاجئين المتواجدين في مخيمات أورفا وكيليس وغازي عنتاب إليها، وستتم حمايتها جويا عبر التحالف الدولي، أما الحماية الأرضية فستتم عبر الجيش السوري الحر. ويتواجد في هذه المنطقة ثلاث مناطق قد تُعتبر مشكلة؛ وهي سوران الكردية والباب التي يسيطر عليها داعش والأهم منهما حندارات التي يسيطر عليها النظام السوري، فحسب تقارير المخابرات الأخيرة نعلم بوجود جنود للجيش الروسي في حندرات. يتواجد الجيش الروسي في كل المناطق ما عدا اللاذقية وطرطوس المحاذية للبحر، فعلى الحدود الجنوبية بتنا نرى العلم الروسي؛ لتكون بهذا بداية عودة الجيش الروسي لمنطقة الشرق الأوسط عبر سوريا والعراق.
نرى اليوم تحالفًا إيرانيًا روسيًا عراقيًا سوريًا بغرفة عمليات مشتركة في بغداد تنسق مع أربيل، في المقابل كانت دعوات رئيس الجمهورية أردوغان ورئيس الوزراء داود أوغلو تشير إلى غرفة عمليات تجمع الولايات المتحدة الأمريكية مع روسيا وتركيا. كما وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بان دول الحل في الازمة السورية المتمثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والمملكة العربية السعودية وإيران وتركيا، وقال بان أي حلول تستثني أيًا من هذه الأطراف ستكون بلا فائدة.
في كلمة أوباما التي ألقاها في مجلس الأمم المتحدة تحدث عن فترة انتقالية تعيشها سوريا، وأضاف بأن إيران وروسيا مستعدتان من اجل حل الأزمة السورية، ونسي في حديثه هذا جملة حل الأزمة "يجب اختيار قائد جديد" وهو يسبح في أحلامه وهواه. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا، بعد كل هذه الجهود ألم يستطيعوا اختيار قائد جديد يحل هذه الأزمة؟ السبب هنا هو اختلاف النوايا، فنوايا البعض تهدف إلى زيادة عمق الأزمة، فبدل توجيه الجهود لتغيير الأسد؛ نراهم وقد وجهوا الدفة نحو داعش، كما وقد بتنا نرى زيادة وتيرة الحديث عن التواجد الروسي خلال الشهر الأخير.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس