عربي 21
بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة إلى بروكسل يوم أمس، هي الأولى له منذ أن ألغى زيارته عام 2011، وجاء الرئيس التركي واثقا من نفسه، حيث تغيرت المواقف واستطاع قلب الطاولة.
ويقول المحلل سايمون تيسدال في صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وجها لأردوغان نقدا في السنوات الماضية؛ بسبب ما رآه نزعة شمولية، ورفضه أداء الدور الذي تريده الولايات المتحدة وحلف الناتو منه.
ويشير التقرير إلى ان أردوغان بدا في السنوات الماضية منبوذا في هذه الدوائر الغربية، مستدركا بأنه جاء إلى بروكسل واثقا بأن الأوروبيين هم الذين أصبحوا بحاجة إليه لا هو.
ويقول تيسدال إن "أوروبا، التي تواجه تدفقا للمهاجرين، لم تر مثله من قبل، ومع تزايد التهديد من تنظيم الدولة والتدخل الروسي الواسع في سوريا، فقد أصبحت أوروبا بحاجة إلى أردوغان أكثر من أي وقت مضى".
ويضيف الكاتب أن التغير قد بدأ عندما طلب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون مساعدة تركيا لوقف تدفق الجهاديين البريطانيين وغيرهم، عبر الحدود التركية إلى سوريا والعراق. ففي زيارته إلى أنقرة قال كاميرون إن البلدين يعملان معا لهزيمة تنظيم الدولة، وبعد عام لا يزال هذا الزعم محلا للشك.
وتبين الصحيفة أن مسعى كاميرون قد حصل قبل أن تبدأ أزمة المهاجرين عبر المتوسط، التي أثرت على كل اهتمام ثنائي. واستقبلت تركيا حوالي 1.8 مليون لاجئ سوري، بعضهم أجبر على اتخاذ خطوات يائسة بعد أربع سنوات من الحرب التي أفقدتهم الأمل، ولهذا حاولوا الوصول إلى أوروبا عبر اليونان والبلقان.
ويلفت التقرير إلى أنه بعد أن فشلت الدول الأوروبية بالتوافق على سياسة واحدة للتعامل مع أزمة اللاجئين، ناشد الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي تركيا المساعدة في وقفها. وعرضت الدول الأوروبية مليار يورو مقايضة لتحسين أوضاع اللاجئين في تركيا والأردن ولبنان. ولم تؤثر هذه المبادرة وتجذب بالتالي حكومة أنقرة.
وينقل تيسدال عن الدبلوماسي السابق سنان أولغين، قوله: "لا يمكن لتركيا أن تكون الحل لفشل الاتحاد الأوروبي في التحرك بشكل جماعي، ومواجهة المأساة الإنسانية العظيمة، وتطوير سياسات تتشارك فيها بتحمل العبء".
وتورد الصحيفة أن زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيلتشدار أوغلو يقول: "لا أحد التفت عندما اندلعت الحرب الدموية في سوريا، ولكنهم بدأوا يتعاملون معها بجدية عندما وصل السوريون إلى أبواب أوروبا، هذه ليست مشكلة تركيا، بل هي مشكلة أوروبا".
ويجد التقرير أنه مهما يكن من الأمر، وسواء كان أردوغان مستعدا للمساعدة لحل مشكلة المهاجرين أم لا، فإن هذا يعتمد على ما سيقدمه الأوروبيون له مقابل ذلك. مشيرا إلى أنه من أشد الناقدين لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وتتشارك أنقرة مع أوروبا في قلقها من الحملة الروسية في سوريا، التي تستهدف الجماعات المعارضة للأسد، التي تدعمها تركيا، بالإضافة إلى تنظيم الدولة.
ويوضح الكاتب أن أردوغان كان قد تساءل نهاية الأسبوع عن السبب الذي يدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتورط في سوريا، قائلا: "ليست لروسيا حدود مع سوريا، أما انا فلي 911 كيلومترا من الحدود، أشعر بالقلق لما يجري"، وذلك في لقاء له مع قناة "الجزيرة".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن أردوغان كان قد اقترح مرارا إنشاء مناطق ومعابر آمنة للسوريين، إلا أن الفكرة رفضت من بريطانيا وأمريكا. ولكن الطيران الروسي يضرب بشكل عشوائي، ما أدى إلى مقتل مدنيين، وانهارت اتفاقيات وقف إطلاق النار المحلية. وهو ما قد يقود إلى موجات لجوء جديدة تتدفق نحو تركيا، وتؤدي إلى زيادة الأزمة. وبالنسبة لأردوغان، فإن إنشاء مناطق آمنة أصبح أكثر إلحاحا.
وتذكر الصحيفة أن فكرة أردوغان لقيت دعما الأسبوع الماضي من المرشح الجمهوري المحتمل لانتخابات الرئاسة جون كاسيتش، الذي دعا إلى نشر قوات أمريكية في سوريا لطرد تنظيم الدولة والروس أيضا.
وينوه تيسدال إلى أن قائمة المطالب التي يحملها معه أردوغان إلى بروكسل لا تتوقف عند الأزمة السورية، بل إنه يريد وقف النقد الأوروبي للسياسات المحلية، بما في ذلك حملاته ضد الصحافيين. ويريد دعما أوروبيا فعليا للحملة الجديدة التي يقوم بها ضد حزب العمال الكردستاني "بي كي كي".
ويرى التقرير أنه من اللافت أن موضوع عضوية تركيا للاتحاد الأوروبي لن يحظى باهتمام كبير في المناقشات، فقد كان الموضوع في فترة من الأهمية بمكان، وقد أشارت أنقرة إلى العراقيل التي وضعتها ألمانيا وفرنسا أمام الطلب التركي.
وتستدرك الصحيفة بأن الوقت تغير، فقد سخر أردوغان من أوروبا، حيث قال إن بلاده لم تعد مهتمة بالانضمام إلى "النادي المسيحي المعادي للإسلام".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أنه في ضوء الأزمة المالية الأوروبية، والإهانة التي وجهتها روسيا لأوروبا في أوكرانيا وسوريا، وانقسامها حول مسألة اللاجئين، فلم يعد أردوغان مهتما بالنادي الأوروبي. وبدلا من ذلك، فإن زيارة أردوغان ستكون تذكيرا بالمدى الذي تراجع فيه تأثير أوروبا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!