خلود الخميس - الأنباء
تصوت تركيا اليوم الأحد لانتخابات برلمانية مبكرة, وسأتناول هنا أربعة عوامل قد تكون مؤشرات لفوز حزب العدالة والتنمية في تشكيل حكومة تركيا المقبلة منفرداً:
الأول : حزب الشعوب الديمقراطي – اليمين الكردي:
بالرغم من أن العدالة والتنمية هو من دعاه, عبر تبنيه ملف المصالحة الوطنية, للانخراط في العمل السياسي بدلاً من العنف والاقتتال مع مؤسسات الدولة, والنتيجة ما يفوق ثلاثون ألف قتيل من الطرفين, إلا أنه انتهج خطاب عاطفي واستخدم بكائية الضعف وعدم تمكنه بلوغ حاجز 10% الذي يؤهله للتمثيل البرلماني, فكسب دعم من مختلف التوجهات, غير الحزبية, لتتفاجأ بتعنته وتفرعنه عبر أول خطاب لزعيمه بأنه لن يشكل حكومة ائتلافية مع العدالة والتنمية, وعودة النزاع المسلح للشارع, وهؤلاء فهموا أن ترويض من اعتاد على حرب الشوارع يتطلب أكثر بكثير من بدلة وربطة عنق.
هذا بالتأكيد سيخسر " الشعوب " الأصوات غير الحزبية والتي أعطته الفرصة ليخوض تجربة الشراكة السياسية, فلم يحسن استخدامها وفرط بالفرصة.
الثاني : حزب الحركة القومية - اليمين التركي:
لقد راقب الشعب التركي تعنت الحزب في العملية السياسية حيث رفع شعار ( لا ) لكل تسوية أو اقتراح أو حل أو مشاركة, وهذا بين للأتراك, المتمرسين في التجربة الحزبية, أن الغرض كان مصالح الحزب لا مصالح الوطن والمواطن, أما ما قصم ظهر الحركة القومية قبول نائب رئيسها " توغرل توركش " المشاركة في حكومة أحمد داود أوغلو لتسيير الأعمال, والذي نصبه فيها نائباً لرئيس الوزراء, الأمر الذي أدى إلى فصل " توركش " تأديبياً من حزبه المقاطع للتشكيل, وتقاطعت وجهات النظر بينهما فهو يرى أن مصلحة الوطن تتقدم على مصلحة الحزب.
والنتيجة أن انضم لقائمة العدالة والتنمية مرشحاً عن أنقره, في أكبر ضربة موفقة لأحمد داود أوغلو المعروف بدهائه.
الثالث : حزب العدالة والتنمية:
وكان حزب العدالة والتنمية, في خطوة غير مدروسة لإعطاء فرص للشباب, قد صوّت في وقت سابق على ألا يترشح من أتم ثلاث دورات انتخابية عضواً في البرلمان.
فحُرم الحزب من أفضل رجالاته في القائمة الانتخابية للانتخابات وأخفق بتحصيل الأصوات المطلوبة, وهؤلاء مثل نواب رئيس الوزراء بولنت ارنيتش وعلي باباجان وبشير أتالاي وبكير بوزداغ, ووزير العدل سعد الله إرغين, وبعد إلغاء هذا القرار في المؤتمر العام العادي الخامس, اختير أربع وعشرين مرشحاً لينضم لقوائم انتخابات الأمس.
الرابع : خطاب العدالة والتنمية لشريحة الشباب:
بينت استطلاعات الرأي أن شريحة الشباب لديهم جهل في أوضاع تركيا الإقتصادية والمعيشية والأمنية ومكانتها الدولية قبل تقلد العدالة والتنمية الإدارة في البلاد للسلطتين التنفيذية والتشريعية, وأنهم يرون إنجازاته ليست إلا أداء لواجباته, وهي بالفعل واجباته, لكن قياساً بالفساد السابق يجب أن تعتبر تلك الإنجازات حافزاً لدعمه وتوليته إدارة البلاد ليستمر فيها.
بينما الواقع أن أغلب الأعمار ما دون الخمس وعشرين عاماً تطلبوا خطاباً موجهاً, فأعده العدالة والتنمية لتوضيح مقارنة بين تركيا قبل 2002 وبعده, وقد نجح بتسويقه وبلوغ التجمعات الشبابية في الجامعات بأنحاء ولايات تركيا الواحد والثمانين والتي في كل منها أكثر من جامعة حكومية مجانية, وهذا الذي ينعم به الجيل الحالي لا يدري كم حرم منه من سبقهم بسبب الفساد السياسي وتدخل المؤسسة العسكرية في العملية السياسية, وعدم حياد القضاء.
لا شك أن اليمين التركي والكردي والذي خسر لصالحهما العدالة والتنمية ترتيباً : 3% و4% , من أصواته قد ركز بعد الهزيمة على استمالتها في صفه للانتخابات المبكرة معتمداً على الأسباب أعلاه.
الكواليس التي أشارككم بها مهمة لتساعدنا على فهم أسباب النتائج, ولمزيد من فهم مسيرة التجربة الحزبية في تركيا, وأثر وعي المواطن في حقه المشاركة السياسية في بيئة القرار الحر, على تنمية وازدهار بلاده.
وعن قرب من العملية السياسية أقول لكم : لا توجد تجارب سياسية كاملة, النجاج يتطلب دائماً تصحيح المسار, ومن يعمل سيخطئ لا شك.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس