غولاي غوك ترك - صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس
نحن محظوظون جدًا بامتلاكنا أغلبية اجتماعية حكيمة...
هذه الأغلبية تأمين لدولتنا...
هذه الأغلبية صمام الأمان الفريد من نوعه لديمقراطيّتنا...
هذه الأغلبية فرضت التوازن اللازم من جديد في انتخابات الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر.
هذه الانتخابات كانت الرد الأمثل على جميع الأناس الذين حاولوا زعزعة الأمن ونشر الفوضى وإثارة حرب أهلية بين طبقات المجتمع، وكانت أيضًا الحصن الحصين أمام المنادون بكل يوم بأن تركيا سوف تغرق وتلحق بركب المجتمعات الأخرى من حولها.
بلا أي ضجة أو صخب وبصبر عظيم انتظرت هذه الأغلبية ورأت وأدركت ما يجري من حولها وأعطت قرارها في الأخير بأعلى صوت وبكل وقار وقالت: "أنا هنا، لم أمُت فعلى الجميع الصمت".
بالنظر للنتيجة النهائية في الانتخابات الأخيرة فلم يكن أحد يتوقع نسبة 49.5% لصالح حزب العدالة والتنمية؛ فهناك عنصران مُهمّان أثرت على النتائج تتمثل في الإصلاحات التي قام بها حزب العدالة والتنمية، والعنصر الآخر يعود إلى الأخطاء التي وقعت فيها أحزاب المعارضة مُجتمعة.
إذا عدنا قليلًا إلى الانتخابات السابقة في السابع من حزيران/ يونيو، قام قسم من الناخبين بتوجيه إنذار لحزب العدالة والتنمية ومقاطعة الانتخابات، وقسم آخر أدلى بصوته لصالح أحزاب أخرى، لكن وفي صباح اليوم التالي استيقظ الناس على نتيجة لم تكن في الحسبان، وأن هذا الإنذار قد كان شديد ولم يكن محسوب بدرجة دقيقة، فكانت النتائج سيئة من شأنها إبعاد الدولة عن المنافسة والنهوض. لكن في الانتخابات المعادة نفس القسم من الناخبين رجعوا بأصواتهم إلى حزب العدالة والتنمية وكانت الانتخابات في الأول من نوفمبر تصحيحًا للأخطاء مع إبقاء لهجة التحذير والإنذار.
فالقسم الذي كان ينوي إنذار حزب العدالة، تصور أن الحزب أفدى نفسه ووطنه في سبيل الحفاظ على مبادرة السلام وسلم المنطقة لحزب العمال الكردستاني، فذهبوا بأصواتهم إلى حزب الحركة القومية، لكن بعد ذلك أيقنوا أن حزب العدالة كان ثابت في قراراته وكانت مقاومته لحزب العمال الكردستاني ناجحة، فهذه الأسباب جعلتهم يعودون إلى حزب العدالة والتنمية من جديد وإعطاؤهم الحق في قيادة هذه الدولة وتولي المسؤوليات المُوكلة لهم.
بعد خمسة أشهر كانت ستكون عصيبة على البلد، قام حزب العدالة والتنمية بتحمل المسؤولية إدارة الدولة، فلم يُخلّف أثرًا بتاتًا ولم يترك البلد بلا حكومة، وتعامل مع الفراغ الذي كان سيكون في ظل عدم نجاح أي حزب في تشكيل حكومة لوحده أو تشكيل حكومة ائتلافية، نجح في إجراء انتخابات جديدة دون التأثير على أمن واستقرار البلد، فهذه الفترة زادت الثقة فيه بصورة كبيرة، وكسب ثقة المجتمع التركي وبان أنه الحزب الوحيد الذي همه الأعلى هو مصلحة الدولة.
بالإضافة لهذه العناصر قامت تشكيلات حزب العدالة والتنمية بالعمل وبذل مجهود أكبر، وتصحيح الأخطاء التي كانت في قوائم المرشحين في الانتخابات، وأخطاء المعارضة التي وقعت فيها والضعف الذي أظهرته في حملتها الانتخابية، كذلك التلاؤم بين أردوغان وأحمد داود أغلو؛ كانت جميعها فعالة جدًا في الوصول للهدف المُبتغى والحصول على نتيجة عالية بنسبة 49.5% في انتخابات الأول من نوفمبر.
لم تكن هذه العناصر وحدها من أثرت في نتائج الانتخابات، فظهور حزب الشعوب الديمقراطي الكردي على حقيقته وأنه ليس حزب سياسي فقط؛ بل عبارة عن ذنب لمنظمة إرهابية تتمثل في حزب العمال الكردستاني وأنه هدفه ليس حل القضية الكردية سياسيًا وإنما يعمل لصالح أجندة خارجية. هذه الانتخابات كانت رد واضح وصريح على الخرافات التي تدعو إلى إنشاء إقليم كردي مستقل في جنوب شرق تركيا.
أما بالنسبة لحزب الحركة القومية فكان حاجز طوال الخمسة أشهر الماضية، فلم يبادر في تحمل المسؤولية وإدارة الدولة بالتحالف مع حزب العدالة والتنمية، فأتى العصيان من أغلبية مُؤيّديه ودفع ثمن هذه السياسة التي اتبعها في انتخابات الأول من نوفمبر.
أما بالنسبة لحزب الشعب الجمهوري فالانتقادات الموجهة له في مواضيع مختلفة، أهمهما عدم تقديم أي شيء جديد على الساحة وعدم تنفيذ أي وعد من الوعود المدرجة في نظام الحزب الداخلي. لا يمكن تجاهل الحملات التي قام بها في دعم التنظيم الموازي ومجموعة دوغان الإعلامية، والوقوف معهما جنبًا إلى جنب. في المحصلة كان ذنب وتابع لأطراف أخرى غير مستقل بسياساته أبدًا، فلم يكبر ولم يصغر بل بقي كما هو أداة مستعملة من قبل الأطراف الأخرى يعمل لصالح أطراف خارجية.
هناك أمور أخرى مهمة اتضحت مع النتيجة المُدوية التي خرجت بها صناديق الاقتراع تتمثل في الآتي:
رؤية وإدراك الأغلبية الحكيمة من الشعب للحصار الدولي، فكان يجب عليه أن يكسر هذا الحصار بإعطاء الثقة لحزب واحد ألا وهو حزب العدالة والتنمية. فحزب العدالة قام بالماضي بتحدي الأنظمة الإمبريالية واليسارية، وإنارة مستقبل الدولة ونقلها من الظلمات إلى النور، وإبراز جميع المحاولات الدولية في تقسيم تركيا المتمثلة بإعداد مخططات جديدة تشبه معاهدة سايكس بيكو، والدور الذي قام به حزب العدالة ورئيسه سابقًا رجب طيب أردوغان في كشف هذه المخططات والوقوف في وجهها.
من الآن وصاعدًا سوف تختلط جميع الأوراق، فعلى الجميع إعادة حساباتهم من جديد، فنحن على أعتاب مرحلة جديدة، فأنا أعتقد أن هناك أيامًا أفضل تنتظرنا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس