غولاي غوك تورك – صحيفة أكشام - ترجمة وتحرير ترك برس
بداية أستغرب أن يبدأ الحديث عن النظام الرئاسي حتى قبل أن يجف الحبر على البطاقات الانتخابية، كنت أتمنى لو أخذنا نفسًا واسترحنا قليلا ثم بدأنا عملنا لهذه الفترة الجديدة بالتركيز على مواضيع تجمعنا؛ مثل الخطة الاقتصادية لأول مئتي يوم أو إزالة العتبة الانتخابية (الحد الادنى)، أو إعادة النظر بالرذالة المسماة مؤسسة التعليم العالي "يوك" أو ركزنا على تحقيق الوعود بالتغيرات الاصلاحية التي قُطعت للعلويين قبل الانتخابات مثلا.
لكن بكل أسف لم يحدث هذا وانما وجدنا أنفسنا فجأة وسط نقاشات بخصوص النظام الرئاسي. ماذا نفعل؟ ما دام النقاش قد بدأ فلنشارك. ولكن لنبدأ أولا بالبحث عن إجابة لهذه التساؤلات.
بداية، هل نحن نرغب بالانتقال للنظام الرئاسي لكونه أفضل من النظام البرلماني أم نحن لا نرغب بالانتقال ولكننا مجبورون عليه، يعني في الماضي وبسبب الخلافات بين 367 مقعدًا أصبح اختيار رئيس الجمهورية مُناط بالشعب فهل الآن كون المساحة الفاصلة بين رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية أصبحت ساحة للمعارك، وبالتالي أصبحنا مضطرين على اختيار النظام الرئاسي لحل هذه الخلافات!
إذا كان الامر كذلك وكنا مجبورين على الانتقال للنظام الرئاسي، فهذا يعني أننا لا نملك الحق في المفاضلة والاختيار بين النظامين وبالتالي أي نقاشات بهذا الخصوص لا فائدة منها حتى أن إجراء استفتاء بهذا الخصوص لا فائدة منه كذلك، فلسان حالكم يقول للناس "إننا دخلنا على طريق لا عودة منه بخصوص اختيار رئيس الجمهورية من قبل الشعب"، أو كأنكم تقولون "إننا مجبرون على هذا الانتقال للنظام الرئاسي لكن نريد أن يتم تطبيقه بفعل أصواتكم".
أما إذا كان التغيير والانتقال للنظام الرئاسي ليس بالأمر الواقع ولكن النظام الجديد سبيل لتحقيق الأفضل لتركيا، عندها وعند طرح الموضوع للنقاش لا يجوز أن تصوروا التغيير وكأنه لا مفر منه، وأنه إذا لم يحدث الانتقال سيتسبب بأزمات كبيرة، إن خلق مثل هذه الأجواء من السلبية والتوعد تجعل لا فائدة ترجى من النقاشات.
ثانيا، إذا كان الانتقال للنظام الرئاسي شرطا للوصول لأهداف 2023 وبدون النظام الرئاسي ستصبح هذه الأهداف وهم وخيال ولن تستطيع الدولة التخلص من أغلالها والقيود المفروضة عليها، فلماذا لم يفصح الداعيين إلى النظام الرئاسي عن كينونة وشكل هذا النظام؛ الشيء الوحيد الذي نسمعه أن النظام البرلماني "بدائي جدا" و"بطيء" بمقابل أن النظام الرئاسي ولكونه "مؤسسة ذات رأس واحده" سيتيح المجال أمام "اتخاذ قرارات سريعة".
ألم يعوا أنه في المنعطف السياسي الحالي هاتان النقطتان لا تمثلان أي فائدة لشريحة كبيرة من المجتمع؟ ففي تركيا نسبة كبيرة تصل لـ 35 – 40% من السكان يتخوفون من "حكم الرجل الواحد" وطموحهم الحقيقي أن تتم مشاركة السلطات وأن تزيد نسبة المشاركة هذه ويتطلعون لأن يكون الإجماع مطلوبًا في كل المناحي المتاحة، ويصرون على التذكير بأن النظام الرئاسي "ذو رأس واحدة" وإن كان يقنع قسمًا من الشعب إلا أنه يحول المخاوف في قلوب البعض الآخر إلى رعب؛ أضف لذلك أن سرعة اتخاذ القرار بشكل عام تذكر بـ"حدث وانتهى"؛ فالفترة التي نعيشها تعتبر فترة بناء وإنشاء، وهناك شريحة من المجتمع تشعر خلال عملية الإنشاء هذه أنها مُستبعدة وغير مرغوب فيها ولاحتواء هذا القسم من الشعب يجب السعي لإيجاد آليات عمل تقوم على القرارات الجماعية، أما التذكير الدائم بسرعة القرار في النظام الرئاسي تجعل هذه الفئة تستشعر البغضاء من هذا النظام بدل من الاحتواء والعاطفة التي هم بانتظارها!
ثالثًا، نحن إلى الآن نعمل على مناقشة ما نجهله حقا، فكلنا يعلم أن هذا النظام الرئاسي الموجود في 70 دولة يطبق بأشكال مختلفة، فعن أيها نتحدث، بدون توضيح "كيفية النظام الرئاسي" الذي نناقشه نكون كمن يطحن الماء.
حزب العدالة والتنمية وإلى الآن تهرب من اقتراح نموذج، فحتى الآن النص الوحيد الذي طرحه حزب العدالة والتنمية بهذا الخصوص هو الاقتراح الذي كان قد تقدم به للجنة الدستور، ونحن قمنا بانتقاداتنا بناءًا على هذا النموذج، والحقيقة أننا لم نقل أي شيء إيجابي بهذا الخصوص، طوال الفترة الماضية وحزب العدالة والتنمية يصرح ومن خلف الكواليس بأن الهدف والقصد من مسودة الاقتراح المرفوعة للجنة الدستور قد أُسيء فهمها ومع ذلك لم يشرح لنا أو يوضح كيفية الاقتراح الذي يعمل عليه.
الآن، إذا كانت هذه المسألة طُرحت للنقاش من جديد وإذا كانت هناك فعلا رغبة حقيقية في نقاش بناء فلا بد لحزب العدالة والتنمية من طرح تلك الآراء والاقتراحات بشكل واضح مُفصل لا يقبل اللبس عن كينونة النظام الذي يسعى إليه وكيفية هذا النموذج المقترح.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس