نهاد علي أوزجان - صحيفة ملييت - ترجمة وتحرير ترك برس
مع تطور الأحداث في سوريا وامتدادها وزيادة تعقيداتها، تشكل معسكرين يؤثران بصورة مباشرة في المشهد السوري، المعسكر الأول تترأسه روسيا، ويعمل فيه معها إيران وحزب الله ونظام الأسد، بينما تقود الولايات المتحدة الأمريكية المعسكر الثاني، وفيه السعودية وتركيا وقطر وفرنسا وبقية دول الاتحاد الأوروبي، وكذلك برزاني، ويلعب كلا من حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي بين هذين المعسكرين.
السؤال المطروح حول مستقبل سوريا، أي معسكر سيفرض رؤيته بصورة أكبر لتحديد شكل مستقبل سوريا؟ ولمعرفة إجابة هذا السؤال علينا أولا الحديث عن رؤية كلا من هذين المعسكرين فيما يتعلق بمستقبل القضية السورية.
يمكننا القول إنّ الرؤية والأهداف السياسية للمعسكر الأول واضحة تماما، ويستطيع تعريف أهدافه بسهولة، فهو يهدف إلى إيجاد شريك في حدود تلك المنطقة، سواء كان بوجود الأسد أو مع نظام بدون الأسد، يعمل هذا الحليف على المحافظة على استمرارية وجود المعسكر الأول في سوريا.
وإذا كانت أهدافهم السياسية واضحة، فهذا يعني أنهم يعلمون جيدا ماذا سيفعلون ومع مَن سيعملون، ويستطيعون أيضا إدراك حقيقة اقترابهم من تحقيق أهدافهم السياسية من خلال التدخل العسكري، وقد يجهزون أنفسهم للحملات القادمة، ولهذا فإنّ كل قرية يحصلون عليها من سيطرة الثوريين يعتبرونه "نصرا"، ووجود تحالف مع إيران وحزب الله تقوده روسيا، سهل من مهمتهم العسكرية كثيرا، حيث يستطيعون المشاركة عسكريا في البر والجو.
كما أنّ تحرر هذا المعسكر من ضغط شعوبه، يجعله يتصرف بصورة أكثر سهولة وليونة، ويتخذ القرارت بأريحية تامة، لأنّ الأنظمة السياسية القائمة في هذا المعسكر لا تعير آراء الجماهير السياسية أي اعتبار، ولا يهمها المصادر المالية والخسائر العسكرية، وبالنسبة لهم أصبحت داعش هدفا ثانويا، والحرب على داعش كانت مجرد سبب لدخولهم ساحة المعركة.
لكن في المقابل، لا يمكن إنكار وجود تشققات واختلافات داخل أروقة المعسكر الثاني، وخصوصا في موضوع الأهداف السياسية، والأولويات والاستراتيجيات، فمن يقود هذا المعسكر هي الولايات المتحدة الأمريكية، التي لا تسعى إلى إرسال جنودها، وتريد قيادة هذا المعسكر بأقل الأضرار الممكنة، وترسل محاربين بالوكالة ليقاتلوا باسم هذا المعسكر على الأرض. أضف إلى ذلك وجود نظام أوباما الذي لن يستطيع اتخاذ أي قرارات هامة خصوصا وأنّهم متجهون نحو انتخابات في أمريكا، والعمليات العسكرية التي يقوم بها هذا المعسكر هي مجرد عمليات "دعائية" ليس أكثر، كما هو الأمر الذي تقوم به القوات الجوية الفرنسية ضد داعش في هذه الأيام.
اتخاذ داعش كهدف رئيسي في العمليات، سيجعل من الصعب معرفة حجم الإنجازات التي يحققها المعسكر الثاني، كون داعش ليست هدفا ملموسا، لأننا لا ندرك أبعاده ولا حدوده ولا ماهيته، ويُضاف إلى ذلك أنّ عناصر هذا التحالف تخضع لضغوطات كبيرة من السياسيين والمعارضة والشارع في بلدانهم، ولا يمكننا أيضا الحديث عن وحدة رأيهم فيما يتعلق بموضوع الأسد والإرهاب.
أعتقد أنّ هذا الحديث سيساعد في معرفة من هو المعسكر الذي سيكون له الكلمة الأقوى في تحديد مستقبل سوريا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس