رائد الجندي - خاص ترك برس
بعد حادثة إسقاط سلاح الجو التركي طائرة سوخوي 24 روسية منذ أيام ، بدأ بوتين يتخبط بتصريحاته يمينا وشمالا، صعودا ونزولا. وأول تلك التصريحات ردة فعله الغاضبة على إسقاط الطائرة، حيث وصف هذه الحادثة بأنها طعنة في الظهر، وسوف يكون لذلك عواقب وخيمة على العلاقات بين البلدين.
ثم أردف قائلا إن القيادة التركية تمارس سياسة متعمدة لنشر التطرف الإسلامي في بلادها. طبعا مع الإعلان عن إلغاء زيارة وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف لأنقرة والتي كانت مقررة قبل إسقاط الطائرة الحربية، ليزداد التوتر بين البلدين.
وهذا التوتر كان متوقعا بل طبيعيا نتيجة إسقاط الطائرة الروسية، وخاصة أن بوتين يريد أن يبقي هيبته التي استطاع - كما يظن - إبرازها من خلال غياب الولايات المتحدة الامريكية عن الأزمة السورية، وضياعها لمفتاح الحل فيها - عن قصد بالتأكيد - وهو ما وجده بوتين فرصة للظهور من جديد كسيد منافس كما كان حال الاتحاد السوفييتي السابق.
لكن أكثر ما يلفت بتصريحات بوتين هي الأخيرة عندما قال: "المشكلة هي أن القيادة التركية الحالية تتبع سياسة لأسلمة تركيا"..!.
فماذا يقصد الرئيس الروسي بهذه العبارة!؟.
إن الرئيس بوتين وكما العالم أجمع يعلم أن للرئيس التركي طيب رجب أردوغان ومن ورائه حزب العدالة والتنمية، نفسا إسلاميا وسطيا ومعتدلا. وقد أشاد الشرق والغرب بهذا النفس المعتدل، بل واعتبروه مثالا يحتذى لمن أراد أن يطبق المبادئ الإسلامية في بلاده.
والطريف في الأمر أن من أطلق هذا الاتهام، هو نفسه من دعا الرئيس التركي
لحضور افتتاح أكبر مسجد، ليس فقط في العاصمة الروسية موسكو بل في أوروبا كلها!.
والطريف أيضا، أن من يتكلم عن "الأسلمة"، هو من يقود (الحرب الدينية المقدسة) دفاعا عن المسيحية الأرثوذوكسية في سورية.
وبما أن كلمة "أسلمة" باتت تعني في نظر العالم "شيطنة" وإرهابا..!. فالواضح من تصريح الرئيس بوتين واتهامه هذا، محاولة شيطنة القيادة التركية، وإلباسها لبوس المنظمات أو الدول الإرهابية، أو الراعية للتطرف والإرهاب.
وهذه ورقة قد يحاول السيد بوتين أن يلعب بها في وجه العالم الغربي عموما وحلف شمال الأطلسي خصوصا. لا بل في وجه الدول الإقليمية، وخاصة المملكة العربية السعودية ودول الخليج.
لا يرغب الرئيس بوتين بالتأكيد في فتح جبهة حرب مع الدولة التركية التي هي عضو مهم في حلف شمال الأطلسي، ولكنه يريد الرد عبر القول إن ما تفعله تركيا هو "حماية مكشوفة" للمنظمات الإرهابية العاملة في سورية، وعلى رأسها داعش طبعا.
حتى أن المنطقة العازلة التي تزمع إقامتها، هي من أجل توفير ملاذ آمن لتلك المنظمات، تنطلق منها للقيام بأعمال إرهابية ضد نظام الأسد "الشرعي".
وهو بهذا الاتهام أيضا، يلعب – كما غيره – على الوتر الديني والطائفي. وخاصة بما يتعلق بموقف القوى العلمانية المعارضة في تركيا، والتي ترى أنه أهون ألف مرة اختراق حدود وسيادة بلادهم، من "أسلمة تركيا"!.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس