ترك برس

قال ديميتار بيخيب، مدير معهد السياسة الأوروبية في العاصمة البلغارية صوفيا، الخبير في الشؤون السياسية، إن الأولوية بالنسبة للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، هي المحافظة على علاقات ودية مع الغرب، وليس فتح جبهات جديدة للصراع، أما الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، "المنتعش بالثقة التي اكتسبها بعد فوزها في انتخابات 1 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، فقد نجح في تسجيل نقطة في الوقت الضائع، وذكّر الجميع، بما فيهم الكرملين، بأن تركيا لا يمكن الاستهانة بها".

وأشار ديميتار في مقال له نُشر عبر مجلة فورين بوليسي، بعنوان "بين تركيا وروسيا: المصالح المشتركة تفرض نزع فتيل الأزمة"، ترجمه موقع منتدى الشرق، إلى أنه "من الصعب التقليل من شأن الخلافات بين روسيا وتركيا فيما يخص سوريا، فالأكيد أن التدخل الروسي شكل صدمة بالنسبة لأردوغان وحلفائه، إذ أن الزيادة الكبيرة في الوجود الروسي في القاعدة الجوية باللاذقية، بالإضافة إلى الدفع بأربعة آلاف من الجنود، شكل ضربة كبيرة للمساعي التركية بفرض منطقة حظر جوي، تكون في الواقع ملاذا آمنا لكل معارضي الأسد، لذلك فإن أردوغان يملك كل الحق في التكشير عن أنيابه والسعي لتلقين فلاديمير بوتين درسا قاسيا".

وأضاف ديميتاري، أن أنقرة ستبذل كل جهدها لتوجيه مزيد من الضربات لروسيا لتحفظ موقعها، مبينًا أن "كل من أردوغان وبوتين مولع باستعمال السياسات الخارجية لإرضاء الرأي العام في الداخل، وأن "كلا الزعيمين يمكنه أن يواصل تبادل الضربات والعراك، ولكن بعد تطور الأوضاع وازدياد منسوب العدائية بين الجانبين، فإنه من المنطقي أن يسعى كل طرف لنزع فتيل الأزمة وتجنب الدخول في صراع".

ونوّه الخبير أن "روسيا وتركيا قد لا تكونان صديقتان، بل أنهما اليوم تبدوان بعيدتان كثيرا عن ذلك، ولكن على ما يبدو يوجد تفاهم بين البلدين"، لافتًا أن "كيفية تأثير الحادث الأخير وتطور المسألة فهذا مرتبط بأردوغان وبوتين".

من جانبه الكاتب التركي، مليح ألتنوك"، إن تركيا قامت من خلال خطوة إسقاط المقاتلة الروسية، التي خطتها ضمن إطار الحقوق الدولية، بإعطاء رسالة مهمة للمنطقة بل للعالم بأسره"، وأن "هذه الرسالة مفادها أن تركيا ثابتة ومصرّة على حماية أمنها القومي في المنطقة وحماية مصالحها الإقليمية"، وأنه "يجب على العالم أن يعرف أن تركيا، ليست مجرد نظام مشكوك في شرعيته".

بدوره أشار الباحث المتخصص في الشؤون التركية، علي حسين باكير، أن "تركيا لا تزال تقف حجر عثرة أمام هذا الطرح، فبموازاة القصف الروسي للمعارضة المعتدلة، قامت تركيا بزيادة الدعم المقدم لهذه الفصائل لاسيما في الشمال، وقد أفقد ذلك زخم الهجوم الروسي لأنه لم يؤد حتى الآن إلى إجبار هذه الفصائل على تحقيق ما تريده موسكو".

وقال باكير إن "التعاون التركي- السعودي في المنطقة آخذ بالتطور لاسيما في الملف السوري، وتحول الدولتان حاليا دون قدرة موسكو على تحقيق ما تريده في الملف السوري، والمشكلة الروسية مع هاتين الدولتين أنهما تعتمدان سياسات أكثر ذكاءً مؤخرا تتفادى من خلالها المواجهة المباشرة لاسيما العسكرية ولكنها تحمل معها نتائج تقوض من الجهد الروسي وهذا يضع موسكو في موقف حرج أمام نفسها وأمام حلفائها وأمام العالم".

ولفت باكير إلى أن "موسكو تعلم جيدا أنها لا يمكن أن تستمر في حملة عسكرية جوية لأمد طويل، وتستهدف تركيا والسعودية دعم المعارضة المسلحة بما يمكنها من الصمود أكثر وقت ممكن أمام الحملة الروسية، ولذلك فكلما مر المزيد من الوقت دون أن تحقق موسكو هدفها ازداد التوتر لديها وقلت خياراتها وأصيبت عنجهيتها العسكرية بأزمة ذاتية وانتهى دورها المخطط له في سوريا".

أما أتيلا يايلا، الكاتب والأكاديمي التركي، فأشار أن "روسيا نزلت إلى الساحة السورية وأضحت من أهم اللاعبين في الشرق الأوسط، وسعت إلى إحاطة تركيا من حدودها الجنوبية بالتعاون مع النظام الشيعي في العراق وإيران، وقدموا الدعم وتعاونوا مع حزب الاتحاد الديمقراطي لتحقيق هذا الهدف، وتجرؤوا أكثر ليهاجموا التركمان في جبل "باير بوجاق"، وهو الأمر الذي لم تستطع تركيا ولا الشعب التركي السكوت عليه".

وأردف الكاتب التركي قائلًا : "يرى محللون أنّ القوة العسكرية لروسيا أضعف مما يظنه البعض، وإذا استثنينا السلاح النووي، فإنّ روسيا ستجد صعوبة بالغة في الصمود في حرب طويلة ومدمرة، وعليه فإنه من غير المتوقع أنْ تشعل روسيا فتيل الحرب، وهي تدرك بأنّ وقوف حلف الناتو إلى جانب تركيا سيجعل من كلفة مثل هكذا حرب أكبر بكثير مما يتوقعون".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!