رحيم إر – صحيفة تركيا – ترجمة وتحرير ترك برس
بينما كانت الصواريخ والمتفجرات تهطل في سماء سوريا كان وزيرا خارجية أمريكا وروسيا جون كيري وسيرجي لافروف يتباحثان خيارتهم في وقف إطلاق نار يشمل كل أطياف الصراع من دون تنظيم داعش. وتعقيبا على ما يحصل تواردت الأسئلة مستنكرة ومتعجبة: إذا كان الأمر بهذه السهولة ويستطيعون التوصل إلى اتفاق يجمعهم عن طريق اتصال هاتفي فقط، فلماذا انتظرت أمريكا وروسيا كل هذه المدة حتى هلك الحجر والشجر؟ ولماذا انتظروا موت أكثر من نصف مليون وتهجير أكثر من 10 مليون سوري عانوا أسوأ ما في هذه الحياة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجة؟
وبين هذه الأسئلة تضيع أسئلة أخرى تحار في ظُلمات اجابتها، فمن مفاجآت الربيع العربي إلى غموض داعش، ومن حصار المعارضة للأسد إلى التدخل الروسي لفك هذا الحصار… فبعد لقاء أوباما مع بوتين وبدون أي تأخر اقتحمت روسيا الساحة السورية بحجة حرب داعش بهدف إنقاذ بشار الذي بات يعاني من ضغط المعارضة عليه، فدخل الدب الروسي وبدأ يضرب يمنة ويسرى في المعارضة والتركمان انتقاما وتخفيفا عن أزلامه.
تحالفت قوات إيران مع القوات الروسية ونظام الأسد في جبهة واحدة، وتوصل الغريمان الأمريكي والروسي إلى اتفاقياتهم السرية المبطنة، فاستقرت الرؤية الأمريكية على استخدام وحدات حماية الشعب الكردي كقوات برية تنفذ أجندتها من خلالها. في المقابل كانت ألمانيا والسعودية هي الدول التي تؤيدنا في رؤيتنا السياسية، وتأمل ألمانيا بهذا أن يُفتح لها مناطق وسط آسيا وأقصاها بعلاقتها مع الأتراك. وفي ضوء كل العدوان الذي تواجهه تركيا لم نجد أي تعاطف دولي حقيقي معها إثر الاحداث الدموية التي تسبب بها داعش صاحب الفكر الوهابي وحزب العمال الكردستاني الإرهابي، فالقتلى لم يكونوا رؤساء ولا فرنسيين ولا ألمان بل كانوا أتراك!
بين ثنايا كل هذه الحقائق لن تقف تركيا صامتة عل كل هذا الظلم، فقد تحركت ضد كل أشكال الاعتداء والإرهاب الذي تواجهه، فأسقطت الطائرة الروسية عندما دعتها الحاجة إلى ذلك دون أي تردد، وقصفت وحدات حماية الشعب الكردي الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي محظية أمريكا، وفصلت بحكمتها وبصيرتها بين أعدائها وأصدقائها، فوقفت وقفتها الإنسانية مع اللاجئين والمظلومين وعاقبت الظلمة والخونة والإرهابيين المجرمين.
لم تهتز تركيا من كل الضغائن والمكائد التي تحاك لها، فلم ترتعد من التهديدات الروسية، ولم تثبط من خيبة الأمل التي تلقتها بسبب التصرفات الأمريكية والأوروبية غير الصديقة، ولا حتى من التقاعس الدولي وتخاذل الناتو. بل كان الأمر عكس ذلك، فقال رئيس الجمهورية معبرا عمّا في قلب كل تركي "نحن نستخدم حقنا الطبيعي في الدفاع عن أنفسنا، وسنفعل كل ما يلزم من أجل ردع كل معتدي، والخيارات في ذلك مفتوحة، كما يمكننا توسيع قواعد الاشتباك حتى نرد كل معتدٍ ومسعر حرب؛ لأننا أصحاب إرادة وأهل شجاعة".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس