محمد حامد - ترك برس
في بلد تفرض فيه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية سيطرتها على جميع وسائل الإعلام المقروء والمرئي والمسموع منذ إقامة الدولة عام 1948، وامتدت هذه السيطرة أخيرا لتشمل الرقابة على المدونات ووسائل التواصل الاجتماعي، استغلت الصحف الإسرائيلية أزمة صحيفة زمان، وأشهرت أسنة أقلامها ضد الحكومة التركية، متهمة إياها بالسعي إلى فرض رؤية الحزب الواحد على الديمقراطية التركية.
تجاهلت الصحف الإسرائيلية حكم المحكمة التركية بفرض الوصاية على الصحيفة، وصبت كلها في اتجاه اتهام الرئيس أردوغان بفرض سيطرته على الإعلام، فجاءت عناوينها الرئيسة من منبع واحد، فعنونت صحيفة يديعوت أحرونوت "دراما في تركيا: أردوغان يسيطر على أكبر صحيفة في البلاد"، ولم يختلف العنوان الذي صدرت به صحيفة يسرائيل هايوم التابعة لنتنياهو، فكتبت "أردوغان يسيطر على أوسع الصحف انتشارا"، وكتبت معاريف "الحكومة التركية تسيطر على أشهر الصحف التركية".
وفي الاتجاه المعاكس للتباكي الإعلامي الإسرائيلي على حرية الصحافة التركية، نشر دان كاسبي أستاذ الإعلام في جامعة بن غوريون مقالا أمس الخميس عرض فيه بإيجاز لقضية زمان متخذا من ذلك منطلقا لفضح الديمقراطية الإسرائيلية، وحرية الإعلام المزعومة في إسرائيل، ويكشف أنها ليست سوى بوقا لليمين الديني الحاكم، واصفا الإعلام الإسرائيلي الحالي بكلب الحراسة المحتضر الذي لا يعض.
وكتب كاسبي "إن الديمقراطية الإسرائيلية الحالية ليست في حاجة لكي تسيطر بيدها على الصحف، إذ يكفيها أن تصدر صحيفة مجانية (في إشارة إلى صحيفة يسرائيل هايوم التي توزع مجانا ويملكها الميلياردير اليهودي الأمريكي وصديق نتنياهو شلدون أديلسون) تسبح بحمد رئيس الحكومة وتهاجم كل خصومه، إلى جانب التدخل الحكومي في جدول بث القناة الأولى، والانتقادات التي توجهها الأذرع الحكومية لإذاعة الجيش، وغير ذلك كثير.
وعدد كاسبي عددا من فضائح الإعلام الإسرائيلي فقال "وإذا لم يكن ذلك كافيا، فقد ظهر أخيرا توجه جديد في الإعلام الإسرائيلي، إذ بدأت منظمات وأفراد اختلاق أحداث وأخبار وتسويقها للصحفيين الذين يسارعون إلى شراء البضاعة الفاسدة. خذ مثلا القناة الثانية التي بثت تقريرا عن فلسطينيين يتحرشون بنساء يهوديات داخل الحافلات المشتركة. وبعد أيام اتضح أن الصور التي وردت في التقرير كانت أصدرتها جمعية "عاد كان" اليهودية المتطرفة في إطار حملتها للفصل بين اليهود والعرب في الحافلات.
وواصل كاسبي انتقاده لفساد الإعلام الإسرائيلي والسيطرة الحكومية عليه، ولفت إلى أن السيطرة الحكومية على الإعلام يتوازى معها معركة استنزاف ضد النخب القديمة المستقلة الصحفية والقضائية والثقافية وغيرها، وذلك كله يحدث على ضوء انقلاب ثقافي يتحدى مبادئ الديمقراطية الغربية، ويكفي في هذا المقام أن نطالع مقال المشرف على تدريس المواطنة في وزارة التعليم لكي نفهم كيف انحدرت الديمقراطية الإسرائيلية.
وبعد مرور ثلاثة أيام على أزمة زمان، أعلن عن توصل الحكومة التركية والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق مبدئي بشأن خطة عمل لمواجهة أزمة اللاجئين الذين يتدفقون على أوروبا، تحصل تركيا بمقتضاها على مساعدات تصل إلى 5 مليار دولار، إلى جانب بدء المباحثات حول سفر المواطنين الأتراك إلى دول الاتحاد دون تأشيرة.
لم يمر هذا الحدث مرور الكرام في الصحافة الإسرائيلية، فسارعت بتوجيه الاتهام إلى الاتحاد الأوروبي بالضعف والتخاذل أمام تركيا، وأنه يغض البصر عما تقوم به تركيا ضد حرية الإعلام في مقابل تأييد تركيا لوقف تدفق اللاجئين. وكان أبرز من شارك في حملة التحريض ضد تركيا الصحفي الإسرائيلي ذو الأصول التركية حاي إيتان كوهين يانورجاك.
منذ هجرته من تركيا إلى إسرائيل في عام 2006 أصبح يانورجاك باحثا متخصصا في الشأن التركي في معهد ديان لأبحاث الشرق الأوسط، واستهل عمله بحملة ممنهجة ضد سياسات حزب العدالة والتنمية، حتى قبل اندلاع الأزمة بين تركيا وإسرائيل في أعقاب حادثة الاعتداء على السينة مرمرة، وتدهور العلاقات بين تركيا وإسرائيل.
وغداة الإعلان عن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي نشر يانورجاك مقالا مطولا نشره موقع ميداه، اتهم فيه الرئيس أردوغان بأنه يستخدم السياسة الخارجية التركية لتعزيز مكانته على حد زعمه، كما اتهم الاتحاد الأوروبي بأنه يفضل عدم الرد بشدة على أردوغان بسبب ما يحدث داخليا في تركيا بسبب خشيته من استمرار موجة اللاجئين السوريين الذين يحاولون عبور الحدود التركية إلى اليونان.
وواصل يانروجاك تحريضه وكتب "على ضوء احتياج أوروبا إلى تركيا لإيقاف موجة اللاجئين، فإن أردوغان لا يتردد في استخدام اللاجئين أداة للحصول على أهداف سياسية، ففي إطار الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي طلبت تركيا إلغاء تأشيرة دخول المواطنين الأتراك إلى أوروبا، وهي قضية تثير حماس المجتمع التركي، وسيعد حلها انتصارا كبيرا بالنسبة للشعب التركي".
وبعيدا عن اتفاق الاتحاد الأوروبي، نشر موقع والا الإخباري تقريرا عن استمرار نشاط حركة حماس في إسطنبول، تتضح فيه أصابع أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، إذ زعم التقرير أن السلطات التركية على علم بنشاط خلية حماس، ولكنها تغض الطرف عنها، وأن إسرائيل أرسلت عدة رسائل للجانب التركي تطلب منه العمل على إغلاق هذه الخلية، لكنها لم تتلق ردا حتى الآن من تركيا.
وخلال الأسبوع الحالي نشر معهد التصدير الإسرائيلي بياناته عن الصادرات الإسرائيلية في عام 2015 التي تكشف أن هذا العام كان أسوأ عام للصادرت الإسرائيلية منذ الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث انخفضت الصادرات الإسرائيلية إلى خمس دول. واللافت هنا أن الصحف الإسرائيلية ركزت على انخفاض الصادرت إلى تركيا بما يقارب 40% عن عام 2014، وأرجعته إلى انخفاض أسعار الطاقة، مشيرة إلى التدهور المستمر في نشاط الشركات الإسرائيلية التي تعمل في تركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!