ولاء خضير - خاص ترك برس
بعد يوم واحد من تسريبات صحفيّة، نشرت اتهامات أردنية لتركيا بتصدير الإرهاب إلى أوروبا، في اجتماع خاص ضم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وعددا من أعضاء الكونغرس الأمريكي، وصل رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إلى العاصمة الأردنية عمّان، لإجراء محادثات ثنائية بين البلدين.
الحكومة الأردنية من جهتها قللت من أهمية تلك التصريحات، فخرج المتحدث باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، وصرح ردًا على التسريبات التي نقلتها صحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية، نشرت فيها أن الأردن يتهم تركيا باستغلال قضية اللاجئين السوريين، "إن العلاقات الأردنية التركية تاريخية، ومبنية على الاحترام المتبادل، ولن تؤثر عليها تقارير صحفية منسوبة لمصادر مجهولة، وتفتقر إلى أدنى درجات المهنية".
وفي كلمة لرئيس الوزراء التركي في العاصمة الأرنية عمان، صرح بأن "تركيا محاطة بأزمات كبيرة، حيث أن بلدانًا حليفة وصديقة في المنطقة، باتت لا تصلح للإدارة، وفقدت استقرارها السياسي والاقتصادي، كسوريا واليمن وليبيا والعراق ولبنان، إلا أن الأردن وتركيا، من بين البلدان التي ما زالت تحافظ على استقرارها السياسي والاقتصادي".
كما أوضح داود أوغلو في عمّان أن بلاده والأردن، دولتا جوارٍ لسوريا والعراق، مضيفًا أنهما يشتركان في "تقاسم القدر نفسه، فيما يتعلق بتدفق اللاجئين من سوريا"، وداعيا إلى "التعاون والتنسيق بهذا الخصوص في مثل هذه الأيام العصيبة"، مشيرا إلى أن "تجاوز تلك المحن، يكون عبر مزيد من الصدق في حوار الأشقاء فيما بينهم، وتعاون حكومات الشعوب في إيجاد الحلول للمشكلات".
رغم كون العلاقات الأردنية - التركية وثيقة تاريخيًا، غير أن الربيع العربي ساهم في زعزعة تلك العلاقات، ورسمَ خطوطا جديدة لها، حيث أن تعاطي أنقرة مع ملفات ساخنة في المنطقة، ودعمها جماعة الإخوان المسلمين، أثر بشكل سلبي على علاقتها بعمّان، التي وثقت من تحالفها التقليدي مع الإمارات ومصر.
السفير التركي في الأردن سادات أونال، سبق وأكد على عمق العلاقات الأردنية التركية، التي وصفها بـ"الاستراتيجية"، ومشيرًا إلى أن هناك توافقا في وجهات النظر بين الأردن وتركيا، في الكثير من القضايا الإقليمية، بما يحمي مصالح البلدين المشتركة، ويحفظ أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط.
أونال عَدّ أن كلا من الأردن وتركيا يمثلان التعايش السلمي، والاعتدال والإستقرار في المنطقة، في ظل ما تشهده من فوضى وانهيار العديد من الدول، ومؤكدًا على وجود مجال واسع للتعاون بين البلديْن، في تقديم الصورة السلمية والمعتدلة للإسلام.
إن العلاقات الأردنية التركية قائمة منذ عام 1949م، أي بعد عام واحد على استقلال الأردن، هذا العلاقة التاريخية تستند إلى أسس صلبة من الروابط التاريخية، والجغرافية، والثقافية.
وتُعدّ الأزمة السورية أهم ما يجمع البلدين، ويفرض عليهما التشاور المتواصل، والتنسيق المستمر، بحيث يتوافق الطرفان في رؤية متشابهة للأزمة السورية، حيث أن الأهداف الأساسية للسياسة التركية تجاه سوريا، تتركز على وقف نزف الدماء، وإيجاد حل سلمي للأزمة السورية.
وسياسة الأردن تتركز في أن ما يجري في سوريا، هو "ضد كل القيم الإنسانية ويجب وقفه"، وترى أن رد فعل النظام السوري ضد المظاهرات السلمية كان قويا وعنيفا، مما تسبب بتفاقم الأزمة إلى ما هي عليه الآن، والموقف الرسمي الأردني ملتزم بالوصول لحل سياسي، لإنهاء الصراع في سوريا.
وتتلخص سياسية البلدين تحاه القضية السورية، على ضرورة قيام الأمم المتحدة بعدة إجراءات لوقف نزيف الدم في سوريا، والبدء بعملية انتقال سياسي حقيقية، وضرورة خروج المعارضة السورية بموقف ووفد موحد للتفاوض.
كما أن قضية اللاجئين السوريين، تمثل أهمية لكل من الأردن وتركيا، فالأردن تؤيد خطوة "المناطق الآمنة"، التي أقدمت عليها تركيا، فهو يستضيف بدوره ما يصل إلى أكثر نصف مليون من اللاجئين السوريين.
كما أن الأردن يواجه تهديدات "تنظيم داعش"، في ضوء إحتمالية أن يصل هذا التنظيم الإرهابي إلى حدود الأردن، كما أوصله إلى الحدود التركية، حيث أحدث العديد من التفجيرات في الداخل التركي، مما أسفر عن مقتل الكثير من المدنيين الأتراك، وهو ما يبرر المشاركة التركية في التحالف الدولي، الذي تقودّه الولايات المتحدة ضد "تنظيم داعش".
وفيما يتعلق بتبعيات الربيع العربي، ومحاولات الأردن الحفاظ على النسيج الداخلي لها، عبر قيامها ببعض الإصلاحات، تُظهر تركيا استعدادها التام لتقديم خبراتها للأردن في مجال التنمية الاقتصادية، ومكافحة الفقر، وتعزيز المؤسسات المختلفة.
وفي إطار العلاقات الاقتصادية التركية- الأردنية، فإن الأردن قد ضاعف عدة مرات من صادراته إلى تركيا خلال الفترة الماضية، وكما يُعدّ مشروع الديسي، وهو من أكبر مشاريع البنية التحتية في الأردن، قد نفذته شركة تركية، عدى عن النشاط التجاري، والنشاط العسكري التدريبي بين البلدين.
وفي خطوة فعلية تدل على تعميق العلاقات الاردنية - التركية، فقد هبطت مؤخرًا أولى رحلات شركة "طيران بيغاسوس" التركية، في مطار الملكة علياء الدولي في الأردن، قادمة من العاصمة التركية أنقرة إلى عمّان، وذلك بحضور السفير التركي لدى المملكة الأردينة، سادات أونال.
مما لا شك فيه، أن زيارة رئيس الوزراء التركي أحمد داوود اغلوا الى الاردن لأول مرة بصفة رسمية، ولقاؤه مع الملك الأردني، وبحثهم بملفات أمنية وسياسية، ذات صلة بالملف السوري، والحرب على الإرهاب، وتوقيع اتفاقيات تعاون تجاري مشترك، هي إضافة نوعية لتطوير العلاقات بين البلدين، من خلال إعادة تقييمها، والدخول بها الى مرحلة جديدة، اكثر تطورًا، واكثر تسهيلًا، بما يحمي مصالح البلدين المشتركة، ويحفظ أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط وشعوبها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس