جلال سلمي - خاص ترك برس
عندما تذكر الانقلابات العسكرية في تركيا يذكر اسم الجنرال "كنعان إيفرين" قائد انقلاب عام 1980، وقد عاد اسم إيفرين إلى الساحة العام الماضي عند إحالته للمحاكمة بتهمة الانقلاب وما أعقبه من جرائم فظيعة. ولكن انقلاب إيفرين لم يكن الوحيد في تاريخ تركيا على الرغم من حجم الجرائم الهائلة التي رافقته.
شهدت تركيا أول انقلاب في 27 أيار/ مايو 1960 الذي قام به مجموعة من الشباب بقيادة قائد سلاح الجو "جمال غورسال"، تلاه انقلاب 12 آذار/ مارس 1971 الناعم، حيث قدم رئيس الأركان العسكرية "ممدوح تاغماج" مذكرة لرئيس الجمهورية حينئذ "جودت صوناي" مطالبةً باستقالة الحكومة، ليتقدم رئيس الحكومة سليمان دميريل باستقالته في اليوم التالي. أما انقلاب 12 أيلول/ سبتمبر 1980 فقد كان الانقلاب العسكري الأكثر دموية، فقد تسبب بإعدام العديد من المواطنين ونفي العديد منهم أيضًا. وفي 28 شباط/ فبراير 1998 أسقط انقلاب ما بعد الحداثة حكومة "نجم الدين أربكان".
كان الجنرال جمال غورسال أول من رسخ مفهوم الانقلاب العسكري وتدخل الجيش في السياسة التركية، وربما يكون مرور زمن طويل على الانقلاب الذي قاده ووفاته في عام 1966 سببا في عدم انتشار اسمه مثل الجنرال إيفرين. وفي هذا الموضوع نتناول غورسال الذي وُلِد في 10 حزيران/ يونيو 1895 في مدينة أرضروم الواقعة شرقي تركيا، وهو الابن الثاني لضابط عثماني.
تحصيله التعليمي
درس المرحلة الابتدائية في إحدى مدارس مدينة "أوردو" على ساحل البحر الأسود والإعدادية في مدينة "إرزينجان"، وكان عمل أبيه سببًا في تنقله المتكرر. التحق بالثانوية العسكرية الجوية في إسطنبول، وبدأت الحرب العالمية الأولى بينما هو في السنة الأخيرة من دراسته، ليتم تعيينه قبل إنهاء دراسته ضابطًا في القوات العثمانية المتقدمة.
حياته العملية
أُعجب قادة غورسال ببراعته العسكرية فرفعوا رتبته إلى نقيب في الأول من أيلول/ سبتمبر 1922، وفي مطلع تشرين الأول/ أكتوبر من عام 1926 عاد إلى مقاعد الدراسة وأنهى تعليمه الثانوي، وعقب تخرجه التحق بالأكاديمية الحربية وتخرج منها عام 1929. تزوج في يناير 1927 من السيدة "مالاحات"، وأنجب منها طفلًا اسماه "أوزدامير".
على الرغم من دراسة غورسال في مقر القوات الجوية، إلا أنه خدم في القوات البرية، وخاض العديد من الحروب في الجيش العثماني ثم الجيش التركي حتى عام 1923. واشتُهِر بين زملائه بحبه للشهرة لذلك أطلق عليه أصدقاؤه لقب "آغا" أي الزعيم.
الانقلاب العسكري "27 أيار 1960"
تولى غورسال في 25 آب/ أغسطس 1958، منصب قيادة القوات البرية، وفي أثناء زيارته لوزير الدفاع "أدهم مندرس"، بتاريخ 2 أيار/ مايو 1960، أعرب عن امتعاضه من تحركات رئيس الجمهورية آنذاك "جلال بايار"، وفي اليوم التالي أرسل مذكرة يطالب بايار فيها بالاستقالة وعيّن رئيس الوزراء "عدنان مندرس" مكانه لما يحظى به من مكانة لدى الجيش والشعب، ولكن على إثر مكتوبه تم نفيه إلى إزمير، ويُذكر أنه قبل مغادرته لأنقرة أوصى الجيش بعدم التدخل في السياسة وتجنب الانقلاب على نظام الحكم.
ولكن على ما يبدو فإن توصيات غورسال جاءت متأخرة، إذ شكل مكتوبه دفعة قوية للضباط الشباب الساخطين على الحكومة وتحركاتها، وقرر الضباط الشباب بالاعتماد على مكتوب الجنرال غورسال الانقلاب على الحكومة، وتم ذلك في تاريخ 27 أيار/ مايو 1960، وقاد الانقلاب في بادئ الأمر قائد الجيش الثالث "راغب غموش بالا"، ولكن بالا أن استمرار الانقلاب دون قائد كبير، سيؤول إلى الاعتقال من قبل الجيوش الأخرى التي قد تنتفض ضد هذا الانقلاب، لذلك اتصلوا بغورسال ليأتي إلى أنقرة فورا، واستجاب غورسال لطلبهم وتولى قيادة الانقلاب لمدة عام، أسس خلاله اللجنة الأمنية العسكرية لإدارة البلاد، وكان من حق هذه اللجنة التدخل في كل قرارات الحكومة.
وكانت هذه أولى خطوات وضع تركيا تحت حكم العسكر. تم انتخابه بتاريخ 10 تشرين الأول/ أكتوبر 1961 رئيسًا للجمهورية من قبل البرلمان، واستمر في منصبه حتى 14 من أيلول/ سبتمبر 1966، حيث أُصيب بالشلل وتوفى على إثر ذلك.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!