ترك برس
وافق البرلمان التركي، الجمعة الماضية، 20 أيار/ مايو 2016، بالإجماع على رفع الحصانة عن بعض نواب حزب الشعوب الديمقراطي وأحزاب أخرى، لمحاكمتهم بتهمة دعمهم للإرهاب سياسيا ولوجستيا، وهو ما عاد بالأذهان إلى عام 1994 حين تم رفع الحصانة عن نواب الحزب الديمقراطي الذي يحمل أفكار ومبادئ حزب الشعوب الديمقراطي والذي تم تأسيسه عام 1991 من قبل ليلى زانا التي ما زالت إلى يومنا هذا ناشطة على الساحة السياسية من خلال عضويتها في حزب الشعوب الديمقراطي، وذلك بتهمة دعمهم لحزب العمال الكردستاني.
وتشير الصحيفة التركية جونجا شيناي في تقريرها للجزيرة ترك "رفع الحصانة قبل وبعد 22 عاما" إلى أن الفارق الأساسي بين الحالتين هو أنه قبل 22 عام عندما رفعت الحصانة قدمت الشرطة إلى البرلمان فور إعلان القرار واعتقلت النواب المتهمين بدعم المنظمات الإرهابية، أما بعد 22 عاما فتم رفع الحصانة ولكن لم يتم اعتقال النواب على الفور، بل رفعت القضية إلى الجهاز القضائي، ليأخذ القانون مجراه ويثبت تضلوعهم في دعم الإرهاب بالدليل القاطع ومن ثم يتم اعتقالهم.
وعزت شيناي اختلاف الحالتين إلى إمساك الجيش بزمام الحكم في تلك الفترة، وهذا ما يعني أن الإجراءات الديمقراطية كانت أضعف مقارنة بالفترة الحالية التي تحاول فيها الحكومة الحالية جاهدة تثبيت دعائم الديمقراطية.
وبيّنت شيناي أن تأثير الجيش على الأحزاب السياسية آنذاك، دفعها إلى السكوت على التحركات العاجلة ضد النواب والمنافية للديمقراطية، لدرء أي تدخل عسكري متوقع إذا لم يرضَ الجيش عن المشهد السياسي.
ونوّهت شيناي إلى أن ظروف رفع الحصانة منذ 22 عاما كانت على النحو الآتي:
ـ وجود حالة طوارئ في 13 مدينة.
ـ وجود حظر قاطع للتحدث باللغة الكردية.
ـ وجود خروقات واضحة في عمليات التوقيف والاعتقال والسجن.
ـ شيوع عمليات الاغتيال المرتبطة بالفاعل المجهول، إذ بلغ عدد هذه الجرائم حتى عام 1994 ما يقارب 423 جريمة.
ـ شيوع عمليات تفريغ السكان من قراهم ومساكنهم، حيث تم تفريغ أكثر من 900 قرية وأكثر من 2000 بيت من ساكنيهم.
ـ سيطرة الجيش بشكل أو بآخر على مجريات العملية السياسية؛ وما يدل على رغبة الجيش في رفع الحصانة عن نواب حزب الديمقراطية، تصريح رئيس الأركان حينذاك "دوغان غوريش" بأنه "لا داعي للبحث عن قطاع الطرق في وادي البقاع، إذ أن ثلة كبيرة منهم ترقد تحت قبة البرلمان"، في إشارة منه إلى نواب الحزب الديمقراطي.
ويلاحظ من تصريحات رئيسة الوزراء آنذاك "تانسو تشيلار" بأنها بدأت تروج وبكل جد لضرورة رفع الحصانة، وأخذت تجمع دعم الأحزاب السياسية الأخرى لها، لأنها إن تمت، ستمنع تدخل الجيش. ولم يمض كثير حتى أعلن زعيم حزب اليسار الديمقراطي "بولنت أجاويد" دعمه الكامل لأي عملية سياسية أو حقوقية ترمي إلى رفع الحصانة عن نواب الحزب الديمقراطي، مؤكدا أن "حزبه سيسعى دوما للحفاظ على وحدة الوطن، وكبح جماح السياسيين الذين أساؤوا استخدام البرلمان، من خلال الترويج للإرهاب الانفصالي."
وفي 2 آذار/ مارس 1994، نشرت أسماء النواب الذين سيتم رفع الحصانة عنهم. وكان منهم 6 من الحزب الديمقراطي وهم أورهان دوغان، وليلى زانا، وخطيب دجلة، وأحمد ترك، وسري ساكيك، وسادات يورتداش، ومن حزب الرفاه حسن مازارجي.
وتعدد شيناي اختلاف ظروف تلك المرحلة عن المرحلة الحالية كما يلي:
ـ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رأس السلطة المدنية هو من بدأ عملية رفع الحصانة الحالية وهو رأس السلطة المدنية، وليس الجيش.
ـ طرح أردوغان رفع الحصانة عن النواب بعد إعلانهم دعم الإرهاب إعلاميا ولوجستيا، ففي حين روج "صلاح الدين دميرطاش" لنظام الحكم الذاتي أكثر من مرة، وهي إحدى أفكار حزب العمال الكردستاني، شاركت نائبة حزب الشعوب الديمقراطي عن مدينة فان "توبا هيزير" في جنازة الإرهابي "عبد الله سومر" الذي فجر سيارته في أنقرة أمام رئاسة الأركان العسكرية، كما أن كاميرات مراقبة أثبتت نقل النائب عن مدينة شيرناق "فيصل ساري يلدير" عبر سيارته معدات عسكرية لعناصر حزب العمال الكردستاني. هذه المواقف تظهر إساءة حزب الشعوب الديمقراطي استخدام جو الديمقراطية في تركيا.
ـ عدم إلقاء القبض على أب من النواب دون رفع الحصانة عنه أو بعد رفع الحصانة عنه، بل توكيل الجهاز القضائي بذلك.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!