ترك برس
رأى الكاتب والمحلل السياسي اللبناني جورج سمعان، أن تداخل كل اللاعبين في الميدان زاد الوضع تعقيداً في سوريا، مشيرًا أن التدخل التركي جاء ليحقق، بين ما حقق، توازناً ميدانياً مهماً في مواجهة تدخل إيران وميليشياتها المتعددة الجنسية، وكذلك في مواجهة الحضور الجوي لروسيا.
جاء ذلك في مقال له نشرته صحيفة الحياة، أشار فيه إلى أن روسيا وإيران كانتا على علم سابق بعملية درع الفرات"، لكن الرئيس رجب طيب أردوغان ذهب بعيداً، وأعلن قبل أيام أنه لم يعد ممكناً تقرير مستقبل سورية من دون حضور تركيا والوقوف على رأيها. لهذا، اندفع خارج جرابلس، حسب رأيه.
وشدّد سمعان أن الرئيس أردوغان "لن يكتفي بطرد القوات الكردية إلى شرق الفرات. سيقيم منطقة آمنة بحماية قواته الخاصة ودباباته وطائراته وفصائل الجيش الحر، تقارب نصف مساحة لبنان. وأبدى نجاح قواته في تحرير الرقة إذا تلقت دعماً جوياً من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، على غرار ما حصل في جرابلس. أليس هذا كافياً لإزعاج موسكو؟".
وأضاف الكاتب: "استفزها اندفاعه، لذا لم تجد بداً من تحذيره من خطوات تزيد في زعزعة الموقف، وقد تؤدي إلى تعقيد الوضع العسكري الصعب وتترك أثاراً سلبية على الجهود الدولية لوضع قاعدة للتسوية. أي أنها ستؤثر عملياً في استئثار كل من موسكو وواشنطن برسم صورة التسوية وإن كانت موقتة ومتواضعة. إذ باتت أنقرة بعد تقدمها إلى العمق السوري شريكاً لا يمكن تجاهله في أي صفقة أو مساومة".
وأوضح أن أوروبا لا تخفي إحباطها من الثنائي الروسي - الأميركي الذي منحته وقتاً طويلاً بلا نتيجة. لذلك، رحبت برؤية الهيئة العليا للمفاوضات للحل السياسي، والتي يتوقع أن تقدمها بريطانيا التي استضافت منتصف الأسبوع الفائت اجتماع "النواة الصلبة" في مجموعة "أصدقاء سورية"، إلى مجلس الأمن.
وقال سمعان إن تركيا كانت وراء فك الحصار الأول عن الأحياء الشرقية لمدينة حلب قبل أن تلتف فصائل المعارضة بدعم وتخطيط منها على هذا "الإنجاز" بحصار مماثل لأحيائها الغربية، وتسائل عما إذا جاءت مباركة موسكو لتدخل أنقرة في جرابلس مقدمة لمقايضة "المنطقة الآمنة" في الشمال بعاصمة الشمال؟.
وأردف سمعان: "ثمة من يرى أن الرئيس أردوغان أصاب بتفاهمه مع نظيره الروسي على خطوة التدخل، أكثر من عصفور بحجر واحد: وفر حماية لحدوده بطرد داعش. وأربك واشنطن التي اضطرت إلى مراعاته بدعوة الكرد، جنودها في الحرب على تنظيم الدولة، إلى الرضوخ لشروط أنقرة والانسحاب إلى شرق الفرات. وباتت هذه مستعدة للبحث معه في مواصلة الحرب على الإرهابيين إلى حد التنسيق في معركة الرقة".
ووصف الكاتب اللبناني خطوة الرئيس أردوغان بأنها "ضربة معلم بلا شك"، مضيفًا: "ولعله سيراوغ الروس في المقايضة. يثبت المنطقة الآمنة وبعد ذلك يساوم على مستقبل حلب، مبينًا أنه إذا كان مشروع روسيا وإيران تثبيت أقدام النظام وتمكينه من استعادة حلب مهما طالت الحرب، فلا ضير في أن تكون لتركيا منطقة تشكل منصة لعرقلة أي تسوية لا تراعي مصالحها".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!