إلنور تشيفيك - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
تملك تركيا موقعا جيواستراتيجيا فريدا، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها. وقد زاد من أهمية تركيا حقيقة أنها بدأت في السنوات الأخيرة تبرز كمركز رئيس للطاقة في العالم. وقد أثارت تركيا دائما إعجاب أصدقائها وأعدائها كشريك يعتمد عليه في جميع المجالات، ومن ثم برزت تركيا طريقا موثوقا وقادرا على البقاء لتدفق الطاقة من حقول الطاقة في العالم إلى المستهلكين في الغرب.
نتحدث اليوم عن الشرق الأوسط، حيث تستخرج إسرائيل الغاز الطبيعي، وتخطط لبيعه للمستهلكين الأوروبيين عبر تركيا. كما أن قبرص الرومية ليس لديها بديل آخر سوى استخدام الطريق التركي لبيع الغاز الطبيعي الذي ستستخرجه من المياه الإقليمية للجزيرة.
تباشر تركيا وروسيا مشاريع ضخمة لنقل الطاقة ستلبي احتياجات جنوب أوروبا من الطاقة فضلا عن بقية القارة. إن حقيقة أن تركيا تبني مرافق ستنقل الطاقة من أذربيجان وشمال العراق ستحول أنقرة إلى مركز رئيس للطاقة، ومن ثم تزيد من أهميتها التي لا جدال فيها.
إن حقيقة أن تركيا تبني أول محطة للطاقة النووية بمساعدة روسيا، ودعم موسكو لنقل الغاز الطبيعي عبر تركيا إلى المستهلكين الغربيين، قد حولت خصوم الزمن القديم إلى أصدقاء العصر الحديث. لم تتمكن الأزمة المؤقتة التي نشبت عن إسقاط المقاتلة الروسية من إلحاق ضرر دائم بالعلاقات؛ وذلك ببساطة لأن المصالح الحيوية المشتركة، والعلاقات الدافئة التي أوجدتها هذه المصالح كانت قوية للغاية.
وقد تجلى هذا بوضوح عندما التقى الرئيس، رجب طيب أردوغان، نظيره فلاديمير بوتين على هامش مؤتمر الطاقة العالمي الثالث والعشرين الذي تستضيفه إسطنبول حاليا. اتسع نطاق التعاون بين البلدين الذي بدأ بالتعاون في مجال الطاقة ليشمل تنامي العلاقات بين أنقرة وموسكو في جميع المجالات من السياحة والتجارة إلى العلاقات الخارجية.
قد لا تتفق وجهتا نظر تركيا وروسيا حول نظام الأسد، لكنهما متفقان على وجوب الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وعلى أنه لا ينبغي السماح بتقسيم سوريا. تسلم تركيا بأن روسيا قوة إقليمية تحمي مصالحها، كما أن روسيا تسلم بأن تركيا لها مصالح يجب احترامها. لا تعارض تركيا وجود قواعد روسية على شواطئ البحر المتوسط، كما أن روسيا تتفق مع تركيا في معارضة إقامة دولة كردية في شمال سوريا.
زيارة الرئيس بوتين إسطنبول هي خطوة مهمة في مساعدة البلدين على تسوية خلافاتهما حول سوريا في ضوء روح التعاون التي أوجدها قطاع الطاقة إلى جانب التعاون في مجالات أخرى.
بدأت تركيا في الوقت الراهن تبدو أقرب بكثير إلى حماية المصالح الإقليمية لشركائها، وهذا يعني أن تركيا لا تنظر إلى القضايا من زاوية التحالفات، ولكن من زاوية المصالح الإقليمية ومصالح جيرانها وكذلك مصالحها الخاصة. والفكرة هي أن حل القضايا الإقليمية يكون بحماية مصالح اللاعبين الإقليميين وليس بقوى خارجية. وهذا نهج جديد يعني أن تركيا تبذل جهدا لجعل العدالة في الداخل والعدالة في جميع أنحاء العالم شعارا رئيسا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس