ترك برس
أشاد رئيس الشؤون الدينية التركي محمد غورماز بدور المساجد والمآذن في عموم تركيا في التصدي لمحاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد منتصف يوليو/تموز الماضي على يد منظمة "فتح الله كولن" الإرهابية، مشيرًا إلى أن ما فعله من دعوة المؤذنين إلى رفع الأذان ليس ابتداعاً منه، بل هو تقليد عثماني قديم.
وخلال حوار مع صحيفة "الشرق" القطرية، قال غورماز: "نحن في تركيا لدينا 85 ألف مسجد، وفي هذه الليلة تحديداً أصدرت تعليماتي لجميع أئمة المساجد بترك بيوتهم والذهاب لمساجدهم ورفع الأذان، لهدفين أساسيين وهما: طمأنة الناس بحماية الله لهم، وثانيا حث الشعب التركي على مواجهة الانقلاب وإيقاظهم، ومطالبتهم بحماية حقوقهم الدينية والوطنية، وقد حدث ما كنت أرجوه".
وأضاف غورماز: "ما فعلته من دعوة المؤذنين ليس ابتداعاً من عندي، بل هو تقليد عثماني قديم، فقد كان المؤذنون عندما يشعرون بخطر يصعدون للمآذن ويؤذنون، ويصلون على النبي، وقد كان هذا الأمر واضحا في معركة الاستقلال، حيث دعي آنذاك الناس للنزول إلى الميادين والوقوف في وجه الانقلابيين، وهذا ما فعلته ليلة الانقلاب، ولله الحمد نجحت الفكرة."
وقال إن تاريخ تركيا مع الانقلابات العسكرية مُر جداً، وجميعها أضر بتركيا كثيراً، ولكن هذا الانقلاب الأخير مختلف تماما عن الانقلابات السابقة، فلأول مرة في تاريخ الجمهورية التركية تقوم مجموعة تزعم بأنها دينية، بعملية انقلابية على هذا النحو.
وقد كنا نعرف عنهم أنهم ملتزمون ومتدينون، لكنهم كشفوا بانقلابهم الدموي وجههم الحقيقي، وبأنهم ليسوا جماعة دينية معلنة، وإنما عبارة عن تنظيم سري، يستخدم الدين للوصول لأهداف شخصية.
وأضاف: "لذلك نحن نعتبر ما قاموا به ليس ضرراً فقط على الشعب التركي والدولة، وإنما أيضا على هذا الدين الحنيف، فلقد شوهوا صورته بترويعهم للآمنين وقتل الأبرياء.
أما عن دور المساجد والمآذن في التصدي للمحاولة الانقلابية، فلقد كانت دائما الانقلابات العسكرية تُسكت المآذن وتغلق المساجد، أما في هذه المحاولة فقد أسكت صوت الأذان والدعاء والصلوات على النبي في المساجد هذا الانقلاب".
وفيما يتعلق بأفكار جماعة فتح الله كولن، أوضح غورماز أن "تلك الأفكار استغلت الدين، وحب الشعب التركي لدينه، من أجل تحقيق مصالح شخصية وذاتية، بل إنهم أباحوا جميع المحرمات والمنكرات من أجل خداع الشعب التركي، واستغلوا الدين ومكانة تركيا في العالم للترويج لأفكارهم المخرِّبة والانقلابية.
على سبيل المثال هم أنشأوا مدارس في دول الاتحاد السوفيتي السابق، وهذه البلدان عاشت مدة كبيرة قاربت المائة عام بعيدة عن دينها، مما جعل جماعة الخدمة يستغلون ذلك الأمر وينشرون أفكارهم وأهدافهم في هذه البلدان، مستغلين فطرة سكان هذه البلاد وشغفهم لمن يعلمهم دينه الذي ابتعدوا عنه كثيراً.
وبالنظر لطلاب مدارسهم في هذه البلاد نجدهم قد فقدوا انتماءهم الأسري والعائلي، وقطعوا روابطهم بشعبهم، كما أنهم ضيعوا انتماءهم لأمتهم الإسلامية، وكل ذلك في مقابل انتمائهم وارتباطهم بجماعتهم، وهذا ما رسخه فيهم زعيمهم فتح الله كولن".
وفيما إذا كان للجماعة ارتباط بالشيخ سعيد النورسي، قال غورماز: هم يدعون ذلك، علما أن للشيخ النورسي مقولة هامة تنسف معتقداتهم وهي "لا تُبنى الحقائق الأبدية على أشخاص فانية"، وهذا ما يناقض أفعال وأفكار تنظيم كولن، فهم بنوا معتقداتهم وأفكارهم على شخص واحد، يعتبرونه المهدي، أو متلقي الوحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما قال عنه حرام .."حرّموه"، وما حلله.. "حللوه"، حتى إن الكثيرين من أتباعه داخل السجن الآن يعتبرونه هو المسيح والمخَلِّص.
وفي معرض ردّه على سؤال "لماذا أرادت جماعة كولن إسقاط حكم العدالة والتنمية برغم إسلامية الحزب واعتماده المنهج الإسلامي؟"، قال غورماز: لأن منهجهم يعتبر من يخالفهم ليس مسلماً، مهما كان إيمانه، وهم يعتمدون على نظرية "من لم يكن معنا فهو ضدنا"، وهذا يدل على أن هذا المنهج لديه من يحركه ويوجهه من الخارج وأعني أجهزة استخبارات دولية.
وحول دور رئاسة الشؤون الدينية الآن وسابقا في تفنيد أفكار هذا التنظيم، أوضح غورماز: نحن منذ بداية هذه الجماعة ونحن نواجههم ونفد أفكارهم، بل ولم نسمح لهم أن يتخذوا من المساجد منابر لنشر أفكارهم وانحرافاتهم، رغم أننا لم نواجههم أو نصطدم معهم، لأننا نعتبرهم من أهل القبلة، ولم نكفرهم أو نفسقهم، لأن لنا الظواهر، والله يتولى السرائر.
لكن ومنذ عام 2011 بدأنا في تفنيد أفكارهم وتعريف الناس بمخططاتهم ونُصحهم بعدم الانسياق وراءهم واتباعهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!