ترك برس
قال الكاتب والمحلل السياسي التركي، محمد زاهد غول، إن الخيار السياسي التركي دعم كل من يتولى حل الصراع في سوريا بجدية وحزم، لأن التهديدات الإرهابية التي تضرب الأراضي التركية سببها الرئيسي ما وفرته قوات بشار الأسد ونوري المالكي من ظروف استفزازية لظهور تنظيم الدولة "داعش" وأخواته.
وفي مقال له بصحيفة "القدس العربي"، أشار غول إلى أن تركيا تأمل من الهدنة الحالية في سوريا الكثير، وإلا فإنها سوف تبحث عن هدنة جديدة وجديدة، فليس أمام تركيا إمكانية ترك المنطقة للاشتعال أكثر، وقد دخلت تداعيات الأزمة السورية الأراضي التركية، وكان آخرها تفجير الملهى الليلي في رأس السنة.
ورأف غول أن تنظيم "الدولة" المتهم الأكبر بالتفجير هو نتاج التخطيط الإرهابي لبشار الأسد لإشعال المنطقة بالحروب الأهلية، بعد ان رفضت الدول العربية وتركيا الدخول في حروب طائفية رسمياً، فصنع محور إيران الطائفي نقيضه الطائفي لتبرير قتله وتدميره لسوريا والعراق.
بل ذهب فيهم التفكير الاجرامي لتنفيذ أعمال إرهابية في أوروبا لإثارة الرأي العام الدولي ضد المسلمين السنة، بافتراء أن الإرهاب العالمي هو إرهاب إسلامي سني، وان المحور الإيراني شريك للمجتمع الدولي في مواجهة الإرهاب.
وأضاف: "تم تسويق بشار الأسد مرات عديدة على أساس هذه الأكذوبة الكبرى، فهو صانع الإرهاب في سوريا ولبنان والعراق، ونوري المالكي شريكه كان قد اتهم الأسد بدعم الإرهابيين في العراق، وتقدم بشكوى ضده في مجلس الأمن الدولي قبل سنوات".
وشدّد غول على أن تركيا تؤيد الجهود الروسية لإبعاد إيران عن الحل السياسي أولاً، وتؤيد فرض عقوبات على الجهات التي تنقض وقف إطلاق النار ثانياً، وتؤيد المعارضة السورية المسلحة باحترام الهدنة بما لا يهددها بالخطر أو الاعتداء ثالثاً.
وتعمل تركيا مع روسيا لإنجاح مؤتمر أستانا في كازخستان في 23 من الشهر الحالي، سواء عارضته إيران أو أيدته، وسواء كانت جهود أمريكا صادقة أو كاذبة في انجاحه، فالخيار السياسي التركي دعم كل من يتولى حل الصراع في سوريا بجدية وحزم، لأن التهديدات الإرهابية التي تضرب الأراضي التركية سببها الرئيسي ما وفرته قوات بشار الأسد ونوري المالكي من ظروف استفزازية لظهور تنظيم "الدولة" واخواته.
واعتبر أن ما تسليم قوات الأسد منطقة تدمر للتنظيم قبل أسابيع إلا دليلا على التعاون الوثيق بينهما، بعد ان أضاعت القوات الروسية جهودا كبيرة لإخراجه منها قبل أشهر، فبشار الأسد وإيران على اتم الاستعداد للعمل ضـد أمن القوات الروسية في ســـوريا إذا تعرضت مصالحهم للخطر، فهم يريدون من روسيا أن تقوم بوظيفة الشبيح الدولي لخدمتهم فقط، وليس دور الراعي أو الضامن الدولي لحل سلمي.
لذلك تعمل الحكومة الروسية على مشاركة الحكومة الإيرانية بالتحضير لمؤتمر استانا، حتى تلزمها بتنفيذ ما يتم التوصل إليه من اتفاقيات أمنية وسياسية، وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الاتفاق مع المعارضة السورية حول الهدنة والتحضير لمفاوضات السلام في أستانا تم بشكل مشترك مع تركيا وإيران دون مشاركة الولايات المتحدة.
بينما وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قال إنه بحث مع نظيره الروسي سيرغي لافروف مسألة مشاركة واشنطن في محادثات أستانا المقررة، مبينا أن هذا الاجتماع المرتقب لا يهدف إلى إبعاد أو تهميش دور أحد.
وتابع غول: "ولإنجاح الهدنة فإن تركيا تعمل مع روسيا لفرض عقوبات على من ينتهك وقف إطلاق النار في سوريا، وقد حذر وزير خارجيتها من أن تزايد الانتهاكات المكررة لوقف النار يهدد بتقويض مفاوضات أستانا، بعد أن تلقت الحكومة التركية تحذيرات من وفد المعارضة السورية المسلحة بأنها لن تذهب إلى أستانا ما لم يتوقف إطلاق النار من قوات الأسد وميليشيات إيران، وبالأخص من حزب الله اللبناني، الذي يستشعر الخطر من نتائج الهدنة والدخول في حل سلمي جدي، يطالب كافة الميليشيات الأجنبية بالخروج من سوريا".
ومضى بالقول: "لذلك سارعت إيران برفض خروج حزب الله اللبناني من سوريا حتى ضمن الحل السلمي المقبل، وكأن إيران هي صاحبة القرار في بقاء حزب الله اللبناني في سوريا كما ذهب علي اكبر ولايتي، ولرفع الحرج عن إيران بعد تصريح ولايتي خرج مستشار الأمن القومي الإيراني بروجردي ليقول ان القوات التي دخلت بطلب من الحكومة السورية لا تخرج إلا بطلب من الحكومة السورية وليس وفق قرارات اتفاق أستانا أو جنيف.
ولإنجاح الهدنة فقط قامت الحكومة التركية والروسية بانشاء مركزي مراقبة أحدهما في تركيا والآخر في قاعدة حميميم الروسية في سوريا لمتابعة الالتزام باتفاقية وقف النار وتدفق المساعدات الإنسانية.
وعلى العموم فإن السياسة التركية ترحب بالجهود الروسية التي تنقذ سوريا وتركيا وروسيا، وتنجي الشعب السوري من جرائم الحروب الطائفية، سواء كان ذلك خطة روسية خاصة بسوريا أو ضمن خطة روسية تنفتح فيها روسيا على قضايا الشرق الأوسط كلها.
فتركيا تؤيد السياسات التي لا تعرض الأمن القومي التركي للخطر، والتي فيها منافع اقتصادية للشعب التركي أيضاً، ولا تعمل لإقامة محاور دولية ضد أي دولة في العالم طالما لم تعمل هي ضدها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!