ترك برس
أعادت محادثات أستانة، بوساطة تركية وروسية، الآمال بحل دائم في سوريا. وتركت مفاوضات أستانة بين المعارضة السورية ونظام الأسد تصورًا بأنها خطوة جديدة تجاه سلام دائم ومُستدام في دولة عالقة في صراع دامٍ منذ 6 سنوات. وقد أثمرت المحاولات التركية للتوصل إلى سلام في سوريا بالتعاون مع روسيا في العاصمة الكازاخية أستانة.
تأتي محادثات أستانة بعد التوصل إلى اتفاقية لوقف إطلاق النار في ليلة رأس السنة بوساطة أنقرة والكرملين، لتضع نهاية للاشتباكات بين قوات المعارضة ونظام الأسد نتيجة لموقف أنقرة الحاسم والاستباقي تجاه سوريا، عسكريًا ودبلوماسيًا.
وبعد التوصل إلى اتفاقية وقف إطلاق النار مع روسيا، وافقت أنقرة على حضور محادثات السلام المنعقدة في أستانة، حيث مثّلت المحادثات مطلع الأسبوع بارقة أمل باتجاه التوصل إلى حل دائم لإنهاء الاشتباكات بين الطرفين وفتح الطريق تجاه السلام.
اختُتِمت محادثات أستانة بإصدار كل من تركيا وروسيا وإيران بيانًا ختاميًا يعلن توافقًا مشتركًا بين كل الأطراف على "أن لا يكون هناك حل عسكري للصراع السوري وأنه يمكن حله فقط دبلوماسيًا من خلال تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254 بكامله".
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أشاد يوم الأربعاء بنجاح محادثات أستانة، في تعليق له على آلية المراقبة الثلاثية الجديدة التي تتضمن أنقرة وموسكو وطهران، مؤكدًا أن الهدف الرئيس لتركيا هو إنهاء المآسي في سوريا.
وفي هذه الأثناء، رحب الكرملين أمس بمحادثات أستانة للسلام في كازاخستان التي وصفها بالناجحة، وقال إن مزيدًا من المحادثات يمكن أن تجري في المستقبل. وفي مؤتمر صحفي، قال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إنه يعتقد إن هذه المحادثات ستساعد في إعطاء دفع للمفاوضات المضطربة برعاية الأمم المتحدة في جنيف.
ومن جهته، قال رئيس تحرير مجموعة "إيس ميديا" يوسف أوزهان إن "محادثات أستانة فتحت قناة جديدة (للاتصال) كانت (سابقًا) مغلقة في جنيف"، مؤكدًا أن محادثات السلام بين المعارضة السورية ونظام الأسد تُعزى إلى حد كبير إلى جهود الوساطة التركية. وقال أوزهان: "إن أنشطة روسيا تُجبر تركيا على لعب دور أنشط في سوريا".
وعبّر رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم عن رأيه تجاه الموضوع كذلك، مؤكدًا: "في حين أن تركيا استُثنيت من محادثات السلام قبل سنة من الآن، فإنها الآن تجلس (إلى طاولة المفاوضات) في موقع قيادي". وأشار يلدرم في خطاب له إلى أن عملية درع الفرات في شمال سوريا بالتعاون مع الجيش السوري الحر ستُعطي اللاجئين السوريين في تركيا الضمان الأمني الذي يحتاجونه للعودة إلى بلادهم بأمان.
كما جدّد يلدرم تأكيده على "أن الهدف الرئيسي لعملية درع الفرات هو تطهير المنطقة من المجموعات الإرهابية وتأمين مكان لإخوتنا السوريين".
ومن المنتظر أن يلتقي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ممثلي المعارضة السورية في موسكو في 27 كانون الثاني/ يناير الجاري، وفقًا لما أعلنته أمس وكالة ريا الروسية للأنباء.
واستكمالًا لتحليله عن الموقف التركي، أكد أوزهان أن تركيا ما تزال مجتهدة في سعيها لحل الأزمة السورية، مشيرًا إلى استعداد أنقرة لتشكيل تحالف وعقد قمم كمؤشر على ذلك، مضيفًا: "تركيا أجرت عملية دبلوماسية شاملة".
وبالمثل، أشاد ألكساندر لافرينتييف ممثل الوفد الروسي بمحادثات أستانة في كازاخستان، واصفًا إياها بأنها "مولد" عصر جديد في المحادثات، مما يزيد احتمالية عقد محادثات برعاية الأمم المتحدة في جنيف الشهر المقبل.
وعلى الرغم من أن محادثات أستانة تبشر بالخير لمستقبل محادثات السلام، إلا أن ممثلي المعارضة ونظام الأسد رفضوا اللقاء وجهًا لوجه. وإضافة إلى ذلك، أكدت المعارضة أنها لن تقبل أي اتفاقية أو تصريح يتضمن إيران، الأمر الذي يرى البعض أنه زاد الغموض الذي يكتنف احتمالية التوصل إلى سلام دائم في سوريا، لكن ذلك كان مبررًا وطبيعيًا من قبل المعارضة السورية.
يعتقد أوزهان أن الخلافات بين المعارضة السورية وإيران طبيعية، مشيرًا إلى أن "السلام لا يمكن تحقيقه في يوم وليلة. إننا لسنا متأكدين ممّا إذا كانت إيران أو حزب الله ستحترم وقف إطلاق النار الذي ينبغي تنفيذه إلى أقصى حد".
وأكد عضو وفد المعارضة السورية في حديث للصحفيين يوم الثلاثاء أن المعارضة تتوقع تنفيذ وقف إطلاق النار وليس مجرد وعود، مضيفًا: "إن تركيا وروسيا وكازاخستان تفعل ما هو ضروري لإنجاح اللقاء. ينبغي أن نتخذ خطوات ملموسة لتحقيق النجاح".
اتُّفِق في البيان الختامي لمحادثات أستانة على أن تُعقد الجولة القادمة من مفاوضات السلام بين المعارضة السورية ونظام الأسد تحت رعاية الأمم المتحدة بجنيف في 8 شباط/ فبراير المقبل.
ولا يُمكن توقع إمكانية أن ينتقل أي من المعارضة السورية أو نظام الأسد من وقف إطلاق النار إلى محادثات السلام. ويظل السؤال ما إذا كان الطرفان سيتوقفان عن مهاجمة بعضهما كذلك في سوريا. وسيُظهر الوقت ما إذا كانت الجهود الدبلوماسية التركية في سوريا ستنجح.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!