جلال سلمي - خاص ترك برس
"أوجه رسالتي إلى الحكومة بكل وضوح، ليس من الصواب الرد على الحكومة الهولندية بتصريحات إعلامية هنا وهناك، بل يجب الرد على الذين يمنعون دخول وزير تركي من الوصول إلى قنصلية بلاده، بتعليق العلاقات الدبلوماسية، وفي حال تم اتخاذ هذه الخطوة، فنحن مستعدون لتقديم كافة الدعم اللازم"؛ بذلك عبر زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليجدار أوغلو، عن موقف حزبه من الأزمة الجارية بين بلاده وبين بعض الدول الأوروبية، وبالأخص هولندا.
بدأت الأزمة بين تركيا وبعض الدول الأوروبية، بعد حظر ألمانيا مهرجان خطابي كان سيتم على أراضيها في 2 مارس/ آذار، من قبل وزيرين تركيين. وسرعان ما اتسع نطاق الأزمة، ليشمل دولا أوروبية أخرى، كالنمسا والدنمارك والسويد وهولندا، طالبت تركيا بعدم السماح لوزرائها ونوابها بدخول أراضيها في الوقت الحالي على الأقل. ربما اكتفت النمسا والدنمارك والسويد بتصريحات رسمية هادئة تليق بمستوى العلاقات الدبلوماسية بين الدول القومية، لكن الحال لم يكن كذلك بالنسبة لهولندا التي صرح رئيس وزرائها، مارك روته، بأن بلاده لا تستطيع منح ساسة الدول الأخرى إذنا للقدوم إلى أراضيها وممارسة الدعاية السياسية، مؤكدًا أن بلاده لا ترغب في دخول المعترك السياسي التركي.
وما أخذ بالأزمة نحو الاحتدام هو منع هولندا في 11 آذار، هبوط الطائرة التي كان يستقلها وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، ومن ثم منع وزيرة المرأة والشؤون الاجتماعية، فاطمة بتول كايا، من الاتجاه إلى القنصلية التركية الموجودة في هولندا، لتشتعل بذلك أزمة لا زالت تلفظ بلهيبها حتى يومنا هذا.
وشكل موقف حزب الشعب الجمهوري "المعارض" محط فضول لدى الكثير من المتابعين للشأن التركي اللذين اعتادوا على مواقفه المعارضة بشدة للحكومة التركية، إلا أن موقفه الأخير المتعلق بالأزمة الجارية شابه الاختلاف النسبي، حيث ألغى الفعاليات الدعائية الخاصة به في الدول الأوروبية، ودعا الحكومة التركية لتعليق العلاقات مع الدول المخترقة لعرف العلاقات الدبلوماسية قاصدًا بذلك هولندا، ولكن لا يمكن إغفال اتجاه بعض نوابه لاتهام الحزب الحاكم ـ حزب العدالة والتنمية ـ بتوظيف الأزمة في إطار مصالحه السياسية.
وبرز الموقف الأول للحزب من خلال إعلان زعيمه الأسبق، دانيز بايكال، في 4 آذار، عن إلغاء جولته إلى ألمانيا، والتي كان بصدد الذهاب إليها للقيام بالدعاية السياسية لحزبه. وتصريحًا على ذلك الموقف، صرح الناطق باسم الشعب الجمهوري في ألمانيا "كاظم كايا" بأن حزبه اتخذ هذه الخطوة بدافع وطني، وآخر احترازي يتمثل في رغبة الحزب في وقاية نفسه من الهجمات الإعلامية التي قد يقوم بها حزب العدالة والتنمية ضده.
وفي 11 آذار، أعلنت إدارة الحزب أنها ألغت جميع برامج الحزب خارج تركيا، "رفضًا للتعامل الهولندي غير الأخلاقي وغير القانوني" مع وزيرة العائلة والشؤون الاجتماعية، معتبرةً أن ما قامت به هولندا هو خرق لكل معايير الديمقراطية والقانون.
وفي اليوم التالي، دعا زعيم الحزب الحكومة إلى تعليق العلاقات الدبلوماسية مع هولندا، بدعوى ضرورة إبراز موقف حاسم من الخرق الدبلوماسي التي قامت به.
ومن جهته، تساءل نائب الحزب عن مدينة إزمير، أتيلا سيرتال، عن سبب عدم مساندة رئيس الوزراء، بن علي يلدرم، للرئيس أردوغان في مواجهة هولندا، وبالرغم من اتهام النائب ليلدرم بالتخوف من ارتداد أي تأثير سلبي على استثماراته الهائلة الموجودة في هولندا في حال صرح بتصريحات هجومية، طرح سؤلاً حول إن كان الأمر متعلق بسياسة "الموازنة" بين المواقف، حتى لا يتم خلق أزمة شديدة.
وفي ذات السياق، لا يمكن إغفال تصريحات أعضاء الحزب المهاجمة لحزب العدالة والتنمية، فقد ألمح رئيس الكتلة البرلمانية لنواب الحزب، إنجين ألتاي، في كلمته أمام البرلمان في 16 آذار، إلى أن الأزمة القائمة بين تركيا وهولندا هي عبارة عن مسرح المستفيد الأول منه هو حزب العدالة والتنمية الذي يسعى لتكريس نظامه "السلطوي".
ودعا ألتاي حزبه إلى عدم مساندة هذه الأزمة، موضحًا أن حزب العدالة والتنمية عمل على تضخيم الأزمة من خلال تحدي القرارات الداخلية للدول الأوروبية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!