محمد سيف الدين إيرول - مركز أنقرة لدراسة الأزمات والسياسات - ترجمة وتحرير ترك برس
تزداد التهديدات التي تتعرض لها تركيا يوما بعد يوم في الشمال.وفي هذا السياق فإن التطورات على الحدود بين تركيا وسوريا تلفت الأنظار، ولا ينبغي النظر إليها منعزلة عن أزمة/ استفزاز الاستفتاء في شمال العراق المقرر في 25 سبتمبر / أيلول، وذلك لأن التصريحات التي يطلقها البرزاني أو بعبارة أدق تهديدات البرزاني لا تشير إلى الصراع في العراق فقط ،وإنما تشير إلى صراع ضخم في منطقة جغرافية واسعة تشمل البلدان الثلاثة الأخرى في المنطقة.
في هذه المرحلة الجديدة، ظهر التعاون بين المنظمات الإرهابية بالفعل، حيث اتضحت تماما العلاقة بين البي كي كي وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني، وبين البي كي كي ووحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية، وبين البي كي كي وداعش. وتبين أنه منذ ظهور تنظيم القاعدة واحتلاله مكانة بارزة أصبحت المنظمات الإرهابية أدوات لا غنى عنها للحروب بالوكالة، وصارت تنفذ ثلاث وظائف أساسية هي " إيجاد شرعية"، و"إفساح المجال " و "التعذيب".
ومن المعروف أن المنظمات الإرهابية المذكورة آنفا نفذت هذه الوظائف تنفيذا كاملا في العراق وسوريا نيابة عن " سيدها " وتسعى إلى أن تكون فعالة في نفس الوقت في تركيا وإيران. والجدير بالملاحظة هو الفائدة التي تقدمها لسيدها والتنسيق فيما بينها.
وعلى سبيل المثال، صار من الواضح لماذا ظل حزب الاتحاد الديمقراطي - ووحدات الحماية الشعبية بعيدا عن ضربات داعش في سوريا لفترة طويلة من الزمن. وكما هو الحال في العراق، قامت "داعش" بتطهير عرقي / ديموغرافي في سوريا لتمهيد الطريق أمام إنشاء "كردستان الكبرى" (إسرائيل الثانية)، ومهد داعش الأرضية لملئ المناطق التي هجر سكانها بعد هزيمته على يد قوات حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب.
وأبرز دور قامت به داعش كان كتابة "قصة كردستان الكبرى" من خلال الإرهاب. وفي هذا السياق، اضطلع داعش بدور إضفاء الشرعية على الإرهاب وحصوله على مركز "الدولة"، فضلا عن إقامة تحالف بين المنظمات الإرهابية والغرب. وهذا هو أيضا أساس المأزق الذي تواجهه المنطقة في الوقت الحاضر.وذلك لأن التدخل المحتمل ضد التنظيم الإرهابي لم يعد ينظر إليه على أنه مواجهة ضد الإرهاب بل هو صراع مع الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين. وهذا الخطر يعادل حرب يوم القيامة.
طبول الحرب في الحدود الجنوبية
وقد ظل الخطر قائما لفترة طويلة، ولكن أنقرة لم تكن تشعر به على نحو مكثف كما هو الحال اليوم، ولكن في ظل الوضع الحالي أصبح التعاون بين حزب العمال الكردستاني وداعش تهديدا مباشرا للحدود التركية.
ومن المفهوم أيضا من العمليات المنفذة ضد داعش وحزب العمال الكردستاني أن الخطر لا يقتصر على الحدود. ومن ثم فإن إدراك تعاظم هذا التهديد دفع تركيا إلى تسريع عملياتها في داخل تركيا، حيث يتم التخطيط إلى جر تركيا إلى حرب أهلية طائفية قائمة على أساس الصراع مع حزب العمال الكردستاني وداعش.
من الواضح أن الهدف هو كسر مقاومة تركيا التي تعد واحدة من أكبر العقبات أمام إقامة الدولتين في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير، مهما كانت التكاليف.
وظيفة البي كي كي / حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني - وحدات حماية الشعب و داعش في تركيا
يبدو أن هذه المنظمات الإرهابية تتعاون كلتا المنظمتين الإرهابيتين تتعاونان من أجل "معاقبة تركيا"، وتأسيس شرعية للتدخل في تركيا وتوفير فرصة لإقامة كردستان الكبرى".ويبدو أن تركيا تواجه تحديا جديدا، يهدف إلى تصويرها في حربها على الإرهاب بوصفها قوة غازية، ومن ثم فتح الباب أمام التدخل الدولي بحجة أن تركيا تقاتل المدنيين.
على أن هناك تطورا مهما لم يحظ بالاهتمام،وهو أنه حتى الأمس القريب كان يراد إظهار تركيا كمحتل في العراق وسوريا، لكن هذه اللعبة قد تم تجاوزها بالتطور الذي حصل في العلاقات بين روسيا وإيران، وبتطور العلاقات العراق وسوريا بشكل مباشر/غير مباشر.
التدخل السريع صار حتميا
إن القصة باختصار هي أن استفتاء 25 سبتمبر أمر بالغ الأهمية في توسيع الصراع القائم في سوريا ليمتد إلى إيران وتركيا. وإذا لم يتراجع البرزاني والقوى التي تقف وراءه ، فسيتم القضاء على رأس الحية في لعبة الفوضى ومشروع الشرق الأوسط الكبير.
ولذلك، فإن الاتفاق الثلاثي بين تركيا وإيران وروسيا ينبغي أن يظهر موقفا حازما ضد هذا المشروع. وفي هذا السياق، من الضروري إعلان أن حزب العمال الكردستاني وأذرعه منظمات إرهابية وأنها تتحالف مع داعش في خدمة مشروع الشرق الأوسط الكبير. كما ينبغي توضيح أن الحرب في المنطقة لن تقتصر على الشرق الأوسط وحده، وبالتأكيد ولن تقتصر بالتأكيد على الأتراك والعرب والفرس.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس