محمد سيف الدين إيرول - مركز أنقرة لدراسة الأزمات والسياسيات - ترجمة وتحرير ترك برس
منذ أواخر العام الماضي واجهت إيران كثيرا من التحديات، من أبرزها الهجمات غير المتوقعة التي شنها داعش على المواقع الإيرانية الاستراتيجية ، وتصاعد الأزمة القطرية السعودية، والاستفتاء على استقلال إقليم شمال العراق.
وقد أثارت هذه التحديات قلق إيران، إلى درجة أن وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، ورئيس هيئة الأركان العامة محمد باكيري قاما بزيارات رسمية إلى تركيا. كما أعرب محمد إبراهيم طاهريان، السفير الإيراني في أنقرة، عن امتنان بلاده لتركيا لموقفها الودي بعد أحداث 28 ديسمبر/ كانون الأول. وأدلى قادة إيران بتصريحات مماثلة، عندما أعلنت القيادة التركية رفضها لفرض الولايات المتحدة عقوبات على إيران، الأمر الذي يؤكد من جديد استمرار الصداقة بين البلدين.
وبعد أن رفضت أنقرة المطالب الأمريكية، وقيام إدارة ترامب بتفعيل "سلاح الدولار" واستهداف المسار السياسي لتركيا من خلال الهجمات الاقتصادية، سلّمت إيران رسالة إلى أنقرة عبر بهرام قاسمي، الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية، انتقدت فيها سياسة الولايات المتحدة ضد تركيا، وأبدت استعداد إيران لدعم تركيا. وقال القاسمي: " إن تركيا ستتمكن من التغلب على الضغوط الخارجية التي تتعرض لها، وإن الاستبداد والتهديد لا يمكن أن يكسرا إرادة الشعب".
تباين التصريحات والأفعال
اختبرت التصريحات المذكورة آنفا في سياق النوايا الحقيقية والرؤية الإيرانية للصداقة. ولكن الوضع على الأرض يكشف أن قيام تحالف مستقر بين تركيا وإيران سيستغرق وقتا أطول، ذلك أن "طموحات إيران الجيوسياسية" ما تزال تشكل عقبة في بناء أرضية قوية بين البلدين، وما يزال جدار عدم اليقين يرتفع بين البلدين.
إن إصرار طهران الشديد على قضية إدلب السورية، والوسائل والأدوات التي حاولت استخدامها في هذا السياق لا يمكن تفسيرها على أنها بادرة حسن نية. ومن الممكن تفسير الموقف الإيراني غير المبالي بمطالب تركيا- على الرغم من الاتفاق خلال قمة طهران على بيان ختامي من 12 بندا- على النحو التالي:
1- تشويه سمعة تركيا.
2- إحراج تركيا أمام خصومها أو استهداف أنقرة.
3- تعقيد وضع الاقتصاد التركي، ومن ثم تعقيد الوضع السياسي، مع حدوث موجة أخرى من الهجرة.
4- إحداث فجوة في العلاقات بين تركيا وروسيا.
5- اتباع "سياسة الكل رابح باستثناء تركيا" في سوريا، مثلما حدث في العراق.
6- وإذا لزم الأمر، فيما يتعلق بسوريا، تطوير التعاون مع الولايات المتحدة وروسيا لتقاسم النفوذ في هناك. ومن ثم تحول الضغط الأمريكي على طهران إلى ميزة، مثلما حدث سابقا حين تعاونت مع الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق. (وما تزال الذاكرة تحتفظ بتصريح الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد بأن بلاده قدمت يد العون للولايات المتحدة في أفغانستان والعراق).
7- إنهاء معاهدة قصر شيرين التي وضعت حدا للصراع بين الدولة الصفوية والإمبراطورية العثمانية.
أسئلة مطروحة
1- إذا وضعنا في الحسبان أن داعش ما يزال يسيطر على بعض الأراضي السورية، وأن وحدة الأراضي السورية ما تزال موضع شك، وتمثل تهديداً لسوريا وتركيا وإيران، وفي ظل الدعم المستمر من الولايات المتحدة للكيانات الإرهابية، فلماذا تصر إيران على عملية عسكرية على إدلب؟
2- هل لدى إيران رؤية للوصول إلى البحر المتوسط من خلال "سياستها الغربية" ووضع حد لحضور تركيا في هذه المنطقة؟
3- إذا لم يكن الأمر كذلك، فما الذي تعنيه نوايا إيران تقليص النفوذ التركي في سوريا؟
4- إذا كان هدف إيران الحقيقي هو ضرب مشروع "إسرائيل الكبرى"، فلماذا إذن وافقت على الانسحاب من جنوب سوريا؟
5- هل السياسة الإيرانية الشرق أوسطية مستقلة عن روسيا في الوقت الحالي؟
6 - لماذا ترفض إيران عرض تركيا وقف إطلاق النار، وكسب الوقت للتفاوض مع الخصوم لنزع سلاح إدلب، وتفضل بدلا من ذلك الضغط على تركيا مع روسيا؟
7- هل ستواصل إيران التمسك بموقفها لو أخضعت إدلب؟ وكيف سيتم بناء صداقة حقيقية مع تركيا في هذه الحالة؟
هذه القائمة من الأسئلة يمكن أن تطول. وسوف تساعدنا الإجابة عنها في توضيح نهج وموقف إيران تجاه تركيا خلال قمة طهران. والأهم من ذلك أنها ستساعدنا أيضا في فهم ما هي سوريا التي ترغب فيها إيران، وتشرح الارتباك الذي حدث في سياق قضية إدلب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس