ترك برس
خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى نيويورك لحضور اجتماعات الأمانة العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي، التقى بنظيره الأمريكي دونالد ترامب. حيث صرح الأخير بأن علاقات واشنطن بأنقرة في أفضل حالاتها، فضلاً عن عبارات الثناء التي وجهها لنظيره والتي كانت مليئة بالود والحميمية.
بعد أسابيع قليلة من هذا اللقاء، وقعت "أزمة التأشيرات" بين البلدين ولم يحل "التقارب الملحوظ" والحميمي بين الرئيسين دون حدوثها. أزمة جديدة في العلاقات التركية الأمريكية عنوانها التعليق المتبادل لتأشيرات الدخول (الفيزا). فقد علقت السفارة الأمريكية في أنقرة منح التأشيرات للمواطنين الأتراك. وتذرعت بـ"الأحداث الأخيرة" و"أمن موظفي السفارات والمؤسسات الدبلوماسية الأمريكية" كدافع لاتخاذ هذا القرار.
عقب ذلك اتخذت السفارة التركية في واشنطن القرار نفسه ولنفس الدوافع انطلاقاً من مبدأ "المعاملة بالمثل"، وعلقت منح التأشيرات لمواطني الولايات المتحدة. ويرى الخبراء أن هذه الأزمة تأتي ضمن سلسلة أزمات بين البلدين كان آخرها اعتقال السلطات التركية لمواطن تركي يعمل لدى القنصلية الأمريكية بإسطنبول دون أن يتمتع بحصانة دبلوماسية، متهمة إياه بالارتباط بمنظمة "غولن" الإرهابية والاتصال بقيادات أمنية تركية ثبت تورطهم في محاولات انقلابية.
هذه الأحداث والمستجدات دفعت البعض إلى التساؤل عن مدى تأثير تقارب أردوغان – ترامب في حل ما بات يُعرف في تركيا بـ "أزمة التأشيرات"؟ خاصة وان ترامب أعلن خلال لقائه الأخير مع نظيره التركي، بأنه بات أحد أصدقائه المقربين، مبيناً أن هذه "التقارب والصداقة" ستدفع بعلاقات البلدين إلى مستوى أفضل.
يقول برهان الدين دوران الكاتب الصحفي ورئيس وقف الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا"، إن إحدى السبل الرئيسية لحل هذه الأزمة هو "عزم وإصرار رئيسي البلدين على العمل المشترك" وذلك عبر "وضع الأزمات بين قوسين والاستمرار بالتعاون في باقي المجالات". ويضيف دوران: "لكن من الواضح أن ترامب لم ينجح بعد في تنظيم صفوف سلطته ولم يشكّل سياسة مختلفة عن سياسات سلفه أوباما تجاه الشرق الأوسط وتركيا."
وحول دور هذا التقارب بين الزعيمين وأثره في الأزمة الحالية، يشير دوران إلى أن "العلاقات الوطيدة بين زعيمي البلدين ربما قد تساهم في الحيلولة دون حدوث أزمات وتوترات جديدة حتى وإن عجزت عن حل المشاكل القائمة"، لافتاً إلى خطورة قيام بعض المؤسسات في واشنطن وبعض البيروقراطيين غير الراغبين بترامب، بزجّ العلاقات التركية - الأمريكية في دوامة لاعقلانية، إذ أن هذا قد يؤدي إلى تآكل ونفاد الإرادة المشتركة بين رئيسي البلدين، على حد تعبيره.
وحول طبيعة العلاقات الثنائية في الوقت الراهن، يشير دوران إلى أن العلاقات بين أنقرة وواشنطن، متأزمة ومجروحة أساساً. وذلك بسبب الأزمة السورية، ومنظمة "غولن" ودعم وتسليح "ب ي د" الإرهابي في سوريا وسياسات إدارة أوباما في هذا الخصوص، متسائلاً عن السبب وراء لجوء أنقرة إلى البحث عن الحل مع خصومها، كقيامها بعملية إدلب مع موسكو وطهران حليفتا النظام السوري، في الوقت الذي ترفض فيه دولة تشترك معها في عضوية حلف "ناتو" مثل أمريكا، القيام بعملية الرقة سوياً.
وينتقد دوران وصف البعض في الولايات المتحدة، ما تقوم به تركيا على أنها "خيارات أيديولوجية" لأردوغان، معتبراً أن أنقرة وصلت إلى مرحلة باتت تتلقى فيها تهديدات وجودية وحياتية من قبل أحداث ومجريات (دعم وتسليح "ي ب ك" واحتضان منظمة ’غولن‘ وأتباعها) تراها واشنطن على أنها مجرد تكتيكات. فضلاً عن سلبيات وأضرار سياسة أوباما في سوريا بالنسبة لأنقرة.
ويختتم دوران بالتطرق إلى وجوب عرقلة أردوغان وترامب، تعمّق "أزمة التأشيرات" ووضعها بين قوسين والاستمرار في مجالات التعاون الأخرى، معتبراً أن تعميق الأزمة والنظر إليها من منظور ردات الفعل والنيات المبيتة، لن يعود بالفائدة لأي طرف. كما أن على واشنطن إعادة النظر في علاقاتها مع كل من تنظيمات "غولن" و"ب ي د"، كي تساهم في فتح صفحة جديدة بين البلدين، تكون أكثر واقعية وعقلانية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!