أحمد طلب الناصر- ترك برس
خلال السنوات الست الأخيرة، لا يمرّ شهر إلا ويزور فيه الدكتور المهندس عدنان وحّود الأراضي التركية ليقضي فيها ساعات، أو أيام قليلة، ليعبر بعدها إلى داخل الأراضي السورية المحررة، لمتابعة أحوال الناس هناك من خلال المراكز الطبية التي يشرف عليها.
وخلال إحدى استراحاته التي يقضيها في بين الفينة والأخرى في مدينة إسطنبول التي يحب، استغّل "ترك برس" فرصة اللقاء به، لإجراء حوار تناول أهم تفاصيل حياته، ومشاركاته العلمية والعملية، في المانيا التي هاجر إليها دارساً منذ ما يقارب 46 سنة مضت، وفي تركيا التي ساهم، من خلال خبرته واختراعاته، بنهضتها الصناعية.
حبذا لو تحدثنا عن مغادرتك سوريا ودوافعها..
بعد حصولي على الشهادة الثانوية، وكنت آنذاك صاحب خبرة في مهنة النسيج من خلال تعلمي على يد والدي وعملي في معامل النسيج ودراستي في الثانوية الصناعية، رغبت بدراسة الهندسة الميكانيكية والتخصص في علوم النسيج وصناعة آلاته، فتوجهت إلى ألمانيا في العام 1971 للدراسة فيها.
ماذا بعد استقرارك ودراستك في ألمانيا؟
بدايةً، ركزت على تعلم اللغة الألمانية وأنجزت دراسة سنة تحضيرية تؤهلني للبدء في الدراسة الجامعية. وفي دراستي الجامعية اخترت فرع الميكانيك في جامعة "آخن" الهندسية المشهورة، وهي نفس الجامعة والفرع الذي تابع فيه الرئيس المرحوم "نجم الدين أربكان" دراساته العليا. في هذه الدراسة تعمقت في دراسة الرياضيات والفيزياء والميكانيك وعلوم التعدين، وفي مراحل التخصص اخترت التخصص في بناء آلات النسيج، وفي عام 1980 حصلت على شهادة الماجستير وسجلت شركة "سولتزر" السويسرية أول اختراع باسمي في عام 1981 وفي عام 1983 حصلت في المعرض العالمي لآلات النسيج في "ميلانو" على جائزة صناعة الآلات الميكانيكية والمنشأت الألمانية.
في مطلع عام 1981 عينت مهندس أبحاث في جامعة آخن الهندسية، وبقيت في هذا المنصب حتى بداية عام 1987 حيث حصلت على درجة الدكتوراه. في هذه الفترة قمت بإجراء العديد من الأبحاث العلمية ونشرت نتائجها في المجلات العلمية في أوروبا وكثير من دول العالم، وبلغ عددها الثلاثون منشوراً علمياً.
خلال فترة مزاولة عملي في الصناعة سجل لي في ألمانيا ما يقارب 75 اختراعاً، أغلبها سجّل فيما بعد في كل من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان والصين وتركيا.
في عام 2004 حصلت على وسام المخترعين في ألمانيا وفي عام 2011 على وسام الإبداع في معرض تكنولوجيا النسيج في فرانكفورت
كيف تحدثنا عن الانجازات التي قدمتها للدولة التركية؟
في عام 1987 انتقلت للحياة الصناعية وعينت رئيس قسم الأبحاث والتطوير لدى مؤسسة "دورنييه" لصناعة آلات النسيج في جنوب ألمانيا واستمر نشاطي حتى نهاية عام 2011، وخلال تلك الفترة أنشأت علاقة جيدة بمصانع النسيج في تركيا، وكنت أزور تركيا بشكل دوري لأقدم للمشاريع الصناعية والاستشارات الصناعية، خاصة في مجال صناعة الأقمشة في مختلف المجالات، والعديد من مصانع النسيج الحالية في تركيا تعمل بالآلات التي تتضمنها اختراعاتي.
أهم شركات النسيج وأماكنها في تركيا، والتي تستخدم آلات النسيج التي تعتمد في تقنيتها على اختراعاتي هي:
صناعة الستائر والديكور
- Fa.Kücükcalik / Bursa - İnegöl. Gardinen, Vorhangstoffe und Bestickungsgewebe. LW - EL.
- Fa.Elvin in Bursa. Gardinen und Vorhänge. GW - EL.
- Fa.Erol Türkün in Bursa. Gardinen und Vorhänge. GW - EL.
- Fa.Evim in Bursa. Gardinen und Vorhänge. GW - EL.
صناعة أقمشة الاستخدامات الصناعية:
-Fa.Uspar in Denizli. Leichte bis Mittelschwere Technische Gewebe. LW.
صناعة الملاحف والأغطية والأسرة:
-Fa.Zorlu Tekstil in Çorlu/Lüleburgaz. Bettwäsche. LW.
صناعة المناشف والبشاكير
-Fa. Kücüker in Denizli. Frottier Gewebe. LW.
صناعة الأقمشة الزجاجية:
-Fa.Karbosan in Cerkezköy. Glasfaser Gewebe für Trennscheiben und Armierung. GW - EL.
صناعة أقمشة إطارات السيارات:
- Fa.Kordsa in Izmit. Reifencord Gewebe. LW.
صناعة أقمشة الفرش:
- Boyteks in Kayseri. Matratzen Drell Gewebe. LW.
-Aydin Mensucat in Istanbul. Matratzen Drell Gewebe. LW.
نول نسيج بالخيط الطائر: LW = Luftwebmaschine
نول نسيج بالخطّاف: GW = Greiferwebmaschine.
الشبيكة البسيطة: EL = Easyleno.
ماذا تحدثنا عن عملك في ظل الثورة السورية بعد تقاعدك من العمل الصناعي؟
في بداية مرحلة التقاعد من الحياة الصناعية، وفي عام 2012 بدأت رحلاتي إلى سوريا عبر تركيا، كان هدفها تقديم المساعدة للمحتاجين بشكل مباشر وكان هدفي الآخر استكشاف أفضل الطرق لتقديم المساعدات للمحتاجين، وفي بداية عام 2013 طرحت فكرة إنشاء المراكز الطبية، وبعد تجربة بسيطة في أحد مخيمات النزوح انطلق العمل في أول مركز تحت اسم مركز "لينداو" الطبي في "تقاد" بريف حلب الغربي الذي يقدم الرعاية الطبية والدواء مجانا. وضعت لهذا العمل النموذجي معايير وضوابط مثل النظافة والطهارة وجودة العمل والإخلاص به والتدوين، وكانت انطلاقة هذا العمل رائعة وناجحة فنُقلت أخبارها إلى الصحافة الألمانية، ما أدى إلى توجه العدد الكبير من الألمان بتبرعاتهم لهذا المشروع، وبعد الاستمرار في العمل والشفافية المتبعة في التقارير عنه ازدادت التبرعات وازداد عدد المراكز الطبية إلى أن أصبح في هذا العام سبعة مراكز تنتشر في ريفي حلب وإدلب. شريحة المتبرعين من الألمان واسعة، منهم أصحاب المؤسسات والمصانع والأطباء والمحامين والمهندسين والجمعيات الخيرية والأوقاف والصحف بالإضافة إلى المواطنين العاديين.
ما هو دور المراكز الطبية الألمانية في الداخل السوري؟
الحاجات في سوريا كبيرة للغاية، ففي القسم المحرر من سورية يعيش ما يقارب الخمسة ملايين نسمة في قرى ومدن شبه مهدمة وببنية تحتيه معدمة. فمهما بذلنا من جهد لا نستطيع تغطية إلا جزء يسير، ولا بد من أن يستتب الأمن ليتمكن أهل الخير من مد يد العون بشكل منظم وأوسع.
خلال العام 2017 استطاعت المراكز الطبية السبعة تقديم الرعاية الطبية ل 000 120 مريض. 80% منهم حصلوا على الدواء المجاني المناسب، والعدد الأكبر من هؤلاء المرضى هم من الأطفال، حيث تجد طفلين من بين ثلاثة مرضى.
من خلال تواجدك المستمر ومتابعتك اللصيقة لتطور الأحداث، كيف تصف الدور التركي في الشمال السوري؟
بعد تدخل روسيا وإيران السافر لحماية نظام بشار الأسد بكافة ما يمتلكون من الأسلحة الفتاكة، من طائرات وصواريخ باليستية وأسلحة كيماوية، ومن جيوش المرتزقة من روسيا وإيران ولبنان والعراق وباكستان وأفغانستان.. صار ما تبقى للشعب السوري الثائر محدوداً وينحسر يوما بعد يوم، وإذا لم يتم تدارك الأمور فسوف نندم على هذه الأيام، المعارك الأخيرة في حلب وإدلب وحماه تظهر وبالشكل الواضح خسارة "الجيش الحر" أمام هذه القوى العالمية الغاشمة، لذلك تعتبر تركيا حجر الأساس الذي يمكن أن يستنصر للسوريين في المناطق المحررة في كل من حلب وإدلب، والناس في سوريا يدعون الله صباح مساء ليلهم إخواننا الأتراك للقدوم إلى سوريا وإيقاف المجازر التي تجري بحقهم، ويتعاونوا معهم لإيقاف تمدد الأسد في إدلب وجنوب حلب، ووضع حد للإنفصاليين من الـ "بي كي كي" والـ "بي ي دي" الذين يتمددون في عفرين وشمال حلب. تركيا هي الأخ الأكبر للسوريين في محنتهم هذه، ونحن بحاجة ماسة لتركيا من أجل إيقاف نظام الأسد الظالم وأعوانه المستعمرين، ولبسط الأمن والنظام في المناطق المحررة، وبالمقابل فإن سوريا في نهاية الأمر هي الدرع الآمن لجنوب تركيا.
بقي أن نشير إلى الجانب الأدبي للعالم عدنان وحّود، حيث يقضي معظم أوقاته في قراءة مؤلفات أعمدة الأدب العربي الذين يعشقهم، كطه حسين والمنفلوطي وجبران خليل جبران، والعديدين غيرهم، كما وأنه قام بتأليف كتاب يتحدّث عن سيرته الذاتية وأهم إنجازاته العلمية، عنونه بـ "عالمٌ من دمشق"، كما يقوم الآن بترجمة رواية "عين الشرق" الشهيرة، لمؤلفها "إبراهيم الجبين"، والتي تتحدث عن دمشق وتاريخها وشخصياتها المثيرة للجدل، من اللغة العربية إلى الألمانية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس