أفق أولوطاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
أسفرت الأزمة السورية المستمرة منذ سبع سنوات عن مقتل حوالي مليون شخص. تخلت الأمم المتحدة عن مواصلة عد الضحايا، في حين تشكل الأرقام المعلنة من جانب مؤسسات حقوق الإنسان جزءًا فقط من الضحايا، لأن هذه المؤسسات تسجل ما تتمكن من توثيقه فقط.
مهما كانت زاوية نظرنا إلى الأزمة، نحن في مواجهة أكبر كارثة إنسانية في القرن الواحد والعشرين، والمؤسف أن المدنيين يشكلون جزءًا كبيرًا من الضحايا.
أزهق الأسد حياة مئات الآلاف من المدنيين السوريين، وأصبحت الهجمات بالأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة والغارات الجوية على المواقع المدنية أحداثًا عادية للأسف. ولعل أغرب ما في الأمر إنكار قدرة النظام على ارتكاب الجرائم.
وهذا الإنكار ليس جديدًا، فالنظام حمّل مسؤولية الضحايا المدنيين منذ بداية الأزمة إلى قوة أجنبية غير مرئية. وحتى القتلى المدنيين في المظاهرات السلمية في الأشهر الأولى اتهم المعارضة أو قوى خارجية بقتلهم.
أهم حادثة في تلك الأيام كانت مقتل عدد كبير من جنود النظام في جسرالشغور. حمّل النظام مسؤولية إعدام الجنود لقوات المعارضة، بيد أن الجميع كانوا يعلمون أن هؤلاء الجنود قُتلوا على يد النظام لأنهم رفضوا إطلاق النار على المدنيين.
حتى اليوم، لم يحمل أحد النظام المسؤولية الجنائية عن قصف الأسواق والحدائق والمدارس والمستشفيات والمناطق المأهولة بالمدنيين دون تمييز. وضع المجتمع الدولي خطوطًا حمراء على استخدام السلاح الكيميائي، لكن لم يكن لذلك أيضًا تأثير على الساحة.
زعم النظام أن المعارضة استخدمت السلاح الكيميائي ضد مناطقها نفسها، ولم يكن للتقارير الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى أي معنى.
بعد هجوم النظام بالسلاح الكيميائي على الغوطة الشرقية تم التوصل إلى اتفاق لتدمير ترسانته الكيميائية بوساطة روسية، وأُغلق الملف آنذاك، لكن أحدًا لم يسأل "لماذا كان النظام يملك هذا القدر من السلاح الكيميائي؟"، مع أن هذا النوع من الأسلحة كان كافيا لإظهار قدرة النظام على العنف وارتكاب الجرائم.
لم يسلم النظام كل أسلحته الكيميائية، ولم يتوقف عن استخدامها. في أبريل 2017 لجأ إلى استخدام هذه الأسلحة في خان شيخون بإدلب، وردت الولايات المتحدة بقصف مطار الشعيرات، مصدر الهجوم الكيميائي بصواريخ كروز، لكن شيئًا لم يتغير في المشهد. ونفذ النظام هجمات كثيرة مشابهة قبل الهجوم الأخير على دوما.
الجرائم المرتكبة على مرأى ومسمع من العالم واستخدام السلاح الكيميائي لا يشيران إلى قدرة النظام على ارتكاب الجرائم فحسب، بل إنهما يقدمان إجابة في الوقت نفسه عن التساؤل حول سبب نزول السوريين إلى الشارع في 2011، دون الحاجة لتوضيحات أرى.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس