ترك برس
حققت الدراما التركية خلال السنوات الماضية نجاحات عربية وعالمية غير مسبوقة، حتى وصل عدد البلدان التي تبثها على شاشاتها 142 دولة، الامر الذي جعل من تركيا ثاني دولة مصدرة للأعمال الدرامية بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
وبحسب تقرير لوكالة الأناضول للأنباء، فإن الدراما التركية استندت في تحقيق تلك النجاحات إلى عدة مزايا، بينها ما تحمله من مضمون، إلى جانب الإمكانات التقنية والمزايا الطبيعية في البلاد. ولعل أبرز ما يميز هذه الأعمال نقل أحداث التاريخ بالشكل الصحيح، وتقويم التحريف الذي تعرض له، خاصة في المنطقة العربية التركية، فضلا عن الحضارة الإنسانية، والتمدن والتطور والجمال الطبيعي.
وتعتبر المقومات السابقة عناصر أساسية في المسلسلات الأكثر نجاحا حاليا، وبينها "قيامة أرطغرل" و"تحدث أيها البحر الأسود".
وعرضت مسلسلات سابقا أيضا، تميزت بمشاهد لافتة، جرى تصويرها في قصور تاريخية، وحفلت بمناظر طبيعية خلابة، فضلا عن مدن ومناطق تركيا المتميزة بالجمال الطبيعي، والتقدم الحضاري.
تعطش المشاهدين لمتابعة التاريخ من منظور حقيقي أحد أسباب نجاح الدراما التاريخية، حيث تكشف هذه الأنماط من الأعمال الستار عن مراحل تاريخية مهمة، جهلت بها شعوب المنطقة.
فالمعروف أن التاريخ يسطره المنتصرون، وهو ما حصل في المنطقة بعد انتهاء الحربين العالميتين، فشوه التاريخ العلاقات بين الدول والمجتمعات، ما ساهم في تباعد شعوب المنطقة عن بعضها بعضا.
وجاءت المسلسلات الحالية مثل "عاصمة عبد الحميد"، و"كوت العمارة"، و"قيامة أرطغرل"، لتلقي الضوء على مراحل تاريخية وحقب متنوعة، لم تذكر في التاريخ الحديث.
المسلسلات التركية من جانب آخر تعكس التطور الحضاري للإنسان في مختلف الأزمنة، وتواجه التشويه المتعمد، بأن الحضارة الإسلامية لم تهتم بالفنون والعلوم والهندسة والعمارة، وحتى الفلسفة.
فالمسلسلات التي تنقل التاريخ تظهر الزعماء والسلاطين متقنين لدينهم، بارعين بمختلف العلوم، ولديهم قدر جيد من التخطيط، وهو ما يظهر اهتمامهم بالعلم والثقافة. كما أن هذه المراحل تشهد تشييد القلاع والقصور والجوامع والآثار الكثيرة، التي تعتبر تحفا فنية قل نظيرها في العالم، وكلها مشاهد تدل على تطور الذوق المعماري في العالم الإسلامي، وانتشار فن العمارة والمعماريين الذين لقنوا الغرب دروسا في الفن والإعمار والهندسة.
كذلك تظهر المسلسلات الآلات والوسائل التي يستخدمها الناس في تلك المرحلة، والتي تشكل فضولا للمشاهدين، منها الأدوات العلمية، والمخططات والوثائق، والرسومات الهندسية.
وفي مراحل لاحقة، تكشف المسلسلات عن عظمة التخطيط للمعارك الكبرى، بالصناعة، والتخطيط، واختراق الحصون والأسوار.
يضاف إلى ما سبق نجاح الدراما التركية في أن تعكس الواقع المعاش حاليا، وتقديمها التراكم الثقافي الذي أدى إلى التمدن والتطور الحضاري الحديث لتركيا. وعلى رأس المدن التركية تأتي إسطنبول التي تستضيف معظم المسلسلات المصورة، عبر ما تقدمه من إمكانات، حيث مشهد الجسور المعلقة، والسفن العابرة لمضيق البوسفور، تمثل إبهارا للجمهور وخاصة من العرب والأجانب، وتذهب بمخيلتهم إلى تمازج الطبيعة مع الخدمات المقدمة، التي استفادت من تطور العالم.
وكذلك الأمر فيما يتعلق بنمط من الحياة المعاصرة، حيث دخلت التقنيات في الحياة اليومية بشكل كبير، وهو ما يظهر في المسلسلات، بل يتم الاعتماد عليها في التقاط الصور والمشاهد.
ولا يمكن كذلك إغفال تشابه العادات والتقاليد التركية والعربية، ودورها في جذب الجمهور العربي. فظهور الرموز الإسلامية من المساجد، ورفع الأذان، وتلاوة القرآن، فضلا عن عادات الدفن والجنازات، كلها أمور تجتذب المشاهدين بشكل أكبر.
وبذلك نجحت المسلسلات التركية في تقديم التاريخ والحضارة والتمدن، وعكست الجمال الطبيعي لتركيا، مقدما بالقالب الحضاري، رغم أن بعض الأعمال تعرضت لانتقادات بعدم الحياد، غير أنها في المجمل حققت نجاحات واسعة.
وعلى شاشات 142 دولة، وبقيمة تصدير بلغت نحو 350 مليون دولار، استطاعت المسلسلات التركية الوصول إلى العالم، وتحقيق نجاح ملحوظ خلال السنوات العشر الأخيرة.
وتزايد الطلب على الدراما التركية، لتحتل بذلك المرتبة الثانية عالميا في تصدير المسلسلات، بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وفق إحصاءات رسمية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!