ترك برس
تباينت آراء الخبراء والمحللين بشأن خارطة الطريق التي تم التوصل إليها بين الولايات المتحدة وتركيا حول انسحاب ميليشيات "وحدات حماية الشعب" (YPG)، ذراع تنظيم "حزب العمال الكردستاني" (PKK) المحظور، من مدينة "منبج" ذات الغالبية العربية شمالي سوريا.
ويوم الاثنين، عقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، مباحثات مع نظيره الأمريكي مايك بومبيو بمقر وزارة الخارجية الأمريكية في العاصمة واشنطن، استغرقت حوالي ساعة.
وأكد مسؤولون أمريكيون بارزون أن المباحثات انتهت بالاتفاق على انسحاب ميليشيات "YPG/ PKK" الإرهابية من مدينة منبج السورية بهدف تحقيق الاستقرار في المدينة.
الباحث في الشؤون الروسية – التركية د. باسل الحاج جاسم رأى أنه "من المبكر الحديث عن مصير الميليشيات الكردية، لكن محاربتها "داعش" وطردها من أراضٍ لا يعطيها الحق بالتصرف كمالك لتلك المناطق التي معظمها عربية التاريخ والديموغرافيا. منبج على سبيل المثال العرب يمثلون فيها أكثر من 94 بالمئة".
وخلال حديث لصحيفة "القدس العربي"، أشار الحاج جاسم إلى أن "واشنطن كانت واضحة منذ البداية بأن دعمها الميليشيات الكردية كان فقط لمحاربة تنظيم الدولة، وليس هناك دعم امريكي لأي برنامج سياسي أو أجندة خاصة لدى تلك المجموعات العرقية المسلحة".
وأعرب عن ضرورة رصد ما سيحدث على أرض الواقع في منبج، لأنها ستكون بمثابة ساحة اختبار للاتفاقية الأمريكية التركية، مضيفاً "اذا نجحت سيتم نقلها إلى معظم مناطق شرق الفرات من عين العرب إلى تل أبيض و الرقة و الحسكة و القامشلي".
وقال المتحدث إن الكثير من الغموض يكتنف هذا الاتفاق أو ما أطلق عليه خارطة طريق حول منبج بين واشنطن وانقرة، فقد سبق وأعلنت تلك الوحدات أن لا وجود لها في منبج وقبلها كذلك واشنطن أعلنت أن المجموعات الكردية انسحبت من منبج بعد هزيمة داعش.
ورأى أن "هذه المجموعات المسلحة التي دعمتها واشنطن لمحاربة تنظيم الدولة من الناحية القانونية لا تمتلك أي شرعية على أراضي الجمهورية العربية السورية ووجودها لا يختلف عن وجود داعش والنصرة التي تعتبر تنظيماً ارهابياً آخر".
واستدرك: "وإذا أضفنا العامل التركي حيث تركيا تصنفها منظمة ارهابية وامتداداً لمنظمة ارهابية على قوائم الناتو.. فهذا يجعلها في المرحلة المقبلة هدفاً لأكثر من طرف مع انتفاء الحاجة إليها بزوال داعش".
بدوره قال الباحث السياسي سعد الشارع إن الاتفاق بين الولايات المتحدة الامريكية وأنقرة حول منبج، يشير إلى عودة الحلف الطبيعي بين واشنطن وتركيا، بحسب "القدس العربي".
ولفت الشارع إلى ان هذا الحلف تعرض لبرودة وجفاوة واحياناً منافسة، خصوصاً في نهاية فترة رئاسة باراك أوباما، وعلى ضوء هذه المنافسة، اتجهت تركيا إلى روسيا وعقدت معها اتفاقيات عدة منها استانة ومناطق خفض التصعيد.
وبحسب الباحث، فإن "عودة الحلف وإنهاء الحالة التي وصفها أوغلو بـ"العلاقات المتدهورة" بدأت تتبلور من خلال ملفات عدة، أهمها المنطقة التي تسيطر عليها الوحدات الكردية ككل، إذ بدأ تطبيق التفاهمات مع زيارة وزير الخارجية التركي إلى الولايات المتحدة الامريكية، ووضع خارطة طريق لمدينة منبج، لم يفصح عن ماهيتها كلا البلدين.
وتابع: "لكن معالم هذه الخريطة يمكن قراءتها من خلال التصريحات والتحركات على الأرض، وحسب المعطيات فإن خارطة الطريق تمتد على ستة أشهر سوف يتم خلالها اخلاء منطقة منبج من الوحدات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية، وحزب العمل الكردستاني وما شابه ذلك، وتشكيل إدارة محلية لهذه المدينة بإشراف الجانب التركي، على ان تكون كوادرها من اهالي المنطقة".
وأوضح سعد الشارع أن الحقائق تشير إلى رغبة أمريكا في الحفاظ على التواجد العسكري ونقاط مراقبة ونفوذ لها في مدينة منبج سواء داخل المدينة او في الارياف المحيطة بها، لما تتمتع به المدينة من اهمية استراتيجية، كونها تتوسط المنطقة ما بين ريف حلب الشمالي وريف محافظة الرقة، وخلفها مناطق سيطرة قوات النظام السوري وروسيا.
وفيما يخص المساعي التركية في المنطقة، فإن لدى أنقرة هدفاً واضحاً وعلنياً قالته في أكثر من مناسبة يفيد برفضها اقتراب الوحدات الكردية من أراضيها، وعلى طول الشريط الحدودي مع سوريا.
وحسب المتحدث فإنه في سياق السياسة التركية كانت قد بدأت المعارك مع عملية درع الفرات بهدف طرد تنظيم الدولة، وجرى ايضاً انسحاب وحدات حماية الشعب من هذه المنطقة، ثم معارك غصن الزيتون التي سيطر فيها الجيش الحر والجيش التركي على مدينة عفرين.
واعتبر أن تركيا جادة في تطبيق اهدافها وإخلاء الشريط الحدودي بشكل كامل من القوات الكردية، لحماية امنها من أي خطر او أعمال فوضى، ممكن ان تقلق الجانب التركي في هذه المنطقة.
وقال "هناك عروض من قبل بعض دول الخليج لمشاركة واشنطن في ادارة هذه المنطقة، واعتقد ان تركيا تتفق مع امريكا حول ادارة هذه المناطق".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!