ترك برس
يرى محللون سياسيون أن وتيرة رفض أوروبا لسياسة العقوبات الأمريكية على تركيا ودول أخرى بدأت تتصاعد في الآونة الأخيرة، وأن أوروبا تنظر إلى السياسة الخارجية لإدارة الرئيس دونالد ترامب على أنها تنطوي على مخاطر جسيمة لكل من أوروبا والولايات المتحدة.
وقال المحلل التركي جان أونفير، لوكالة سبوتنيك، إن مشاعر الكراهية في ألمانيا تجاه الولايات المتحدة شهدت قفزة كبيرة منذ وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم، بعد أن فرضت واشنطن رسوماً إضافية على السيارات الألمانية، وغرامة بقيمة 14 مليار دولار على دويتشه بنك، وقبل ذلك موقف ترامب المناهض لأوروبا.
وفي وقت سابق، دعا وزير الخارجية الألماني، هيكو ماس الدول الأوروبية للرد على سياسة العقوبات الأمريكية ضد روسيا والصين وتركيا وغيرهم من الشركاء الاقتصاديين المهمين في المستقبل. كما أشار الوزير الألماني إلى أن الاتحاد الأوروبي يعمل على تطوير المؤسسات المستقلة عن الولايات المتحدة، ولا سيما صندوق النقد الأوروبي، وإنشاء نظام الدفع الذي يسمح بإبقاء العلاقات التجارية مع إيران.
ووفقا للمحلل التركي، فإن الأزمة المالية في تركيا، التي اندلعت وسط التوترات التركية الأمريكية حول عقوبات واشنطن ضد أنقرة، أحدثت قلقا كبيرا في أوروبا.
وقال أونفير: "تعد تركيا سادس أكبر شريك تجاري لألمانيا، كما أن 3.5 مليون تركي يعيشون هناك، وتضطلع تركيا بدور اقتصادي مهم النسبة إلى ألمانيا، ليس فقط فيما يتعلق بالصادرات، ولكن فيما يتعلق بالسياحة أيضا."
وأضاف أن أهمية تركيا للاقتصاد الألماني يكشف بوضوح أن تعزيز الاتجاهات السلبية في الاقتصاد التركي وزعزعة استقرار الوضع في تركيا لا يلعب في صالح ألمانيا ولا أوروبا عموما.
ويعتقد المحلل الأمني أن الولايات المتحدة ستعزل نفسها في نهاية المطاف، بسبب تبنيها سياسة متناقضة، فهي تعلن من ناحية التزامها بمبادئ التجارة الحرة، بينما تحاول في الوقت نفسه إعاقة عملية العولمة.
وقال أونفير إن "تحرك واشنطن يثير تساؤلات مهمة، لأن الخطوات الحالية التي تتخذها الولايات المتحدة تخلو من المنطق والاتساق، إذ إن الحروب التجارية، وبناء الجدران، وفرض العقوبات وسياسة الحمائية لا تلائم الواقع الحال، لأننا نعيش في عالم نيوليبرالي، وليس هناك معنى لمقاومة ذلك".
ورأى أونفير أن السياسة الخارجية غير المتسقة التي تنتهجها إدارة الرئيس ترامب أدت منذ مدة طويلة إلى نتائج عكسية على حلفاء واشنطن فحسب بل على الولايات المتحدة نفسها.
من جانبه يلفت هاكان غونيش، الأستاذ في كلية العلوم السياسية في جامعة إسطنبول، إلى أن تصريح وزير الخارجية الألماني قد ذكر تركيا إلى جانب روسيا والصين.
وقال غونيش: "على الرغم من أنني لا أعتقد أن انتقادات وزير الخالرجية الألماني للولايات المتحدة ستتحول إلى إجراءات ملموسة في المستقبل القريب، فإن رد فعل ألمانيا يكشف بوضوح عن استياء جدي في أوروبا من سياسة الولايات المتحدة".
وأوضح الأكاديمي التركي أن استياء الدول الأوروبية تجلى في أنها رفضت الانضمام إلى العقوبات الأمريكية الجديدة ضد إيران.
ووفقا لغونيش، هناك خلاف بين الولايات المتحدة والدول الرئيسية الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول كل من إيران وروسيا. ورأى أن مقاومة الدول الأوروبية للضغوط الأمريكية تتزايد باطراد في الآونة الأخيرة.
ومنذ شهر مايو/ آذار الماضي بدأت إدارة ترامب حربا اقتصادية على الدول الأربع، فأعلنت في البداية انسحابها من جانب واحد من خطة العمل الشاملة المشتركة، عن استئناف العقوبات على طهران. وفي الشهر نفسه، ضاعف ترامب الرسوم الجمركية على واردات الفولاذ والألومنيوم من تركيا، ما أدى إلى تراجع كبير في قيمة الليرة التركية. وأعقب ذلك في شهر تموز/ يوليو فرض رسوم جمركية على بضائع صينية تبلغ قيمتها 34 مليار دولار، في علامة على بدء حرب تجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم. وقبل ثلاثة أيام فرض البيت الأبيض أول جولة من العقوبات على روسيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!