أفق أولوطاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

لم تعد المياه إلى مجاريها بعد في سوريا، لكن بدأت صفوف الأطراف فيها تتمايز، والمفاوضات جارية على الأولويات المتضاربة. 

تمر سوريا بمرحلة ديناميكية تغير فيها الكثير من المواقف. ولذلك سيكون مغالطًا قراءة الوصع في سوريا حسب ما هو متصوّر أو وفق الديناميات التي كانت قبل سنتين. 

بعد ثماني سنوات من الحرب في سوريا، بقي من البلد جزء في الشمال الشرقي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية، التي يسيطر عليها "بي كي كي"، بدعم من الولايات المتحدة.

وهناك جزء في الشمال الغربي تحت إدارة تركيا والجيش السوري الحر، وما تبقى من الأراضي تخضع للنظام السوري المدعوم من روسيا وإيران. 

كل جزء لديه مزايا خاصة به. وعندما تجتمع الأجزاء الثلاثة تتشكل سوريا التي نعرفها، أما في حال نقصان أحدها فمن غير الممكن أن تعود سوريا لسابق عهدها.

فلا بد من الحزء الشمالي الغربي من الناحية الاستراتيجية، والشمالي الشرقي من الناحية الاقتصادية، بالنسبة لبقية أراضي البلاد. ولا بديل عن وحدة التراب من أجل استمرار سوريا. 

هناك عائقان رئيسيان أمام وحدة التراب السوري. الأول هو تنظيم "بي كي كي"، والثاني، لسخرية القدر، هو النظام السوري نفسه. 

عدم رغبة النظام في العملية السياسية، وعدم اعترافه بحق الحياة لغيره، وعدم جديته التي تثير غضب روسيا نفسها، ومعارضته للتغيير، كل ذلك هو أحد أكبر عائقين أمام وحدة التراب السوري.

من الصعب جدًّا على النظام أن يحكم أراضي البلاد كما كان الحال قبل 2011، من دون عملية تحول بقيادة الشعب السوري في إطار العدالة الاجتماعية وإمكاينة المحاسبة. 

يجب أن يكون هناك عقد اجتماعي جديد، وهو ما عارضه النظام السوري مرات عديدة. ومؤخرًا أعلن أنه يعارض المشروع الأممي لصياغة الدستور، بعد أشهر من المماطلة. 

أما "بي كي كي" فهو لا يتخلى عن أحلامه بتأسيس دويلة، تحت التأثير الغربي المستمر خلال السنوات الأخيرة الماضية. وكانت عمليتا درع الفرات وغصن الزيتون دعوة إلى "بي كي كي" ليثوب إلى رشده.

ليس معروفًا مدى إدراك "بي كي كي" للحقائق على الساحة، لكن يمكن القول إن من يستخدمونه بدؤوا يدركون هذه الحقائق، في مرحلة ما بعد داعش، والأهم من ذلك أصبحوا يدركون حقيقة الدور التركي. 

أخذت الصورة تتضح رويدًا رويدًا في أذهانهم بأنه لا يمكن المضي قدمًا مع "بي كي كي"، وأن من غير الممكن إحلال النظام والاستقرار في شمال سوريا دون تركيا. 

السبب الأول في ذلك، هو الصلة الوثيقة لشمال سوريا مع تركيا من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

القوى الساعية إلى تحقيق الاستقرار في سوريا من أجل أمنها في مرحلة ما بعد داعش بدأت تقول في نفسها "علينا أن نفهم تركيا بشكل أفضل". وتُلاحظ بشكل أوضح التأثيرات المحبطة لهذه التصريحات على معنويات "بي كي كي".

أما السبب الآخر، فهو أنه بات من الواضح في الأيام الأخيرة عزم تركيا على تطهير منطقة شرق الفرات من عناصر "بي كي كي".

عن الكاتب

أفق أولوطاش

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس