ترك برس
عادت ولاية يالوا شمال غربي تركيا إلى مسرح جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، مجددا بعدما اعتبرتها السلطات ضمن المواقع المحتملة لإخفاء جثة خاشقجي أو بقايا منها.
وذكرت وكالة الأناضول التركية أن فرق الشرطة أنهت مساء الإثنين، تفتيش فيلّتين بقرية صامانلي السياحية بولاية يالوا، في إطار التحقيقات بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
ووفقًا لمعطيات الوكالة، فإن الفيلتين تعود مليكتهما لرجلي أعمال سعوديين، وجرى التفتيش من قبل الفرق المختصة بمشاركة كلاب مدربة وطائرة بدون طيار (درون)، وسط تدابير أمنية واسعة النطاق.
وكثفت الفرق عمليات الفحص والتدقيق في بئر بحديقة الفيلا الأولى وشمل ذلك سحب مياه منها. ولوحظ في أحد جدرانها صورة للعاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده محمد بن سلمان.
بدورها نقلت شبكة الجزيرة القطرية عن مصادر مقربة من الحكومة التركية قولها إن مداهمة الأمن التركي للفيلا في يالوا تأتي ضمن استحقاقات البحث الجنائي الذي تقوم به السلطات في تتبع قضية خاشقجي لحل لغز اختفاء جثته، ولا سيما بعد وصول الجانب التركي إلى قناعة بأن السعوديين لن يقروا بمصير الجثة كما اضطروا للإقرار بقتله.
وتشير المصادر إلى أن توجه التحقيقات التركية نحو يالوا يمثل تحركا تركيا جديدا وورقة مهمة أطلقتها أنقرة، لمواجهة مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة لتقييد ملف خاشقجي ضد مجهول.
وبحسب المصادر، فإن الأتراك نظروا بارتياب شديد لتصريحات ترامب الذي قال الثلاثاء إن تقرير الاستخبارات الأميركية لم يجزم 100% بضلوع محمد بن سلمان في اغتيال خاشقجي، وهو ما دفعهم للإعلان عن التحرك نحو يالوا التي يحوز السعوديون على حصة الأسد من عقاراتها المملوكة لأجانب.
ومنذ مقتل خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ظلت السلطات التركية تتبع أسلوب الإفراج عن المعلومات التي تمتلكها وتسريبها تدريجيا، لتكثيف الضغط على الرياض وحليفها ترامب الذي يبذل وسعه لإبعاد ولي العهد السعودي عن تبعات القضية.
وترى الجزيرة أن الموقف الميداني في يالوا جاء صريحا لينسجم مع إعلان الأتراك انزعاجهم من مساعي ترامب لتبرئة ولي العهد من مسؤولياته.
فقد أعلن المدعي العام لإسطنبول الاثنين أن منصور عثمان أبا حسين -وهو أحد أعضاء فريق الـ15 شخصا المشتبه في قتلهم خاشقجي- اتصل قبل يوم من الجريمة بالفوزان المقيم في أحد المنزلين اللذين جرى تفتيشهما، وأن الاتصال تمحور حول ترتيب إخفاء جثمان خاشقجي.
وقال الصحفي التركي إسماعيل كايا إن هذه الاتصالات "يمكن أن تتضمن ما هو أخطر من إخفاء الجثمان وصولا للكشف عن مشاركين آخرين في العملية من المستوى السياسي".
وقرأ كايا عددا من الدلالات الأخرى في التحرك التركي في يالوا، أهمها أنه يمثل إثباتا قطعيا لـ"نية القتل المسبقة"، يضاف إلى إثباتات سابقة على هذه النية من بينها ضم فريق الإعدام السعودي الذي توجه لإسطنبول خبير تشريح ومعدات لتقطيع الجثة ونقلها وطمس الآثار، ومعدات التصفية التي حملها الفريق في حقائب دبلوماسية.
كما رأى أن في تباحث أبا حسين مع الفوزان في كيفية التصرف بالجثة "تكذيبا جديدا لرواية المتعاون المحلي، وإثباتا أن المتعاون هو سعودي الجنسية ومعروف لدى الجانب السعودي".
وتمثل قصة "المتعاون المحلي" جانبا شديد الإرباك في الروايات السعودية المتناقضة، فبعد أن أعلنت الرياض تسليم الجثة لمتعاون محلي تركي عادت لتنكر ذلك، قبل أن يعيد الادعاء العام السعودي تكرار رواية المتعاون.
وبحسب إسماعيل كايا، فإن "امتلاك الأمن التركي تسجيلا لاتصال أبا حسين والفوزان يعني امتلاكه تسجيلات لكافة اتصالات الفريق السعودي"، وهو ما من شأنه أن يبقي القضية مفتوحة على المزيد من التطورات.
وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، في تصريحات لصحيفة "زود دويتشي تسايتونج" الألمانية، إنّ "الأشخاص الذين حضروا إلى تركيا (لقتل خاشقجي) لم يتصرفوا من تلقاء أنفسهم، ونحن متأكدون من ذلك. ما كانوا ليتجرؤوا على فعل هذا الأمر، وبالطبع أنا لا أتحدث بدون دليل".
وأشار أنّ ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، طلب في اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لقاءه في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس، على هامش قمة العشرين، المقررة الجمعة والسبت المقبلين، ورد عليه أردوغان، بالقول "سنرى".
وأكد الوزير التركي، استماعه للتسجيلات الصوتية المتعلقة بمقتل خاشقجي قائلاً "خاشقجي قتل في غضون 7 دقائق. هذه جريمة ارتكبت عمدا". وأوضح أنّ الجريمة لم ترتكب لأنّ المتهمين بقتل خاشقجي فشلوا في إقناعه بالعودة إلى بلاده.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!