ترك برس
رغم السجال الداخلي الخفي بإسرائيل حيال مستقبل العلاقات مع تركيا في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، هناك شبه إجماع في تل أبيب، بتحميل أنقرة مسؤولية هشاشة الحلف التركي الإسرائيلي.
يأتي بسبب مواقف الرئيس أردوغان الداعم للقضية الفلسطينية، وقطاع غزة، والحركات والتنظيمات الإسلامية حول العالم، ونهجه الدبلوماسي في التعامل مع إيران، حسب تقرير لموقع "الجزيرة نت".
وأشار التقرير إلى إجماع محللين وباحثين إسرائيليين على أن توجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتطبيع العلاقات مع السعودية ودول خليجية وإسلامية على حساب حلف تركيا، يأتي بإيعاز من واشنطن تمهيدا لإعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خطة السلام الإقليمي المعروفة بـ"صفقة القرن".
وعكس تصريح النائب السابق لمدير مجلس الأمن القومي الإسرائيلي عورين عتسيون، الذي قال إن مصالح تل أبيب مع دول الخليج مرحلية ومن الأنسب لإسرائيل التحالف مع إيران وتركيا، الموقف الصامت بإسرائيل حيال سياسات نتنياهو لتطبيع العلاقات مع السعودية ودول خليجية وأفريقية مع تهميش الدور التركي الإقليمي.
ويجزم المتخصص في الشؤون العربية والفلسطينية يواف شطيرن، أن ما يجري في الشرق الأوسط لتدفئة العلاقات بين إسرائيل والدول العربية خطوة أولى لمشروع أكبر يجري تطبيقه ويتعلق بخطة ترامب للسلام.
ولفت – في حديثة للجزيرة نت – إلى أن استعداد دول عربية لدفع الثمن بتطبيع العلاقات مع إسرائيل سيلزم تل أبيب مستقبلا قبول خطة ترامب بإقامة دولة فلسطينية حتى وإن كان هناك إشكال على الحدود والعاصمة القدس.
ويعتبر أن ما يجري من تغييرات إقليمية وتطبيع العلاقات سببه ما أسماه "العدو المشترك" للدول العربية المعتدلة وإسرائيل، وهو إيران ومشروعها النووي ومخططها التوسعي، مؤكدا أن نتنياهو الذي لوح بالفزاعة الإيرانية لسنوات أمام المجتمع الإسرائيلي نجح في زرعها لدى بعض الدول العربية والإسلامية، خاصة أنه يلتقي بطرحه مع رئيس البيت الأبيض.
وردا على سؤال عما إذا كان الحلف المتشكل مع السعودية ودول عربية معتدلة مؤقتا أو من شأنه أن يصمد طويلا، أجاب قائلا "الجواب ليس موجودا في إسرائيل بل في الرياض والعواصم العربية، تل أبيب وبإيعاز من واشنطن معنية بحلف علني ومتين وحقيقي مع العرب لتشابه وتشابك المصالح وليس حلفا لإدارة المصالح من وراء الكواليس مثلما هو سائد حتى الآن".
ولا يعتقد المتحدث بأنه في هذه المرحلة هناك حلف تركي إسرائيلي بالمعنى القوي كما كان بالماضي، ويرى أن نهج أردوغان ومواقفه الداعمة المدافعة عن قضايا إقليمية وأبرزها القضية الفلسطينية والحركات والتنظيمات الإسلامية والمشروع النووي الإيراني والحرب على سوريا، وهي ملفات مؤرقة بالنسبة لإسرائيل التي وجدت أن المصالح مع السعودية أقرب وأهم من الإبقاء على الحلف الهش مع تركيا.
من جهته، يرى المحلل السياسي عكيفا الدار، أنه رغم هشاشة حلف إسرائيل وتركيا بسبب مواقف أردوغان المناهضة لسياسات نتنياهو وحكومته، فإن المؤسسات الإسرائيلية على مختلف أنواعها ترى ضرورة الإبقاء على علاقات متينة مع أنقرة، خاصة أن العلاقات مع السعودية أو دول خليجية وإسلامية التي يحركها نتنياهو قد تكون مؤقتة حتى وإن استمرت لسنوات.
وشدد الدار على أن تحركات نتنياهو في الشرق الأوسط والخليج العربي بأوامر عليا من حليفه ترامب، الذي أعلن عودة أميركا إلى الشرق الأوسط لاستعادة مصالحها بعد أن تراجع النفوذ الأميركي في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، لافتا إلى أن نتنياهو يؤسس من خلال تدفئة العلاقات مع الجيران العرب لـ"صفقة القرن".
واستبعد المحلل السياسي أن يكون حلف السعودية بديلا عن تركيا وأوروبا، وذلك رغم محاولات نتنياهو من خلال نشاطه في دول عربية دق الأسافين وزرع الفتنة بين العرب، وهو ذات النهج الذي يعتمده مع الاتحاد الأوروبي، حيث يلتقي ويحتضن رؤساء الدول والأحزاب الشعبوية واليمين، وبالتالي يخلق حالة تفكك للإجماع سواء في العالم العربي أو حتى في أوروبا المناهض للاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية.
ويرى أن نتنياهو، ومن خلال الترويج لتطبيع العلاقات مع دول عربية وإسلامية، يبحث عن طوق نجاة للأزمات الداخلية التي يواجهها سواء عدم استقرار الائتلاف الحكومي، والتصعيد على جبهة غزة، وإخضاعه للتحقيق في ملفات عدة بتهم فساد.
وعليه يقول المحلل السياسي "نتنياهو يهدف من خلال جولات التطبيع التأثير على الرأي العام الإسرائيلي قبيل الانتخابات المقبلة، ويقنعهم بأنه بالإمكان السلام مع الدول العربية دون أي تنازلات أو أن ندفع أي مقابل".
من جانبه، يعتقد نمرود جورن مدير المعهد الإسرائيلي "ميتفيم" المتخصص بالسياسات الخارجية لإسرائيل والشرق الأوسط، أنه رغم الأهمية الكبيرة التي يعلقها الجمهور الإسرائيلي في تحسين العلاقات مع الدول العربية المعتدلة، وحقيقة أن الغالبية العظمى تعتقد أن التعاون مع الدول العربية ممكن، لكن 40% من الجمهور الإسرائيلي أعلنوا أنهم لن يهتموا بزيارة أي دولة عربية حتى بعد إقامة علاقات طبيعية بين إسرائيل وجيرانها، بحسب مؤشر "ميتفيم".
وفيما يخص سعي نتنياهو لتطبيع العلاقات مع الدول العربية، أوضح جورن للجزيرة نت، أن نتائج مؤشر المعهد للعام 2018 تظهر اتجاها تصاعديا في رضا الجمهور عن السياسة الخارجية لإسرائيل، لا سيما حالة العلاقات مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، من الواضح أن الجمهور الإسرائيلي مهتم برؤية عدد من التغييرات الهامة، بما في ذلك تجديد مفاوضات السلام مع السلطة الفلسطينية.
ولفت إلى أن نتائج المؤشر تشير إلى اتجاهات مزعجة فيما يتعلق بالمناطق المجاورة خاصة تركيا وأوروبا، بحيث أن معظم الجمهور الإسرائيلي ينظر إلى الاتحاد الأوروبي على أنه عدو لإسرائيل وليس صديقا أو حليفا كما هو الحال مع نظام أردوغان، وذلك رغم أن أوروبا شريك سياسي واقتصادي ومدني وأمني كبير لإسرائيل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!