ترك برس
أكد المحلل السياسي البريطاني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، كايل أورتون، أن محاولة إعادة تأهيل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بهدف إبعاده عن حضن إيران ستفشل مثلما فشلت تجارب أخرى لإعادة تأهيله في الماضي، مشيرا إلى إن تركيا ما تزال الدولة الوحيدة من بين داعمي المعارضة التي ترفض بشدة إضفاء صفة شرعية على النظام السوري.
وأوضح أورتون في مقال نشره موقع TRT أن نظام الأسد انهار من نواح رئيسية، حيث قوضت الميليشيات وأمراء الحرب "الدولة" في مناطق مختلفة يُسيطر عليها، وتتنافس هذه الميليشيات الجشعة فيما بينها وتتصادم في بعض الأحيان، كما حدث أخيرا بين الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، وقوات النمر بقيادة سهيل الحسن.
وأشار أورتون إلى أن هذا الصراع فسره البعض على أنه أول صدام داخل المحور الإيراني الروسي، فبعد إنقاذ الأسد، بدأ الطرفان في التنافس على الهيمنة.
ومما يشير إلى زوال التحالف الإيراني الروسي في سوريا ما صدر عن موسكو في الأسابيع الأخيرة، حيث أكد الروس لدول الخليج العربية أنه سيتم الحد من نفوذ إيران كجزء من إعادة تأهيل نظام الأسد، وأكدوا لإسرائيل أن روسيا وإيران ليستا حليفتين حقيقيتين، بل إنهما يتعاونان فحسب.
ولكن المحلل البريطاني رأى أن الرسائل الروسية حول الخلافات مع طهران هي حملة تضليل، تأتي في وقت تدفع فيه موسكو بقوة لإعادة دمج الأسد في النظام الإقليمي والدولي، وأن الحكومة الروسية غير قادرة على الحد من نفوذ إيران في سوريا، ناهيك عن القضاء عليه، وليس هناك ما يشير إلى أنها تريد ذلك.
وأضاف أن الاشتباكات العارضة بين الفصائل المؤيدة لإيران والمؤيدة لروسيا داخل نظام الأسد ليست سوى دليل على طبيعة النظام العاجز عن أداء وظيفته.
ورأى أن موقف إسرائيل من إعادة تأهيل الأسد ما يزال غير واضح، وفي المقابل فإن بعض الدول الخليجية مستعدة للمضي مع روسيا في هذا الصدد، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والإمارات.
وأضاف أن "الروس بعد أن نجحوا في تحويل المد العسكري لصالح الأسد يسعون حاليا إلى جلب الدول التي أيدت المعارضة في السابق إلى ركب المنضمين لإعادة التطبيع مع الأسد. وعلى سبيل المثال، تعمل موسكو حالياً على تعزيز التعاون بين نظام الأسد وتركيا من خلال اقتراح إعادة تفعيل اتفاقية أضنة. لكن تبقى أنقرة حتى الآن، العائق الرئيسي من بين داعمي المعارضة في التطبيع مع الأسد. وعلى النقيض فإن بعض دول الخليج كانت في طريقها إلى دمشق."
وأوضح أورتون أن "الإمارات كانت مرتابة في الثورة السورية، ولذلك أعادت فتح سفارتها بدمشق في ديسمبر/ كانون الأول، وأعلنت البحرين أنها سوف تحذو حذوها. في وقت سابق من هذا الشهر، سعى منتدى أعمال في أبو ظبي إلى الجمع بين القطاعين الخاص والخاص في سوريا والإمارات العربية المتحدة. كما عملت الإمارات دائما كقناة مالية رئيسية لكل من الأسد وإيران عبر دبي."
ووفقا للمحلل البريطاني، فإن المبرر المطروح من قبل مسؤولي الخليج لإعادة االتطبيع مع دمشق هو أنه "ما دامت لا توجد خطة لطرد إيران بالقوة من سوريا، فإن هذا هو أفضل شيء. ويزعمون أن ذلك يعزز من قوة الأسد ويسانده، الأمر الذي يضعف هيمنة إيران بمرور الوقت، ويجعل للدول الخليجية تأثيرا على الأسد."
لكن أورتون يفند هذه الحجة قائلا إن ذك قد جُرب من قبل لكنه أخفق في إبعاد الأسد عن نفوذ إيران.
وأوضح أن نظام الأسد عزل من قبل في منتصف العقد الماضي بسبب استخدامه للإرهاب في السياسة الخارجية، وبالتحديد التعاون مع داعش ضد القوات الأمريكية والحكومة العراقية. وكانت القشة الأخيرة هي اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري عام 2005 بالتعاون مع ميليشيا حزب الله الإيرانية.
وبعد وقت قصير من اغتيال الحريري قررت دول الخليج، بقيادة السعودية وقطر، تجربة استراتيجية مختلفة في التعامل مع الأسد أقرب الحلفاء العرب إلى إيران، وذلك بتبني استراتيجة قائمة على التعاون الاقتصادي، ولكن هذه الاستراتيجية لم تنجح.
وبيًن أن التمويل السعودي للحكومة المصرية لم يمنع القاهرة من الميل إلى الأسد، ولم يساعد التمويل الأميركي للجيش اللبناني في إضعاف حزب الله في بيروت.
وختم أورتون مقاله بالقول:" بأن السنوات التي تلت جهود دول الخليج لإغراء الأسد بعيدًا عن طهران، جعلته أكثر اعتمادا على إيران. ولا يوجد تأثير يمكن كسبه من دعم الأسد بالمال. إن أي استثمار في المناطق التي يسيطر عليها النظام في سوريا في الوقت الحالي هو ببساطة تمويل للمشروع الإقليمي لإيران".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!