ميرا خالد خضر - خاص ترك برس
سجل أكثر من 57 مليون ناخب تركي في القوائم الانتخابية المحلية للإدلاء بأصواتهم نهاية هذا الأسبوع لاختيار مسؤوليهم المحليين لمدة 5 أعوام قادمة، يتنافس فيها 12 حزبًا سياسيًا تركيًا، وهي "العدالة والتنمية" و"الشعب الجمهوري" و"الحركة القومية" و"الشعوب الديمقراطي" و"السعادة" و"تركيا المستقلة" و"الاتحاد الكبير" و"الديمقراطي" و"اليسار الديمقراطي" و"الحزب الجيد" و"الشيوعي التركي" و"الوطن".
وتنتهي الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية قبل يوم الانتخاب، أي في يوم السبت 30 مارس/ آذار2019، وتعد هذه الانتخابات الأولى بعد اعتماد النظام الرئاسي الجديد، وسط تنافسٍ بين الأحزاب ضمن تحالفات، حيث بدأت الانتخابات المحلية في تركيا تكتسب أهمية كبرى ابتداء من عام 1963، نظرًا لدور الذي تلعبه في تحديد الحزب الفائز في الانتخابات العامّة، وهناك طرح حسب سياسيين كونُ "الحزب الفائز في الانتخابات المحلية في مدينة إسطنبول هو الذي اعتاد على الحصول على مقاليد الحكم في البلد"، حيث أن حزب العدالة فاز خلال الستينيات ببلدية إسطنبول، ليقود الانتخابات العامة التالية، حدث ذلك أيضًا مع حزب الشعب الجمهوري في السبعينيات، وحزب الوطن الأم في الثمانينيات، وحزب الرفاه في التسعينيات، انتهاءً بحزب العدالة والتنمية الذي حافظ على اكتساحه لبلدية إسطنبول.
ومن الصعب جدًا الجزم بنتائج الانتخابات المحلية التركية لكن هناك من يشير بالتوقعات إلى "أن حزب العدالة والتنمية سيكون متقدم في إسطنبول وحزب الشعب الجمهوري سيفوز في إزمير، مع وجود منافسة حادة وواضحة ومحتدمة في أنقرة"، حيث تكتسب هذه الانتخابات أهمية نظرا صلاحياتها ومجالاتها وكذا لتحسين الأحزاب صورتها أمام الشعب فكل عمل جيد لهذه الأحزاب في الانتخابات البلدية سيضاف إلى رصيدها أمام الشعب، وبالتالي سيؤثر على رأي الناخب في الانتخابات العامة السياسية.
المرأة التركية وخوضها المعترك السياسي
تبنت الأمم المتحدة الاحتفال بعيد المرأة العالمي في عام 1977 فيما بدأت تركيا الاحتفال بيوم حقوق المرأة منذ عام 1921، كما سبقت المرأة التركية بدخول المعترك السياسي قبل الكثير من النساء في الدول الغربية والأوروبية من نساء فرنسا وإيطاليا وكرواتيا بـ11 عامًا، ونساء بلجيكا بـ14 عامًا والسويد بـ36 عامًا، بينما قامت فرنسا وإيطاليا بإعطاء حق المشاركة السياسية للمرأة عام 1946، وتأخرت سويسرا في ذلك كثيرًا حيث أعطت المرأة حقها السياسي عام 1971، في حين أصبح الحق للمرأة التركية في الترشح لرئاسة البلديات في 3 من أبريل/نيسان 1930، وقد دخلت عدة نساء للمجلس البلدي في تلك الانتخابات، وصار لديها الحق في الترشح لمنصب مختار قرية أو حي عام 1933.
وفي 5 كانون الأول/ ديسمبر 1934 تمت إضافة بند جديد لمادة الانتخابات الدستورية ينص على ضرورة حماية حق المرأة بالتصويت والترشح الانتخابي دون أي قيد أو شرط، وقد دخلت البرلمان آنذاك 17 امرأة بمعنى أن هذا الأمر لم يكن شكليًا، وكان عمر الترشح 30 عامًا وعمر الانتخاب 22 عامًا.
وقد كانت غُل ليسين أول امرأة تصل لموقع مختار قرية في تركيا من مدينة آيدن، فالمرأة في تركيا تشكل نصف المجتمع (49.8%) بواقع 40 مليون و275 ألف امرأة حسب تقرير إحصاءات المرأة لعام 2017، ودخولها المبكر الضارب في عمق التاريخ لمعترك السياسي أكسبها حنكة سياسية فنجدها في مجال السياسي الخارجي بانتساب 51 امرأة تمثل تركيا كسفيرات في بلدان أخرى، ويوجد 4 مديرات عامات من أصل 20 في وزارة الخارجية و24 مساعدة مدير عام من أصل 50، و630 امرأةً في السلك الدبلوماسي من أصل 1850.
وفي آخر انتخابات أجريت في تركيا في 24 من يونيو/ حزيران 2018 كانت نسبة النساء في البرلمان 17.5% تقريبًا بواقع 104 نائبات من أصل 600 نائب، نحو 53 منهن من حزب العدالة والتنمية، وكان هناك رئيسة حزب داخل البرلمان هي ميرال أكشينار رئيسة الحزب الجديد الذي انفصل عن الحركة القومية، حيث حققت في الانتخابات التشريعية الأخيرة النساء التركيات أرقامًا قياسية في نسبة ترشحهنّ، إذ وصل هذا العدد إلى 904 مرشحات، أي ما يعادل21% من إجمالي المرشحين المدرجين في القوائم الانتخابية التابعة للأحزاب التي ترشّحت للانتخابات.
وقد صرحت نوراي كارا أوغلو رئيسة جمعية دعم المرشحات النساء في حوار أُجري معها على موقع "Yesilgazete" التركي بأن "نسبة المرشحات في أقوى ستة أحزاب تركية في الانتخابات المحلية لسنة 2019 كان ضعيفا نسبيا، فمن أصل 1297 مرشحاً من حزب العدالة والتنمية، وهناك 24 امرأة من 842 مرشحاً من الحزب الجمهوري، و44 امرأة من أصل 750 مرشحاً من حزب الحركة القومية".
أما فاطمة كوسا، رئيسة قسم النساء في حزب الشعب الجمهوري التي صرحت لوكالة الانباء الحكومية التركية أن مشاركة المراة في حزبها مشرفة ووصلت في هذه الانتخابات المحلية لنسبة 14.6%، وأكدت غولدن نجار مسؤولة العلاقات الخارجية في الأذرع النسائية لحزب العدالة والتنمية أنّ "مشاركة النساء في النشاطات الاجتماعية تؤثّر بالضرورة على مشاركتها سياسيًا، لأن المرأة هي نصف المجتمع، ولها وجهة نظرها الخاصة في حل المشاكل الاجتماعية والخدماتية، وإشراكها في ذلك سيفيد المواطنين بلا شك".
المرأة التركية مارست السياسة منذ الأزل و جديرة بالثقة والمسؤولية السياسية
أكد المحلل السياسي التركي رسول طوسون في تصريح لـ"ترك برس"، وهو كاتب ومؤلف تركي وباحث مختص في العلاقات الدولية ونائب سابق في حزب العدالة والتنمية، "أن المرأة التركية تمارس السياسة منذ العهد العثماني، وأنها بدخولها هذه المرة في الانتخابات المحلية التي تشهد مشاركة وتنافسًا سياسيًا شديدين، تؤدي دورها كمواطنة ناخبة ومرشحة فى الانتخابات كلها نيابية كانت أو محلية."
ولا يحتكر أي حزب مشاركة المرأة التركية السياسية، فقد رأينا مؤخرا قبيل الانتخابات البلدية ناشطات سياسيات فى الميدان من كل الأحزاب يقدمن الكلمات والخطابات السياسية ويوزعن المنشورات ويزرن المنازل والمحلات التجارية، ويقمن بالدعاية السياسية لصالح أحزابهن ومرشحيهن، إضافة إلى ذلك وجود الكثير منهن كمرشحات لرئاسة البلدية وعضوية مجالس البلدية، كما من الملاحظ فى هذه الانتخابات 31 مارس 2019 إقبالا شديدا من النساء كمرشحات لعمادة الأحياء ومثلا فى بلدة "مارماريس" التركية بها 25 حيا ترشحت فيها 18 امراة تركية.
كما أضاف الدكتور رسول طوسون أن المرأة التركية سياسية محنكة وقادرة على إحراز نجاح سياسي باهر، وهي جديرة بالثقة والمسؤولية السياسية والتاريخ يثبت ذلك فعلى سبيل المثال رئيسة بلدية غازي عنتاب فاطمة شاهين التي يشهد لها الجميع بالنجاح في إدارة بلدية كبرى باقتدار.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!