أحمد الهواس - خاص ترك برس
في الرابع والعشرين من حزيران/ يونيو 2012 كنتُ في ميدان التحرير محتفيًا كما غيري من العرب والمصريين بفوز د. محمد مرسي كأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا في تاريخ مصر الممتد لسبعة آلاف سنة!
وفي 15 من يونيو 2013 بثّ فينا د. محمد مرسي الأمل بالنصر والعودة لبلادنا حين قال لا مجال ولا مكان لحزب الله في سورية لبيك يا سورية أمام آلاف المحتشدين في استاد القاهرة .
وفي 30 يونيو 2013 كنّا نترقب ماذا سيحصل بعد أن حشد الفلول والدولة العميقة وكارهو ما يسمى الإسلام السياسي ضد الحكم المدني الديمقراطي في مصر , ولم تطل الأيام حتى نمّ الانقلاب الغادر الذي اختطف الرئيس الشرعي.
وفي 17 من يونيو 2019 تمّ الإعلان عن وفاة الرئيس الشرعي المختطف في جلسة محاكمة!
ست سنوات قضى الرئيس الشرعي د. محمد مرسي في محبسه دون تُهمة، سوى تهمة واحدة أنّه حرّ أراد لبلده سيادة ولشعبها سلطة فيما أراد المنقلبون سلطة تذّل الشعب مع تبعية لأمريكا وحماية للصهاينة ! وحين لم يجدوا تهمة له قالوا: تهمة التخابر مع قطر وحماس!
قبيل وفاة الرئيس مرسي بمدة قال الرئيس مرسي: إنّه يتعرض لمحاولة تصفية جسدية، ويبدو أن ذلك كان!
مرسي حكم عامًا واحدًا، ولكنه كان أطول مما حكم طغاة مصر مجتمعين من فراعين وعسكر، فقد مارس فيه المصريون المتفقون والمختلفون مع الرئيس مرسي حرّية لم يمارسوها من قبل، وقالوا فيها على الحاكم بشكل علني مالا تجده في أكثر ديمقراطيات العالم تقدمًا!
عام استطاع فيه الرئيس المحاصر بدولة عميقة، ومؤسسات فاسدة، وعسكر لؤماء وغياب تام للمساعدة الخارجية "التقليدية" ومؤامرات داخلية قادتها "معارضة" تافهة رثّة صُنعت على عين مبارك ومخابراته لتشكل شرعية وجود نظام مبارك، استطاع رغم كل هذا أن يحقق نجاحات اقتصادية داخلية وأن يعقد اتفاقات دولية تعود على مصر بالنفع، وأن يبرز كزعيم مستقل جاء بإرادة شعبية ممثلاً لثورة شعبية أطاحت برأس فاسد وتركت جسدًا أكثر شراسة، جسد ينتظر فرصة مواتية لينبت رأسًا جديدًا أكثر فسادًا وقذارة وإجرامًا منذ تولي سلطة العسكر حكم مصر!
شكّل مرسي ومن معه حالة شعبية في قلوب العرب والأحرار في العالم، فقد تمّ الانقضاض عليهم ووضعهم في المعتقلات وتم تصفية الآلاف منهم، وقبل ذلك بدأت شيطنتهم إعلاميًا حيث تدخلت دول إقليمية بصناعة فضائيات همها تشويه الإخوان والتخويف مما يسمى الإسلام السياسي، وكذلك تضخيم السلبيات وإشعار الناس أن الرئيس فاشل لا يستطيع قيادة دولة كبيرة مثل مصر!
حتى جاءت الفرصة المناسبة ليتم ترتيب عسكر "كامب ديفيد" للانقلاب ضد الرئيس المنتخب، حين سارعت دول لتمويل هؤلاء فكانوا أقرب للمرتزقة أو قتلة مأجورين، انقلاب انقلب حتى على أقرب مساعديه ومعاونيه فيما ولم يكتف بأعدائه.
صحيح أن الانقلاب أعاد دولة العسكر من خلال دماء الأبرياء في رابعة والنهضة، ولكن هذه الدماء كانت سببًا لتشكل وعيًا آخر، وتفتح ذهنية شعب أُريد له التنميط والبرمجة من قبل نظام مستبد جاء بانقلاب عام 1952، فقد تبين له حقيقة المؤسسة العسكرية ودورها بعد أن رقص معها في 25 يناير بشعار" الجيش والشعب إيد واحدة" وعرّى حقيقة ودور الأنظمة الوظيفية الخدمية وفي القلب منها أبوظبي الرياض، انقلاب عرّف الناس أنّ أمريكا تعادي الديمقراطية وتمنعها عن المنطقة لأنّها تعني سلطة تستمد شرعيتها من الشعب، وهي تريد سلطة تستمد شرعيتها من رضاء أمريكا، بيّنت أن الثورات العربية هددت الصهاينة فاستعانوا بكلابهم وبعملائهم!
مات مرسي ولم تمت فكرة مرسي في الحرية، مات مرسي ولم تمت كلماته مخاطبًا أبناء شعبه: أن آباءهم كانوا رجالًا لا ينامون على ضيم، ولا يعطون المنية من دينهم أو وطنهم، ولا ينزلون على رأي الفسدة!
مات مرسي، وما زالت كلماته التي عجّلت في الانقلاب عليه مخاطبًا سورية: لبيك ياسورية لا مكان ولا مجال لحزب الله في سورية وموقفه من الشعب السوري ومعاملة السوريين معاملة المصريين تحتل قلوب شرفاء سورية.
مات محمد مرسي ودفع حياته ثمنًا للحرية وثمنًا لنجاح الثورات العربية، مات محمد مرسي معريًا من ادّعوا العروبة ووقفوا مع الطغاة، ومن ادّعوا اليسار ورقصوا مع المجرمين، ومن باعوا الناس فنًا فإذا بهم عراة أمام الناس كما كانوا عُراة "في غرف الرذيلة" أمام كاميرات الأمن وهي تصورهم بأوضاع مخلة وتستخدمهم عند الطلب، مات محمد مرسي بعد أن فضح العلمانيين وكشف حقدهم على الإسلام، مات محمد مرسي وقد كشف الغطاء عمن وقف مع الانقلابيين من شواذ ومثليين وعمائم فاسدة وبيّن للناس ما الجامية ومن هم حزب النور وما حقيقة من وقف مع الانقلاب من أنبا الأقباط إلى شيخ الأزهر!
مات من كان عقبة كأداء أمام جنرال فاشل أصبح مادة للسخرية خلال ست سنوات في كل فضائيات العالم، ووسائل التواصل الاجتماعي، وبين أقرب المقربين إليه، ولهذا سارع لقتل من يمثل الشرعية ليقال إنه الرئيس، ونسي أو تناسى أنه قتل من يمثل الشرعية ليعيدها من حيث لا يعلم لأصحابها وهم بالملايين!
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس