ناصر ناصر - خاص ترك برس
اعتبر البرفسور الإسرائيلي المختص بشؤون الشرق الأوسط تسيبي بار إيل، وفي موقف نابغ له جاء في مقالته في صحيفة هارتس في 13 أيلول/ سبتمبر بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نجح حتى الآن في المناورة أو الموازنة بين ضغوطات الدول الكبرى وتحديدا الولايات المتحدة وروسيا، وذلك من خلال استثماره لمكانة تركيا (كدولة مفتاح)، كما نجح الرئيس أردوغان في الحفاظ على الاستقرار الداخلي رغم استقالة عدد من كبار الشخصيات لحزب العدالة والتنمية فكيف فعل ذلك؟.
يرى بار إيل أن الضعف الأمريكي تجاه تركيا هو أحد أسباب هذا النجاح كما ظهر هذا جليا - وفق رأيه - في صفقة s-400، وفي عدم وجود خطة أمريكية بديلة لمواجهة خطة أردوغان التي سماها عملية نقل وليس إعادة اللاجئين السوريين للمنطقة الآمنة ضمن ما اعتبره كاتب المقال - المتعاطف بوضوح مع مطالب المسلحين الأكراد بالسيطرة على أقاليم واسعة بشمال سوريا - بالحرب الديموغرافية – وهي حرب تعرفها إسرائيل جيدا إذ أنها قامت عليها واستخدمت أهم وأخطر أساليبها وهو التطهير العرقي والإبادة الجماعية للفلسطينين وخصوصا في العام 1948 وذلك في إطار سياستها الاستعمارية الكولونيالية الآخذة بالتوسع حتى هذه الأيام.
كما اعتبر بار إيل أن أمريكا تخشى من مواجهة تركيا عسكريا أو من فرض عقوبات قاسية ضدها بما قد تسبب في الإضرار بمصالح أمريكا القاضية ببقاء تركيا في حلف شمال الأطلسي – الناتو- أو تعزيز العلاقة الاستراتيجية مع الخصم الروسي، مشيرا إلى أن احتمالات النجاح الروسي في منع خطط أردوغان في شمال روسيا (دون أن يفرق بين شرق الفرات أو غربه) أعلى من الأمريكي وبالتالي تقدم روسيا خدمة للمصالح الأمريكية، مضيفا بأن روسيا ما زالت تتخبط بعلاقتها مع أنقرة التي تعيق خطط روسيا في سوريا مؤكدا أنها لا تريد خسارتها بعد موقف تركيا الصارم من صفقات السلاح معها.
أما من الناحية الداخلية فقد اعتبر بار إيل في هارتسـ وفي شهادة نادرة وقد تكون – مخالفة – بتقديرات الكثير من المراقبين خاصة من خصوم تركيا عموما وحزب العدالة والتنمية خصوصا، اعتبر بار إيل بأن استقالة شخصيات من الحزب كعبدالله غُل وعلي باباجان وأحمد داود أوغلو هي مؤشر على زيادة قوة وسيطرة أردوغان على حزبه، وكأنه يشير بذلك إلى أن بقاء شخصيات معارضة جوهريا لأردوغان في الحزب لن يساهم في استقرار وتطور الحزب الحاكم.
ومن نجاحات الرئيس أردوغان الاقتصادية التي أشار إليها الكاتب في صحيفه هآرتس انخفاض معدل التضخم بتركيا بشكل جوهري وذلك بسبب خطط الرئيس أردوغان في هذا المجال، ولم ينفِ بار إيل وفق مقاله – احتمالية أن يكون سبب انخفاض التضخم – هو تراجع بحجم الاستهلاك نتيجة لارتفاع الاسعار.
هكذا إذن نجح الرئيس رجب طيب أردوغان في بعض أهم سياساته الإقليمية والاقتصادية والحزبية بشهادة من لا يتهم بحال من الأحوال إنه مؤيد أو متعاطف مع أردوغان والذي يبدو ماضيا في تعزيز مصالح تركيا الوطنية داخليا وخارجيا، رغم كل التحديات والعقبات التي ما زالت تركيا تواجهها حتى الآن.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس